كثير من الأشخاص اضطرتهم الظروف للعمل في مهن ووظائف لا يحبونها ومن ثمّ لا يجدون أنفسهم فيها ولكنهم مجبرون على ممارستها والخضوع لها من أجل الحصول على لقمة العيش ومواجهة متطلبات الحياة الصعبة بالإضافة إلى الإحساس بالأمان الذي يمنحه مرتب هذه الوظيفة أو تلك ولكن بين الحين والآخر يأخذهم الحنين إلى أحلامهم ويتخيلون أنفسهم في المهن التي كانوا يريدونها ويتطلعون إليها. وفي هذا التحقيق طرحت «اليمامة» على بعض الأشخاص هذا السؤال: هل أنتم راضون عن مهنكم الحالية، وإذا كانت الإجابة بالنفي فهل هذا يؤثر على كفاءتكم فيها؟ أكل العيش في البداية يقول وحيد عبدالصمد «موظف بشركة بتروتريد البترولية» نحن مجبرون على مجاراة ظروف الحياة وما تفرضه علينا من أمر واقع، وهناك أشياء لا بد أن نقبل بها على غير إرادتنا سواء كانت حلوة أم مرة. ونحن في حياتنا لا نستطيع تحقيق كل ما نحلم به، فالظروف تجبرنا على أن نأخذ ما يفرضه واقع الحياة علينا، وأن نضحي بما كنا نحلم به، فالواقع الذي نعيشه الآن لا يحترم أحلامنا حتى ولو كانت صغيرة، ولا يساعدنا على تحقيقها وتظل هذه الأحلام مجرد أحلام تطاردنا بين الحين والآخر. ويضيف علاء أبو عكر «موظف بمعهد الأورام»: الأمان الذي أشعر به مع مهنتي الحالية والراتب الذي أتقاضاه منها حال بيني وبين التفكير في أحلامي، وإن كنت في قرارة نفسي أتحيّن الفرصة كي أمارس العمل الذي سهرت في دراسته الليالي فأنا خريج إعلام بتقدير جيد جيداً. وتقول صفاء مصطفى: حلمت أن أصبح صحافية، وعملت من أجل ذلك بدأب حتى أحقق هذا الحلم، ولكن بسبب ظروف خارجة عن إرادتي ضاع حلمي من بين يدي، فاضطررت للعمل كسكرتيرة تحت تأثير الضغوط. أما محمود كامل مهندس كمبيوتر فيقول: أعمل في محل بيع «فلاتر»، وهو غير ما كنت أحلم به، ولكن ماذا أفعل وقد تزوجت وأنجبت طفلة؟ ولكنني سأحاول جاهداً أن أعمل بمجال الكمبيوتر وهو المجال الذي أحبه مهما طال الوقت؛ لأنني بصراحة لا أجد نفسي في عملي هذا. ويضيف طه المرسي: نحن نجد كثيرين ممن يمارسون مهناً غير التي حلموا بها قد نجحوا فيها وأبلوا بلاء حسناً، آملين بذلك أن يحققوا الرضا النفسي، وكثيراً ما نجد أن هناك من يستسلم لواقع مهنة فرضت عليه أو حالت الإمكانات دون أن يزاول مهنة ترضيه ذاتياً واجتماعياً وعن نفسي عملت في مهنة غير التي أحبها ونجحت فيها لأنني أخلصت لها وعرفت كل خباياها. وتشاركه الرأي مروة عبدالله«معلمة» مؤكدة أنها تمنت أن تلتحق بكلية الهندسة ولكن مكتب التنسيق كان له رأي آخر، حيث ألقى بها في كلية التربية فاجتهدت وتخرجت فيها بتفوق وعملت معلمة رياضيات وأخلصت لمهنتها وأصبحت من المميزات في المدرسة بشهادة زملائها وتلاميذها لأنها تعمل طبقاً للحديث النبوي الشريف «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه» ويؤكد أسامة أحمد أنه تمنى طوال حياته أن يصبح مدرساً ويضيف: درست واجتهدت ونلت الشهادة، ولكن ظروف أسرتي وحاجتنا المادية اضطرتني لممارسة عمل بعيد كل البعد عن حلمي، حيث وجدت نفسي سائقاً، وذلك حتى أدبر لأفراد أسرتي ما يكفيهم من متطلبات على أمل أن يأتي يوم أحقق فيه حلم حياتي. ويقول محمد عبدالمغني «بائع صحف ومجلات»: صعب على الإنسان أن يعمل في مهنة لا يحبها، ولكن ظروف البلد وغيرها من الظروف تجبر الإنسان على القبول بأي عمل وأنا مثل الآخرين مجبر على الرضا بأي عمل حتى أستطيع الإنفاق على أسرتي وأولادي. ويضيف محمد يسري: أعمل من أجل «لقمة العيش» لكنني ما زلت أعتبر هذه المرحلة انتقالية، وأنا في انتظار الفرج للعمل في المهنة التي أريدها وأتمناها، بل وأعشقها وهي الصحافة. ويقول محمد عبدالحميد: ليس أمامي سوى الرضا عن مهنتي الحالية على الرغم من الصعوبات التي أواجهها فيها وأصبّر نفسي دائماً بأن هناك من يتمنى العمل في أي وظيفة دون النظر لماهيتها ولا يجدها.