لا أتفق مع من يختزل الصراع القائم في اليمن مع الحوثيين، بأنه ميليشيا مسلحة خارجة عن القانون، وأنه يتوسع بقوة السلاح، بل إن المتأمل لحقيقة هذه الطائفة، يدرك أن النزاع في حقيقته بين طرف شيعي في مواجهة الأطراف السنية، ولاؤه يتجه نحو إيران، بما يمثل هذا من خطر داهم على المنطقة الحيوية، والإستراتيجية، وذلك ضمن تصفية حسابات سياسية، تنذر بالمزيد من الخطورة على الأمن الإقليمي، والعربي. لقد حذر العقلاء -مراراً- من زيادة نفوذ الحوثيين، ومن تصاعد قوتهم. كما نبهوا على خطرهم الداهم على سلامة اليمن، ووحدة أراضيه، وطالبوا باتخاذ إجراءات صارمة تجاه هذا التنظيم الطائفي المسلح، وضد الدولة التي ترعاه؛ ولأن القراءة المتأنية للملف الحوثي، تقتضي وضع القضية في إطارها الصحيح، وضمن سياقاتها المنطقية، فإن الخطر الحوثي تمدد -اليوم- بأجندة إيرانية، وينذر -مع الأسف- بتفكيك الدولة اليمنية، وبخلق تداعيات خطيرة في المنطقة. وعليه، فإن تصنيف تلك الحركة كمنظمة مريبة، لم يأت من فراغ؛ بسبب خلخلتها الأمن، والعمل على زعزعة الاستقرار اليمني، -إضافة- إلى تهديد أمن، واستقرار دول الجوار. أخشى على اليمن من نذر حرب طائفية، في حال استمر حصار الحوثيين للعاصمة «صنعاء»، وهو المستهدف في البيانات الحالية؛ تمهيداً لإسقاطها، بعد أن أصبحوا مكونا مشاكسا لباقي الأطراف اليمنية الأخرى، وتلقيها دعما -مادياً وعسكرياً- غير محدود من إيران. بل إن اللجنة الأمنية اليمنية العليا، وهي أعلى هيئة عسكرية، رصدت استعدادات الحوثيين الكاملة لاقتحام العاصمة صنعاء، وأكدت أن مجاميع من المسلحين الحوثيين احتشدوا بصورة مكثفة، وبحوزتهم أسلحة متنوعة في مناطق المساجد غرب العاصمة، وحزيز جنوب، والرحبة القريبة من مطار صنعاء، ومناطق أخرى. كما أكدت اللجنة، نشر الحوثيون لمسلحيهم في التباب - خيام الاعتصام-، واستحدثهم حواجز للتفتيش، -إضافة- لنشرهم العديد من السيارات التي تنقل مسلحين حوثيين، ليسوا من أبناء المناطق المنتشرين فيها، - ناهيك- عن استخدامهم للجرافات؛ لإعداد المتاريس، والخنادق بما يتنافى مع مظاهر السلمية التي يزعمونها. قوبلت تلك الأحداث بقلق دولي شديد، وسط تحركات رسمية للدولة اليمنية، والأحزاب السياسية في محاولة؛ لمواجهة هذا التصعيد. ورغم أن المبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية قدمت خارطة طريق، تم الاتفاق عليها؛ لتحقيق عملية الانتقال السياسي، تُتوج بالانتخابات الوطنية، إلا أن الاختراقات الحوثية -الأخيرة-، تنم عن لهجة حادة تجاه عملية الانتقال، وتمس -أيضاً- من هيبة الحكومة اليمنية المشكلة شرعياً، الأمر الذي سيجعل من تدارس الأوضاع الطارئة التي تهدد الأمن، والاستقرار في اليمن -مطلباً مهماً-، وهذا يستلزم ضرورة أن تتحمل الدول العشر الراعية، والداعمة للمبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية مسؤوليتها تجاه هذه التصرفات الخارجة عن النظام، والقانون، والمتمردة على مخرجات الحوار الوطني الشامل.