** قبل أن أبدأ مقال اليوم لفت انتباهي أمران : الاول تصريحات وزارة التربية المتناقضة بشأن الزي المدرسي للطالبات ، فهناك تعميم يفيد أن تطبيق الزي الجديد سيكون بعد سنة كاملة من الآن لكن الوزارة اعلنت الاسبوع الماضي ان الأمر (فيه سعة) فمن أراد من الطالبات لبس الجديد (فلا باس) ومن ظلت على الزي القديم (فلا بأس) وهنا يكمن ارتباك القرار الذي لم يكن حاسماً ولا حازماً، ومن الآثار السلبية لهذا القرار ان الفصل الدراسي الواحد سيكون خليطاً من الالوان، مما يتضاد مع مبدأ تربوي بدهي وهو تساوي الجميع. الأمر الثاني ان بداية عودة المعلمين جاءت متزامنة مع اشتداد الصيف وضراوة الحر اللاهب وسيتبع ذلك بدء المدارس بعد ان تكون حدة الصيف قد انكسرت .. وهذا يحتم على وزارة التربية مراجعة عاجلة للتقويم الدراسي الحالي والمستقبلي، بحيث نوفر لابنائنا اجواءً دراسية جاذبة، لا مناخات متخمة بالطقس الحار والرطب معاً، خصوصاً ولدينا كم هائل من المدارس المستأجرة وفصول متخمة بالطلاب والطالبات. ** ونعود لموضوعنا ونقول ان على وزارة التربية ضبط مسألة (المشاريع التربوية) التي اندلعت في السنوات الاخيرة بمسميات رنانة، ومضامين شبه خاوية والمجتمع الطلابي حقيقة لا يمكن ان يفيد من المشاريع الاستعراضية، التي تكون في عدد غير قليل منها على طريقة (نحن هنا) .. ابناؤنا يريدونا «مشاريع» متقنة ومدروسة وذات قيمة وجدوى، ولها مخرجات على الارض ، تنعكس على محصلاتهم المهارية والاكاديمية والوجدانية. ** ومن المهم ايضا الا تجد على باب مدرسة ما عبارة (المدرسة الرائدة) بينما تجد بالداخل ضعفا واضحا في مستوى المعلمين واساليب تدريسهم وتجد ان كراساتهم غير مصححة لايام كثيرة، كما كنت أرى بنفسي وانا في التعليم وألا تكون دورات مياهها متردية، ومقصفها المدرسي أكثر من ضعيف .. نريد في الواقع مكونات تعليمية اسماً على مسمى والا فلا ، لاننا قد شبعنا من العبارات والمشاريع الفضفاضة، تلك التي يتمظهر من خلالها بعض منسوبي التعليم ليقنعوا الاخرين بجميل ابداعهم الهلامي. ** نتطلع في الواقع لرؤية كل مديري تعليم ، وقد صاروا بالفعل (رجال المرحلة) .. وفي ذواتهم واعماقهم الكثير من انفاس ورؤية وطموح الأمير خالد الفيصل، وهذا على الوزارة ان تعيد رؤيتها في وضع الرجل المناسب في المكان الناسب، لان مدير التعليم هو الوزير في منطقة او محافظة ، ولابد ان يكون صاحب قرار ورؤية معاً.. والرؤية تتضمن ان يكون صاحب فكر يستوعب ماذا يعني حاضر بلادنا حالياً، وما هي استراتيجيتها القريبة او البعيدة المدى لتعليم مختلف شكلاً ومضموناً. ** ونتطلع الى تعليم شفاف بهي، ليس فيه واسطات ولا وجاهات بل فيه مبدأ تكافؤ باوضح صورة لكل مبدع أياً كان اسمه، بحيث يعرف مديرو التعليم ان زمن ادناء هذا وابعاد ذاك قد انتهى الى غير رجعة لسبب بسيط وهو ان التعليم لابد وحتما ان يكون اجمل مجالات حياتنا وأكثرها اشراقة وبياضاً، وانه يجب ان يكون النموذج الذي يحتذى من كل مؤسسات المجتمع، فاذا ارادت ادارة من الادارات الحكومية والاهلية ان تتقدم فانها تنتظر للتعليم وتقتفي اثره كما هو حالنا اليوم مع شركة ارامكو التي سجلت وتسجل حضوراً بهياً في مجتمعنا بدقة عملها وانضباط ادائها. ** وبقيت نقطة صغيرة وهي الاعلام التربوي وعلى اهمية هذا الجانب فان الوزارة حتى الآن لم تعطه الرعاية المطلوبة، وعليه لابد من ان يكون العاملون في هذا الجانب على قدر كبير من الكفاية والتأهيل والواقع انني كثيراً ما اتعجب من بعض اقسام الاعلام التربوي في اكثر من ادارة تعليم عندنا، حيث نلمس نحن في عالم الصحافة ضعفاً واضحاً لدى اولئك الزملاء في الاسلوب والاداء والتطبيق، بما يوجب سريعاً اعادة تأهيلهم ، او احلال أفضل منهم مكانهم.