إذا كنا قد تساءلنا بعد الهزائم المذلة في المونديال الماضي: هل انتهى زمن البرازيل؟! فماذا عسانا أن نقول بعد الخروج المؤسف من كوبا أميركا على يد الباراغواي؟! أتذكر الآن أغنية خفيفة الظل، كان يشدو بها المطرب السوداني سيد خليفة، والتي يقول فيها البامبو السوداني .. لا سامبا ولا رومبا! بالفعل لم تعد البرازيل ترقص السامبا، وكيف لها أن تفعل والمدرب دونغا يلعب أمام الباراغواي بعشرة مدافعين! عشاق البرازيل، أحبوها لأنها تقدم خلطة تمتزج فيها كرة القدم الجميلة مع كرة القدم الفعالة في آن واحد، وكان هذا هو سر البرازيل الذي لا يقدر عليه غيرها، ومن هنا كانت الشعبية الطاغية في كل مكان بالدنيا، فمن يقدم ما لا يقدر عليه غيره يستحق الناموس! تعلق الناس بالبرازيل لأن الكرة الجميلة كانت تنتهي دائماً بتسجيل الأهداف، والأهداف كما نعرف هي اللحظة الرائعة في كرة القدم، وتعلقوا بها أيضاً لأنها فريق بطل، فالأجيال وراء الأجيال لا تتعلق إلا بالفرق البطلة، وكان ذلك هو بالضبط لسان حال البرازيل التي لم تنقطع شعبيتها من جيل إلى جيل. أنظر اليوم إلى الحقيقة المؤلمة: على مستوى الشباب تختفي البرازيل، تخسر من صربيا في نهائي بطولة العالم، بعد أن كانت هذه البطولة لعبة البرازيل! كرة القدم النسائية تخسر نهاياتها البرازيل أمام أستراليا، بعد أن كان منتخب النساء ذات يوم أحلى من منتخب الرجال! حتى كرة القدم الشاطئية، تندثر البرازيل وتبرز روسيا! وعلى مستوى الفريق الأول حدث ولا حرج فلا سامبا ولا رومبا! في المونديال الأخير ببلادهم، لم يخرجوا فقط من المونديال، بل خرجوا بفضيحة لا تصدق، عندما خسروا بالسبعة أمام ألمانيا، ويومها قالوا وأجمعوا أن البرازيل أصبحت في ذمة الله، فمثل هذه الكسور العميقة لا تلتئم أبداً! واليوم في كوبا أميركا، لم يتغير الحال، فلا البرازيل هي البرازيل، ولا نيمار هو نيمار، ولا دونغا هو دونغا.. لقد تغير كل شيء! نيمار، لاعب سيئاته أكثر من حسناته! دونغا، من أجل اسمه، يلغي هوية فريق أحبه العالم كله بهويته، هل تتخيل البرازيل وهي تدافع بعشرة أمام فريق متواضع! فعلاً الدنيا تغيرت، كل الثوابت الجميلة إلى زوال، حتى منتخب البرازيل! كلمات أخيرة بالطبع سوف يتبادر إلى ذهنك سؤال يقول: ما هو السبب، لماذا هذا التراجع الذي يشبه التلاشي! هل البرازيل هي التي تتراجع أم أن غيرها هو الذي يتقدم! هل تغير النمط، نمط الناس، ونمط الفرق، فلم يصبح هناك مكان لما يسمى بالكرة الجميلة! هل من الممكن أن يأتي زمن ينحاز فيه الناس إلى القبح بدلاً من الجمال! قد يقول قائل، وهل تشك في أن ذلك حدث فعلاً، انظر حولك! قلت لن أنظر.. اللهم إني صائم!