×
محافظة المنطقة الشرقية

حفر مخيفة ظهرت على سطح الأرض.. فجأة

صورة الخبر

صحيفة المرصد : استفاق مركز تمير صباح أمس ليجد نفسه، وقد تحول من خبر بسيط في صفحة داخلية إلى "مانشيت عريض" على صدر الصفحات الأولى لصحف البلاد، وذلك عقب أن كان مسرحا لعملية أمنية أطاحت بـ8 من المحرضين على القتال في عدد من مناطق النزاع، وأهمها الأراضي السورية. وتشير مصادر مطلعة على ملف المحرضين إلى أن زعيمهم كان لا يدعو للدولة أو لولاة الأمور في خطب الجمعة، كما أنه لا يستجيب لأداء صلاة الاستسقاء عند تأخر المطر. الكثير من القصص التي يندى لها الجبين، يفاجئك بها أهالي تمير (المركز الهادئ الذي لا يبعد سوى 140 كيلو مترا عن قلب مركز صناعة القرار السياسي في المملكة)، وهم يروون معاناتهم مع المحرضين الذين لم يفتؤوا طيلة الـ10 سنوات الماضية من استغلال منطقتهم الهادئة وجعلها مسرحا لتجاذب فكري، يفضي إلى الاقتناع بفكرة "الموت". الرحلة من العاصمة إلى تمير، استغرقت ساعة كاملة، مع مراعاة اضطرار سالكي طريق الرياض القصيم لكبح سرعة مركباتهم تجنبا لمخالفات كاميرات "ساهر" التي تنتشر على ذلك الطريق. تمير، واحد من أكثر من 30 مركزا يتبعون إداريا لمحافظة المجمعة. ويقدر عدد سكانه طبقا لتقديرات رسمية بـ10 آلاف نسمة. أحد سكان المركز تفاجأ بهذا الرقم. وقال "كنت أعتقد أن عددنا لا يتجاوز الـ4 آلاف كأقصى تقدير". يتمتع مجتمع تمير بميزة الكرم، كغيره من المكونات الشعبية في المملكة. ولكن أهالي المركز عبروا عن ذلك صراحة من خلال تبني بلديتهم لمجسمين جماليين يصادفهما الزائر قبل الدخول إلى المركز، الأول عبارة عن 4 دلال قهوة تتوسطهما "مبخرة ضخمة"، أما الثاني فكان على شكل 4 أطباق من الفاكهة يتوسطهما صحن عملاق وقد استراح في منتصفه جمل، في إشارة إلى أقصى درجات الكرم. تتركز المصالح الحكومية في تمير في وسط المنطقة. فلا يفصل البلدية عن مركز الشرطة والمستشفى والمحكمة الشرعية والمجلس البلدي سوى أمتار قليلة. وليس من المبالغة القول إنك تستطيع قضاء كافة التزاماتك في الدوائر الحكومية سيرا على الأقدام. ولعل أكثر ما يلفت في مركز تمير غياب المطاعم التي تقدم الوجبات السريعة "الفاست فود" محلية كانت أو غربية. لا تختلف أجواء "تمير" عن أجواء العاصمة الرياض، فدرجة الحرارة في فترة النهار تتجاوز الـ40 درجة مئوية، فيما تسهم المزارع والأرياف التي تحيط بضواحي المركز بتلطيف الأجواء في فترة المساء وجعلها مقبولة نوعا ما. وعلى الرغم من أن مركز تمير مرتبط بمحافظة المجمعة عبر طريق الرياض القصيم، إلا أن وزارة النقل تعكف على مشروع يختصر ربط تمير بالمجمعة لنحو 20 كيلو مترا. مركز تمير، يقع في وسط بيئة جبلية ليست ذات تعقيد كبير. ولكنها تسهم في تأخر بعض المشروعات كمشروع طريق تمير المجمعة الجديد والذي يشق منطقة جبلية وعرة بعض الشيء. عزل الشباب عن واقعهم اليومي وتواصلهم مع المجتمع عبر الانغماس في المجاميع العائلية، قد يكون أحد أبرز الأسباب التي دفعت بعض المحرضين إلى استغلالهم وإقناعهم بمجالسهم المشبوهة والتي دفعت بالعشرات منهم إلى مناطق الصراع. ومن الأمور الصادمة في تمير أن تجد لوحة كتب عليها "فضلا.. جلسات عوائل ممنوع دخول العزاب"، تستقبل زائر المركز منذ لحظات دخوله الأولى. الرفض التام لدعوات التحريض التي كان المحرضون الثمانية يجيشون الشباب من خلالها، كان السمة الأبرز التي استقبل به أهالي تمير التساؤلاتحيال الأسباب التي دفعت شباب المركز إلى مثل هذا الحد من التهور والمغامرة بحياتهم في مناطق الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود. أحد أهالي تمير، روى قصة أهالي تمير ومعاناتهم مع المحرضين. وقال بحسب صحيفة الوطن إن المعاناة معهم مستمرة منذ 10 سنوات، مشيرا إلى التأثير الذي مارسه أحد زعماء التحريض في المركز وهو رجل كبير في السن ويعتقد أنه ألقي القبض عليه في العملية الأمنية، حيث كان يجمع الشباب حوله ويغذيهم بالأفكار المتطرفة. وشكلت المزرعة السابقة لزعيم المحرضين في مركز "تمير"، النواة الأولى التي استخدمها لبث الأفكار المتطرفة. وقال كانت المزرعة والتي باعها قبل نحو 5 سنوات، يتردد عليها الشباب بين الوقت والآخر، كما كانت منهلا من مناهل التطرف، مشيرا إلى أن اللقاءات مع الشباب كانت تتم بعد بيع المزرعة في المنزل الجديد لكبير المحرضين. وذكر أن أول من أطلق نداء استغاثة طالبا تدخل الدولة فيما وصل إليه الحال في تمير، كان أحد أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المركز، وذلك بعد تسجيل مغادرة عشرات الشباب إلى الأراضي السورية والتحاقهم بتنظيم "داعش". وتشير التقديرات التي يتداولها أهالي تمير إلى أن عدد الشباب الذين غادروا للقتال في سورية من المركز وحده فقط، يناهز الـ34 شابا. ويقول "مساكين هؤلاء الشباب فقد ذهبوا وقودا لمعركة خاسرة.. الكثير منهم كان يرغب في أن يثبت على طريق الخير بعد الضلال، فكان يتمسك بتغسيل الموتى كسبيل لذلك، حتى جاء من يزهدهم بفكرة الحياة ويرغبهم بالموت، فكان أن غادروا إلى هناك". العم محمد السهلي، فقد اثنين من أحفاده في المعارك التي تجري في سورية. ويقول "تعيش ابنتي وضعا لا تحسد عليه، فاثنان من أبنائها ذهبا إلى سورية أحدهم تمت تصفيته من قبل ذات الجماعة المسلحة التي ذهب يقاتل في صفوفها، والآخر لا نعلم عنه شيئا حتى الآن"، فيما أشار إلى أن هناك أخا غير شقيق لحفيديه، التحق بهما كذلك. وقال السهلي "لا أعلم ما هي الفائدة التي تحصل عليها هؤلاء من خلف الذهاب إلى مناطق الصراع...؟". وأضاف "لقد استبشرنا خيرا بما تم خلال اليومين الماضيين من إلقاء القبض على المحرضين.. لقد خسرنا الكثير من الشباب، وعلى من يفكر في الذهاب للقتال عليه أن يفكر ويراجع نفسه ولا ينجرف وراء من جعلوا من أبنائنا وقود معارك طاحنة".