مع اضطراب الأوضاع في المنطقة وبروز خطورة الجماعات والمنظمات الإرهابية، على اختلاف مذاهبها ومصالح الداعمين لها، نعود إلى الحديث حول ضرورة (العمل على تقوية الجبهة الداخلية)، ومما يقوي الجبهة الداخلية ويساعد في الحرب على الإرهاب هو عدم الانتقاص من دور مؤسسات الدولة ومعها أصحاب الفضيلة العلماء والمشايخ لمواجهة ظاهرة الإرهاب، فمؤسسات الدولة مع مرور الزمن طورت الخبرة الفنية الضرورية لاحتواء ظاهرة الارهاب بما تسمح به الأساليب القانونية والأخلاقية واعتبارات الدولة وأدبيات الحكم. أهم آلية اتبعتها مؤسسات الدولة، بالذات وزارة الداخلية، هو تبنيها سياسة الاعتماد القوي على دعم المجتمع لجهودها، فالمحارب الأول للإرهاب هو المجتمع، فنحن جميعا لمسنا وعانينا من خطورة هذه الظاهرة على أبنائنا وعلى حياتنا العامة حيث اضطررنا إلى تحصين منشآتنا ومرافقنا وتعقدت ظروف حياتنا بسبب الارهاب وشروره، والاسوأ هو الضرر الذي لحق بسمعة بلادنا. مهم لمسار حياتنا اليومية أن نعزز ثقة المواطن بأداء مؤسسات الدولة وقدرتها على ضبط الأمن، فهذا يساعد على تواصل الناس مع المؤسسات الأمنية ويشجعهم على المبادرة للتنبيه والتحذير لكل ما قد يكون خطرا على أمن بلادهم، وقد شهدنا كيف أن ثقة الناس بمؤسسات الدولة قادت إلى كشف خلايا إرهابية والقبض على عصابات الاجرام والمخدرات والتهريب والفساد. تقوية الجبهة الداخلية ضروري للمضي في مشروع الإعمار الكبير لبلادنا، وفي لقاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بالسفراء المعينين الجدد أمس الأول قال السفراء شهادة حق في بلادنا، وهؤلاء لا يعملون لدينا ولا يخافوننا ولا يرجوننا، ونيابة عن السفراء قدم سفير المملكة المتحدة صورة مقارنة واقعية نراها جميعا، وهي صورة الاعمار حيث (تقام الجسور وتبنى الأبراج وتعمر الصحراء، وتعبد الطرق وتشيد المصانع وتؤسس البنية التحتية في المملكة العربية السعودية)، بينما في المقابل، على حد وصفه، (يضرب العنف والإرهاب وتسيل الدماء في المدن والعواصم حولنا). تقوية الثقة بمؤسسات الدولة يساويه بالضرورة والأهمية ضرورة تقوية موقف أصحاب الفضيلة رجال الدين والعلماء والمشايخ ممن لهم الموقف الواضح الرافض للارهاب والعنف، وهؤلاء ولله الحمد هم الأغلبية والأكثرية من علمائنا ومشايخنا، لان تبني بعض المتنفذين في الإعلام موقفا سلبيا مشككا ومخوٍّنا لدور هؤلاء هو الورقة القوية التي يستخدمها قادة الفكر المتطرف لجذب الشباب وتجنيدهم واستغلال عاطفتهم الدينية، فالتخاطب والتحادث والحوار مع العلماء، حتى وان كان مخالفا وفي حدود أدب الحوار، يُستثمر لتجنيد الشباب تحت دعوى ومزاعم ان هذا حرب على الدين. أصحاب الفضيلة العلماء والمشايخ كانوا في طليعة المواجهة لمحاربة الارهاب والتصدي له، وهم يقومون بواجبهم الديني والوطني والإنساني، وبعد دعوة الملك عبدالله للعلماء والمشايخ وقادة الفكر والرأي والإعلام لان يقوموا بدورهم لمحاربة الإرهاب، بعد ارتفاع راياته مرة اخرى، كان أصحاب الفضيلة العلماء والمشايخ أول المبادرين لتلبية دعوة الملك حفظه الله، وهذه رسالة صريحة وواضحة لكل من يريد أن يشوه موقف الدين في حياتنا، فالدين صمام أمان نفسي واجتماعي وأخلاقي لمجتمعنا، اذا نحن استجبنا لآفاقه الإنسانية العظيمة المتسامحة المقبلة على الحياة والتي تعظم الانسان وما كرمه الله به من حقوق لحفظ نفسه وعرضه وماله.