طوال أسبوع كامل حاولت مراراً تجاوز فكرة ظلت تطاردني بأن ثمة تواطؤاً من أكثر من طرف بهدف إسقاط الهلال وهو في طريقه نحو اللقب الآسيوي، سواء أكان هذا التواطؤ متعمداً من البعض، أو بحسن نية عبر شعارات خاوية من المضمون أو قناعات غبية لا تنم إلا عن جهل بتقدير الموقف؛ لكنني عبثاً حاولت؛ إذ تلبستني تلك القناعة بعد أن ظلت ترمي ناحيتي بالشواهد المفحمة والتحليلات المنطقية. لن أقول بأن ثمة غرفة مظلمة في مكان ما تتم فيها لعبة التواطؤ؛ أولاً لأنني لست ممن يعلقون كل الأمور على مشجب نظرية المؤامرة، وثانياً لأنني لا أملك أدلة مادية بوجود تلك الغرفة؛ ولكنني على الأقل بت على يقين بأن ما يحدث للهلال ليس مجرد عبث أو سوء تعاطي مع الحالة الملحة، فأبسط تحليل لواقع الحال يفضي إلى وجود استقصاد واضح تحت ذرائع مختلفة؛ منها ما يدخل في دائرة التواطؤ والمحسوبيات، ومنها ما يرتبط بضعف القرار عند حاملي مفاتيحه ما يجعلهم شركاء في مهمة الإطاحة بالهلال والإجهاز عليه. قلت التحليل المبني على شواهد يدعم هذا الموقف، فكل سياقات الحدث من لحظة رفض استثناء لاعبي الهلال عن مباراة المنتخب الودية تحت ذرائع أثبتت أنها واهية سواء من جهة التناقض الفاضح ما بين تصريحات رئيس الاتحاد أحمد عيد والمتحدث الرسمي عدنان المعيبد، أو عبر رمي الكرة في ملعب المدرب لوبيز كارلو، أو من جهة مساعي رفض كل حلول معالجة الموقف الحرج من بعض أعضاء الاتحاد وبعض أعضاء اللجان؛ رغم أن موقفي ناديي الفتح ونجران المشرفين قد وضعتهم جميعاً في خانك اليك. شركاء التواطؤ لإسقاط (الزعيم) ليسوا فقط مسؤولين وأصحاب قرار، بل ثمة إعلاميين وجماهير تشاركوا في مهمة التحريض والتأليب والاستعداء بكل الأساليب غير الشريفة، ولعل ذلك يقوي حقيقة وجود (لوبي) خفي يقف وراء ترتيب هذا الأمر؛ لربما يقوده متنفذون هنا أو هناك؛ خصوصاً وأن الحملة بدت مرتبة، حتى لم تكن العين تخطئ حقيقة وجود تحالف قوي لا هم له إلا دفع اتحاد الكرة لمزيد من التشدد في قراره، والتعنت في موقفه ضد الهلال تارة بالتهويل وأخرى بالتهديد، وما خفي لعله أعظم. الهلال لم يكن بحاجة إلى منة هذا، ولا إلى فزعة ذاك؛ لأجل تسهيل مهمته لاستعادة اللقب الآسيوي المفقود، ولرفع هامة الكرة السعودية بعدما تنكست جراء السقوط تلو السقوط، اذ كان يبحث عن أقل حقوقه المشروعة، وكان حرياً بأعضاء الاتحاد أن يتسابقوا لأجل الوقوف معه. لا أن يستميتوا في سبيل إحراجه؛ إذ يكفي أن أحداً منهم لم يخرج ليقول كلمة الحق وهو يشاهد عملية تحضيره للعين الإماراتي للإجهاز عليه، وكأنهم جميعاً قد أخذوا قراراً اخفاء الهلال إما خوفاً على مناصبهم، أو تماهياً مع قائد الأوركسترا الذي يدير الجوقة التي تنتظر الصدح بمعزوفة موت (الزعيم). لا حاجة للتبجح اليوم باحترافية الدوري، وأيام الفيفا، اذ تبارى بعض أعضاء اتحاد الكرة على إسماعنا هذه النغمة النشاز، وفي مقدمتهم الرئيس الذي كان عراب انتهاك القانون وتجاوز النظام في غير حالة؛ رغم عزفه على وتر الوطنية في كثير من المواقف، وليته يأخذ الدروس من اتحاد الكرة الإماراتي الذي وقف بقضه وقضيضه خلف (عين الإمارات)، أو على الأقل يأخذ (كورس) سريع لدى اتحاد الكرة الاسباني الذي يجند كل طاقاته لدعم ممثليه في "التشامبيونز ليغ" إلا أن يكون اتحادنا أكثر احترافية منهم، فالعذر كل العذر!.