خفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية جديدة أمس مقلصا تكاليف الإقراض على عكس المتوقع في مسعى لرفع معدل التضخم من مستوياته المتدنية ودعم الاقتصاد المتعثر لمنطقة اليورو. ووفقاً لـ "رويترز"، فقد خفض البنك الأوروبي سعر الفائدة الأساسي إلى 0.05 في المائة من 0.15 في المائة، ما أوصل معدل الفائدة في منطقة اليورو لأدنى مستوى في تاريخه، وأطلق برنامجا جديدا لضخ سيولة في اقتصاد منطقة اليورو المترنح. وخيبت بذلك هذه المؤسسة النقدية في فرانكفورت توقعات محللين كان معظمهم لا يتوقع هذا القرار دون استبعاده كليا، وكان ماريو دراجي رئيس المصرف قد ذكر بعد آخر خفض لأسعار الفائدة في حزيران (يونيو) أنه من الناحية العملية فإن أسعار الفائدة وصلت إلى القاع. وأعرب دراجي عن قلقه من تراجع توقعات التضخم على الأمدين المتوسط والبعيد في منطقة اليورو وأعلن استعداده لمزيد من التعديلات للسياسة النقدية، وقد رأى المراقبون في هذه التصريحات مؤشرا لإطلاق تدابير تسمى "غير تقليدية" أكثر لخفض جديد لمعدل الفائدة. وتباطؤ التضخم في منطقة اليورو إلى 0.3 في المائة الشهر الماضي، وهو أدنى مستوياته منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2009، والشهر الحادي عشر على التوالي تحت عتبة 1 في المائة، ليواصل بذلك انخفاضه عن هدف المركزي الأوروبي البالغ أقل قليلا من 2 في المائة مما يزيد من مخاطر انكماش الأسعار في المنطقة. وقال المركزي الأوروبي إنه خفض سعر الفائدة على ودائع المصرف لليلة واحدة إلى -0.20 في المائة وهو ما يعني أن المصارف تدفع نقودا مقابل إيداع أموال في البنك المركزي، الذي خفض أيضا سعر الفائدة على القروض الطارئة إلى 0.30 في المائة. وتوقف نمو اقتصاد منطقة اليورو في الربع الثاني من العام وبدأت أزمة أوكرانيا تؤثر بشدة في ثقة الشركات، وقال دراجي في مؤتمر صحفي إن مجلس المحافظين يرى أن الاحتمالات الخاصة بالتوقعات الاقتصادية لمنطقة اليورو في جانب الهبوط. وأضاف بشكل خاص فإن تراجع قوة الدفع الاقتصادية قد يؤدي إلى تقليص الاستثمار الخاص وقد يسبب تزايد المخاطر السياسية مزيدا من الآثار السلبية على ثقة الشركات والمستهلكين. وخفض البنك المركزي توقعاته للنمو هذا العام إلى 0.9 في المائة فقط ترتفع إلى 1.6 في المائة في 2015، وذكر دراجي أنه إذا بدا أن التضخم سيظل منخفضا أكثر من اللازم لفترة طويلة فإن مجلس المحافظين متفق بالإجماع على التزامه باستخدام أدوات غير تقليدية أخرى. وأوضح أن قرارات "المركزي" لم تحصل على تأييد جماعي من زملائه برغم أنه كانت هناك "أغلبية مريحة"، وأعلن دراجي أيضا خططا لإطلاق برنامج لشراء أوراق مالية مدعومة بأصول وسندات مضمونة للمساعدة على تيسير ظروف الائتمان في الكتلة، وبحسب مصادر فإن قيمة البرنامج قد تصل إلى 500 مليار يورو (650 مليار دولار) على مدى ثلاث سنوات. كما خفض المصرف أيضا سعر الفائدة على القروض الطارئة إلى 0.30 في المائة، ووفقاً لدراجي فإن مجلس محافظي البنك المركزي بموجب تفويضه سيستخدم كل الأدوات المتاحة لتحقيق استقرار الأسعار في المدى المتوسط. من جهة أخرى، أبقى بنك إنجلترا المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير مع استمرار الاقتصاد البريطاني في النمو رغم أن المخاطر التي تهدد التعافي في الداخل والخارج ما زالت قائمة. وأبقت لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي على سعر الفائدة الرئيسي عند 0.5 في المائة وهو مستوى لم يفارقه منذ ذروة الأزمة العالمية قبل أكثر من خمس سنوات. وسيضطر المستثمرون إلى الانتظار نحو أسبوعين للوقوف على ما إذا كان هناك المزيد من صناع السياسة الذين سيصوتون لصالح رفع أسعار الفائدة بعد أن انشق اثنان من أعضاء اللجنة التسعة عن الصف في آب (أغسطس). وتراجع الجنيه الاسترليني قليلا بعد قرار البنك المركزي ليصل إلى أدنى مستوياته في سبعة أشهر أمام الدولار، وفي ظل اتجاه معدل النمو الاقتصادي إلى تجاوز 3 في المائة هذا العام توقع اقتصاديون أن يرفع بنك إنجلترا أسعار الفائدة في مطلع عام 2015 وقد يكون ذلك قبل أشهر قليلة من إقبال مجلس الاحتياطي الاتحادي "البنك المركزي الأمريكي" على هذه الخطوة.