دفع تملّص بعض الفرقاء اللبنانيين، لا سيما في فريق 8 آذار، من «إعلان بعبدا» الذي أقرته هيئة الحوار الوطني في اجتماعها في 11 حزيران (يونيو) 2012، ويؤكد تحييد لبنان عن المحاور الخارجية وسياسة النأي بالنفس عن الأزمة السورية، رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى إصدار بيان أمس شدد فيه، استناداً الى جلسة الهيئة في حينها، على أن الإعلان صدر عن اجتماع الهيئة إثر مناقشات استمرت 3 ساعات و41 دقيقة وبعدما تلا رئيس المجلس النيابي نبيه بري تعديلات على بعض بنوده وأعلن التوافق على التعديلات. وأكد بيان صدر عن اللجنة التحضيرية للحوار الوطني في رئاسة الجمهورية، أنه تم تأكيد «إعلان بعبدا» في 3 جلسات متتالية عقدت بعد جلسة إقراره وضرورة التزام بنوده، لا سيما منها ما يتعلق بالتهدئة السياسية والإعلامية. وأشار البيان الى تنويه سليمان في إحدى هذه الجلسات التي أعقبت صدور الإعلان، بإشادة مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي والعديد من الدول الشقيقة والصديقة به. وجاء بيان الرئاسة بعد تصريحات لبعض القيادات اللبنانية اعتبرت أن الإعلان «غير موجود» أو أنه كان «مجرد اقتراح» من سليمان «لم يتم إقراره»، أو أنه «ولد ميتاً». أو أنه «حبر على ورق». وعلمت «الحياة» بأن سليمان حرص على تثبيت موافقة جميع الفرقاء عليه وإعادة تبنيه في بيانات لاحقة لهيئة الحوار منعاً لأي التباس. وقال زوار سليمان إنه روى أمامهم كيف أنه بعد مناقشة البيان حاول بعض الحضور اقتراح تأجيل إقراره الى جلسة أخرى وهمَّ بعضهم بالوقوف لإنهاء الاجتماع فطلب من الجميع الجلوس وأعاد طرح البنود طالباً إقراره في تلك الجلسة ولم يعترض أي منهم على أي من بنوده، لا سيما أنه أدخلت تعديلات طفيفة على بعضها بناء لاقتراحات بعضهم. وشدد البيان الصادر أمس على أن «إعلان بعبدا» لم يتضمن أي نص يتعلق بالمقاومة وسلاحها، وأن التصور الذي عرضه سليمان للاستراتيجية الدفاعية، والذي يعترض عليه البعض، طرحه في جلسة أخرى عقدت في 20 أيلول (سبتمبر) عام 2012. وأوضحت مصادر رسمية أنه حرص على إصدار هذا البيان منعاً لأي التباس، خصوصاً أنه لا يتوقف وغيره من المسؤولين عن التأكيد لسفراء الدول الكبرى وللموفدين الدوليين ورؤساء الدول الذين يزورهم أو يتحادث معهم هاتفياً، التزام لبنان «إعلان بعبدا»، وأشارت الى أن سليمان أراد تثبيت الالتزام اللبناني بهذه الوثيقة، لا سيما مع التطورات الحاصلة في شأن الأزمة السورية، وقبل أيام من حضوره اجتماع المجموعة الدولية لدعم لبنان في الأمم المتحدة في 25 الجاري والتي تلتئم على أسس من بينها إصرار لبنان على الحياد وعلى سياسة النأي بالنفس عن الأزمة السورية، وعلى وجوب دعم اقتصاده في ظل الأعباء التي يتحملها جراء تدفق النازحين إليه، جراء هذه الأزمة. وقالت المصادر الرسمية لـ «الحياة» إن تبني الدول الكبرى «إعلان بعبدا»، وخصوصاً ضرورة تحييد لبنان، دفع بعض رؤسائها الى التأكيد في خلال الأزمة الراهنة في شأن السلاح الكيماوي السوري والتلويح بضربة عسكرية رداً على استخدامه، على تحييد لبنان عنها في حال حصلت. وذكرت أن الرئيس سليمان سمع كلاماً مشابهاً من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند خلال لقائه به السبت الماضي في نيس، أتبعه بكلام عن أن أي عمل عسكري يستهدف النظام السوري لا يستهدف «حزب الله»، وأن الرئيس اللبناني حرص على نقل هذه الأجواء والتطمينات الفرنسية الى رئيس كتلة نواب الحزب محمد رعد حين التقاه الثلثاء الماضي. وتعتبر المصادر الرسمية أن مسألة تحييد لبنان كانت مدار بحث أيضاً بين سليمان ووزير الخارجية الأميركي جون كيري ليل الثلثاء وأن الجانب الأميركي يبدي حرصاً على ذلك. ورأت أن المواقف الدولية في هذا الصدد ناجمة في جانب منها عن «إعلان بعبدا» وإجماع اللبنانيين عليه. وكررت المصادر الرسمية القول إن الموقف الأوروبي ما زال على تأييده مبادرة سليمان حول قيام حكومة جامعة يتمثل فيها «حزب الله». وتبع بيان الرئاسة في صدد «إعلان بعبدا» أمس تصريح لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أكد فيه ما جاء في البيان بأن «إعلان بعبدا جرى التوافق بالإجماع على كل بنوده». وكرر ميقاتي انه «جرت مناقشة ملاحظات على بعض بنود إعلان بعبدا (في اجتماع هيئة الحوار) فتم تعديله وأعيد عرضها أمامنا على الشاشة وفي النهاية وافقنا عليها. هذا ما أذكره وهذا ما حصل».