تراجعت الآمال بالإفراج عن دفعة جديدة من العسكريين اللبنانيين المحتجزين لدى «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش»، وعادت أجواء الخوف لتحل مكان أجواء الفرح التي شهدها بعض المناطق إثر إطلاق 5 عسكريين ليل السبت الماضي، بتسلّم الجيش اللبناني بعد ظهر أمس جثة عسكري قال أكثر من مصدر إنها تعود الى الجندي علي السيد علي، الذي كان تنظيم «الدولة الإسلامية» أعلن ذبحه في شريط مصور بثه ليل الخميس الماضي (للمزيد). وتواصلت أمس تحركات أهالي العسكريين المحتجزين، بقطع الطرق في مناطق عكار والطريق الساحلية في الشمال، وفي البقاع ومنطقة الشوف. ونصبت خيمة دائمة للاعتصام في بلدة المحمرة في عكار من أجل حض الحكومة على تسريع مبادلة العسكريين المحتجزين بالمطالب التي يطرحها الخاطفون. ونظمت وقفة تضامنية مع الأهالي انتهت الى مطالبة رئيس الحكومة تمام سلام بـ «القيام بمبادرة إنقاذية سريعة وبكل ما يلزم للإفراج عن أسرانا، إن كان بالتفاوض عبر هيئة العلماء المسلمين أو غيرها أو بالتواصل مع الدول المؤثرة». واعتبر بيان صدر عن الفعاليات التي شاركت في الاعتصام أنه «لا تنتقص هيبة الدولة بتفاوض أو بتنازل ما حفاظاً على أرواح جنودنا الأسرى، بل ما يمرغ هيبتها ويمس كرامتها هو استقبالها أسرانا مقطوعي الرؤوس». ودعت الفعاليات سلام الى «إعلان من يعرقل في الحكومة هذا الأمر لنعرف من هو غريمنا ويريد زجّ الجيش في معارك لا طاقة له بها». ودعا الأهالي المسؤولين الى اتخاذ قرارات «جريئة». وكانت قيادة الجيش أعلنت أنها ستجري فحوص الحمض النووي للتأكد من هوية جثة الجندي التي تسلمتها أمس، وما إذا كانت لعلي السيد علي. وقال والد الجندي علي من بلدة فنيدق في عكار أمس، إن النتائج ستظهر قبل ظهر اليوم. وتزامنت أجواء الترقب والتشاؤم التي رافقت تسليم الجيش الجثة، مع أنباء عن أن اتصالات الوسطاء مع «داعش» تهدف الى تمديد مهلة الثلاثة أيام التي حددها التنظيم في شريط فيديو بثَّه السبت وظهر فيه 9 من العسكريين لديه يطالبون أهاليهم بالضغط على الدولة لتلبية مطالب الخاطفين وإلا لجأ التنظيم الى قتل المزيد منهم. وذكرت مصادر في «هيئة العلماء المسلمين»، التي أكدت أن لا اتصالات لديها مع «داعش»، أن بعض السعاة من الذين يقومون بعمل إغاثي استخدموا صلات عشائرية من أجل الحصول على جثة الجندي التي سلمت أمس ويسعون الى تمديد المهلة التي أعطاها «داعش». أما في شأن تبدد الآمال بأن تفرج «جبهة النصرة» عن مزيد من العسكريين، فتقول مصادر مطلعة إن الوساطات مع الاخيرة انتهت الى أنها لن تُقْدِم على أي خطوة إيجابية بعد الآن من دون مقابل، وأنها ستعتمد مبدأ إطلاق 10 موقوفين في سجن رومية من قبل السلطات اللبنانية مقابل إطلاقها كل عسكري من المحتجزين لديها. وفي وقت تردد أن المسؤولين باشروا البحث في آلية التبادل، بالإفراج عن سجناء غير محكومين، فإن أوساطاً متابعة لم تستبعد أن تعطى الأولوية في هذا المجال لإطلاق سوريين. وقالت مصادر مطلعة إن الرئيس سلام سأل أمام زواره عن أسباب المزايدة على الحكومة في تحركها، مؤكداً أن ما تقوم به هدفه إنقاذ العسكريين. ودعا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى تسريع محاكمة الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية لأن تجميد المحاكمات مخالف لمبدأ العدالة. واعتبر أن ملف العسكريين المخطوفين يتطلب مقداراً من العقلانية والرويّة والهدوء». وفيما قالت مصادر مواكبة لتحرك الوسطاء مع «النصرة» إنها لم تطرح لائحة بأسماء الموقوفين الذين يهمها إطلاقهم، فإن هذه المصادر أشارت الى أن «النصرة» تطالب باعتذار عن حرق الراية الإسلامية في منطقة الأشرفية وبإقلاع «التيار الوطني الحر» عن الدفاع عمن قاموا بالعمل، وبانسحاب «حزب الله» من سورية. ولفتت المصادر الى أن بعض أهالي المخطوفين بذلوا جهوداً في شأن بعض هذه المطالب، فدانت شقيقة أحد الجنود ويدعى جورج خوري أول من أمس الأحد، حرقَ الراية الإسلامية التي ترفعها «داعش» و «النصرة»، ودعت «حزب الله» الى وقف تدخله في سورية، كما أن النائب في «التيار الحر» إبراهيم كنعان أوضح أن توكّله للدفاع عن الشبان الذين أحرقوا الراية إزاء الملاحقة القضائية تم بصفته الشخصية كمحامٍ وليس باسم التيار، مؤكداً رفضه التعرض للرموز الدينية لأي طائفة. وأملت المصادر بأن تساعد هذه المواقف الوسطاء في تحركهم مع «داعش» و «النصرة»، خصوصاً أن «النصرة» كانت أحجمت عن إطلاق جنديين مسيحيين إثر حرق الراية. وأملت هذه المصادر في أن يساعد إبلاغ الوسطاء محتجِزي العسكريين أن الحكومة أبدت استعداداً للنظر في أوضاع بعض الموقوفين والمخارج القانونية لتسريع إخلائهم، في تليين موقف «النصرة» و «داعش» في التفاوض على إخلاء العسكريين.