"اقرأ عشرة آلاف كتاب واقطع عشرة آلاف ميل" (حكمة صينية) *** يحصل أن يتهيأ للبعض أن يكّون له في دائرة خاصة مكانة من خلال أن يطل بكلمات ينمقها ويؤطرها بما يرى أنه يحمل الكثير من المعاني التي لا تقبل أن ينظر إليها أنها تقبل المناقشة أو التأويل وربما المناظرة لأنها في عرفه هي التي قد تمكنت من الإحاطة بكل شيء، وهي طريقة لايقدر عليها إلا النادر (والنادر لاحكم له) كما يتردد على الألسنة والأقلام، إذ إن الفرد من هذه الشاكلة باستطاعته أن يعارض ويفلسف، ويدخل في كل مايطرح في الساحة، وحولها وانه هو المصيب، والذي يحمل جراب الحاوي الذي يخرج منه كهيئة الفكر المعرفي -ذلك في منتداه الخاص فقط- وهو الذي يؤمه الأقارب والرفاق وماسواهم ممن يرى (هو) أنه يقدم لهم العجاب من المعارف قولا بعد قول، ولكن حين المواجة التي قد تطرأ في إبداء رأي ولو للمحاورة فإنه يلجأ إلى المراوغة خصوصا عندما يكون المطلوب كتابة، فالتوجه دوماً للتعالي والروغان بحجة الانشغال بما هو أهم، أو عدم السعة في الوقت، وأن الأمر مفروغ منه، ومن مثل ذلك من النفخ في كرة المعرفة قولا، ولكن هناك من ينوب عنه لابسا ثوبه، وكأنه هو مردداً ماسمع منه وكفى. لأن المبهورين الناقلين يتقبلون أشياءه لأنهم من اختياره حيث جمعهم واحتواهم وسيطر عليهم فصاروا مستلبين دون وعي، نظراً للتعود على هذا المنوال الذي اشتركوا فيه بما أعطاهم من جرعات تمكن من خلالها أن يكون قوله هو الذي يمكن أن يكون الراجح أبدا، وهذه المسألة التعودية التي تحتوي من حوله لابد أن تسود لأن المعرفة الحقة تتوجب التعمق، والتعمق يحتاج الوقت، والوقت يحتم التنظيم، والتنظيم صعب المنال لأنه لايقدر عليه إلا الإنسان الذي يملك استعداداً فطرياً، أو الموهوب الذي نمَّى موهبته بالاكتتساب، وفي ذلك تعب ولكنه في سبيل المعرفة مستحب ومقبول، ولكن (العارف) كما يرى نفسه أنه عملاق ومفكر، وشاعر على جميع الأشكال حسب تقويمه لنفسه، وكقناعات المقابل الذي غالباً مايكون من أصحاب الخلفيات البلقع حيث أصدروا عنه الكتب وكتبوا عنه المقالات، وجمعوا له الأشعار ولم يبخلوا عليه ولم يرعوا عن وصفه بالمفكر العملاق، والناقد الفذ. مناظرٌ ومطارح في الآراء، كما يبدو في الساحة، ويحاول أن يقنع الآخرين بأن له من القدرات ما ليس لسواه، وأن لا أحد يستطيع أن يصل مداه، ويحرص جداً على أن يكون في الصورة، ولو أنه يدعي عدم رضاه، فهو الذي يتصل وهو الذي يعرض بضاعته مهما كان ثمنها لكي لا تغيب عنه شمس الإعلام حتى ولو كان غائباً في إمكاناته وأرائه التي أخنى عليها الزمن، فهو -في رأيه- الراصد، والمتابع والمقدم، والويل لمن لم يستأنس برأيه في تقويم عمل إبداعي ما، من ألسنة الحواريين المقربين، أما في ميدان الرأي فلا أحد. مهما كتبوا عنه تمجيداً وتسويقاً. * لحظة: (للشاعر كامل الشناوي) حبيبها لست وحدك * حبيبها أنا قبلك حبيبها وروت لي * ماكان منك ومنهم فهم كثير ولكن * لا شيء نعرف عنهم فيحفر الحب قلبي * بالنار بالسكين وهاتف يهتف بي * حذار يا مسكين فسرت وحدي شريدا * محطم الخطوات تهزني أنفاسي * تخيفني لفتاتي كهارب ليس يدري * من أين أو أين يمضي شك ضباب حطام * بعضي يمزق بعضي