قال رئيس الوزراء الروسي دميتري ميدفيديف إن موسكو سترد على أي عقوبات جديدة "بطريقة غير متماثلة" وربما تستهدف رحلات الطيران التي تحلق فوق روسيا إذا ما استمرأ شركاؤها الغربيون "إغراء استخدام القوة في العلاقات الدولية". وألقى ميدفيديف باللوم على الغرب في الأضرار التي لحقت بالاقتصاد الروسي من جراء حزم العقوبات المتعددة "الغبية" لكنه كرر قناعة موسكو بأن لها اليد العليا في أسوأ مواجهة مع الغرب منذ الحرب الباردة. ونقلاً عن "رويترز" من مقابلة مع صحيفة فيدوموستي الروسية اليومية نشرت أمس، قال ميدفيديف إن روسيا ربما تحلت بكثير من الصبر قبل الرد على العقوبات التي فرضتها حتى الآن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بسبب الأزمة الأوكرانية وأوضح أن هذا الخطأ لن يتكرر. وقال: "إذا ما كانت هناك عقوبات ترتبط بقطاع الطاقة أو المزيد من القيود على القطاع المالي الروسي سنضطر إلى الرد بطريقة غير متماثلة". ووافق الاتحاد الأوروبي على فرض عقوبات جديدة على روسيا من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ اليوم، لكنه قال إن من الممكن تعليق العقوبات للسماح لموسكو بإظهار رغبتها في حل الصراع في أوكرانيا الذي أسفر عن مقتل نحو ثلاثة آلاف وفجّر أسوأ مواجهة بين روسيا والغرب منذ الحرب العالمية الباردة. وقال مصدر أوروبي إن العقوبات الاقتصادية الجديدة التي من المفترض أن يقرها الاتحاد الأوروبي تفرض قيودا على الشركات النفطية الروسية العملاقة مثل "روسنفت" و"ترانسنفت" والمجموعة العملاقة في مجال الغاز "جابرزم" وتعرقل وصولها إلى الأسواق المالية. وأضاف أن هذه الشركات الثلاث "تلبي المعايير" التي وضعها سفراء الدول الأعضاء الـ 28 لفرض قيود جديدة على تمويل المصارف ومؤسسات الدفاع والنفط الروسية والتي تبلغ حصة الدولة فيها أكثر من 50 في المائة. وتوقع تقرير اقتصادي نشر أمس تراجع اعتماد دول الاتحاد الأوروبي على واردات الغاز الروسي القادم عبر شبكة خطوط الأنابيب التي تمر بأراضي أوكرانيا بعد أن خزنت دول الاتحاد كميات كبيرة من المخزون في مستودعات تحت الأرض وهو ما يقلل مخاطر تعرضها لأزمة في إمدادات الغاز خلال فصل الشتاء المقبل كما حدث خلال السنوات الماضية. ونقلت وكالة بلومبرج للأنباء الاقتصادية عن تقرير مؤسسة إي.يو ستريم التي تتولى تشغيل شبكة أنابيب الغاز في سلوفاكيا إن متوسط تدفق الغاز يوميا عبر محطة فيلكي كابوساني على الحدود السلوفاكية - الأوكرانية وهي أكبر منفذ لعبور الغاز الروسي إلى الاتحاد الأوروبي تراجع الشهر الماضي إلى مستوى قياسي، في الوقت الذي أشارت فيه بيانات مؤسسة "جاز إنفراستركشر يوروب" المعنية بمصالح مستهلكي الغاز في أوروبا إلى ارتفاع معدلات مخزون الغاز لدى دول الاتحاد إلى مستوى قياسي أيضا. وتوصل مبعوثو كل من أوكرانيا والانفصاليين الموالين لموسكو الذين يحاربون قوات كييف في شرق البلاد وروسيا يوم الجمعة لوقف لإطلاق النار لكن الهدنة هشة. واستؤنف القصف قرب ميناء ماريوبول المطل على بحر آزوف يوم السبت بعد ساعات معدودة من اتفاق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني بيترو بوروشينكو على استمرار الهدنة. وقال ميدفيديف إن العقوبات لم تفعل الكثير لإعادة "الهدوء إلى أوكرانيا". واعترف ميدفيديف بأن الاقتصاد الروسي واجه مشكلات، وأن النمو قد يصل إلى نصف في المائة أو "أكثر قليلا"، لكنه قال إن الحظر الذي فرضته روسيا على واردات الأغذية من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا والنرويج سيساعد الزراعة المحلية لأنه سيدفع المستهلكين المحليين إلى الاهتمام بالمنتجات الروسية كما سيدفع المزارعين الروس إلى انتهاج وسائل حديثة. وقال ميدفيديف: "لم نكن البادئين. بل في الحقيقة كنا صبورين للغاية. هناك رغبة للرد سريعا لكن كان موقف الرئيس هو عدم الرد. لكن بعد عدد من حزم العقوبات يجب اتخاذ قرار. والمهم أن هذا القرار السياسي يلقى تأييدا من غالبية الروس". ولن يعود بإمكان المستثمرين من الاتحاد الأوروبي شراء سندات الخزانة والأسهم أو الحصول على قروض. وتابع أن الغرض من العقوبات هو تعقيد قدرات هذه الشركات على التمويل بطريقة ذاتيه و"إرغام الدولة الروسية على السحب من أموالها". وبموجب إجراء مكتوب، ستتبنى الدول الأعضاء في الاتحاد حزمة جديدة من العقوبات ضد روسيا بسبب تعرضها لسيادة أوكرانيا. وسيتم نشر هذه الحزمة من الإجراءات فور إقرارها رسمياً في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي كي تدخل حيز التطبيق على الأرجح اليوم الثلاثاء، بحسب متحدثة باسم المفوضية الأوروبية. وكان رئيس المجلس الأوروبي هرمان فان رومبوي أعلن الأحد أن الاتحاد الأوروبي "مستعد للتراجع" عن هذه العقوبات الجديدة إذا كان وقف إطلاق النار في أوكرانيا "دائماً" وفي حال بدء محادثات سلام. وتتضمن هذه الحزمة من العقوبات الاقتصادية إجراءات مشددة تستهدف حرية الوصول إلى أسواق المال والدفاع والممتلكات التي تستخدم لأغراض "مدنية وعسكرية والتكنولوجيا الحساسة". كما أضيفت أسماء إلى لائحة الأشخاص المستهدفين بالعقوبات الموجهة تجميد أموال ومنع من السفر إلى الاتحاد الأوروبي. من جهتها، ذكرت صحيفة فيدوموستي أمس أن رئيس الوزراء الروسي دميتري ميدفيديف صرح بأن شركة روسنفت التابعة للدولة والتي تحتاج إلى تمويل لخدمة ديونها الضخمة قد تحصل على 1.5 تريليون روبل (40.6 مليار دولار) من خزانة الدولة. وفي الشهر الماضي قال مصدر حكومي إن رئيس الشركة إيجور سيتشين طلب 1.5 تريليون روبل من صندوق الصحة الوطني أحد صناديق الثروة السيادية في روسيا لمساعدة الشركة على مواجهة العقوبات الغربية بسبب سياسة موسكو في أوكرانيا. ووصف مسؤول لم يكشف عن هويته خطة سيتشين بأنها "مروعة"، واستبعد مصدر حكومي آخر تحدث لصحيفة فيدوموستي أن يقر ميدفيديف الطلب، إلا أن رئيس الوزراء صرح للصحيفة بأن روسنفت التي تستحوذ على 40 في المائة من إنتاج النفط الروسي قد تحتاج إلى مساعدة. وقال: "الرقم يبدو ضخماً و لكن لا ينبغي الانتهاء من كل شيء في عام واحد. عقدت اجتماعا لبحث برنامج روسنفت للاستثمار في الآونة الأخيرة .. ينبغي أن تحافظ الشركة على مستوى الإنتاج لأنها مصدر رئيس للدخل الضريبي. "لذا ينبغي أن نحافظ على مستوى الاستثمار ونحن ندرس المتغيرات المختلفة وأشكال الدعم".