×
محافظة الرياض

مواطن يُفَاجأ بتملكه 4 منازل بعد استعلامه آلية استحقاق الإسكان

صورة الخبر

عزيزة المانع قد يحدث أحيانا أن ينتقد أحد الكتاب داعية من الدعاة المعروفين أو عضوا من أعضاء هيئة الأمر بالمعروف، لخطأ وقع فيه، فينبري كثير من القراء بالتصدي للرد على الكاتب والتقليل من شأن الخطأ المذكور والتماس العذر لصاحبه وكيل المديح له والثناء عليه، وقد لا يكتفون بذلك فيطلقون سهام الشتم والذم والاتهام بالسوء لمن تجرأ فانتقد شيخهم. وهذا الحب الكبير والتعلق الشديد من العامة بالدعاة وأهل العلم، ليس أمرا محدثا فقد عرفه المسلمون منذ قرون طويلة، فتوقير العلماء واحترامهم وحبهم هو من الخلق الحميد الذي يحث عليه الدين، لكن بعض البسطاء من الناس يبالغون في ذلك فيخرجونه عن القدر المقبول ليدخلوا به داخل حدود المحظور والمكروه المنهي عنه. وهم لا يلامون في هذا فبين الدعاة من يستغل العاطفة الدينية المتقدة لدى الجمهور فيغذيها بأكاذيب تضفي عليه هالة من التقديس والطهر وادعاء القرب من الله أكثر من الآخرين. من يقرأ في كتب السير وما فيها من أخبار العلماء والمحدثين والفقهاء حوالي العصر السادس الهجري وما تلاه من عصور، يقرأ عجبا من الأكاذيب والادعاءات، عن بركات العلماء ودلائل قداستهم، من أمثلة ذلك ما يذكره طاش كبرى زاده في وصف علو مكانة أبي حامد الغزالي الدينية حيث يقول: «الشيخ الكبير أبا العباس، ذكر أنه رأى في بعض الأيام وهو قاعد باليمن، أبواب السماء مفتحة، وإذا بعصبة من الملائكة قد نزلوا إلى الأرض ومعهم خلع خضر ودابة من الدواب، فوقفوا على رأس قبر من القبور، فأخرجوا شخصا من قبره وألبسوه الخلع وأركبوه الدابة وصعدوا به إلى السماء ثم لم يزالوا يصعدون به من سماء إلى سماء حتى جاوزوا السماوات السبع كلها وخرقوا بعدها سبعين حجابا، قال فتعجبت من ذلك، وأردت معرفة ذلك الراكب، فقيل لي: هو الغزالي»!! إلى هذا القدر من نسج الأكاذيب، بلغ تعلق أتباع الغزالي ومريديه به، وتبع ذلك أنهم كانوا يدافعون عنه بعاطفة مشتعلة، يذبون عنه ما كان يتعرض له من انتقاد وإنكار عليه في بعض المسائل، وهم يفعلون ذلك باندفاع عاطفي شديد، فهم لا يهمهم تحري الحق قدر ما كانوا حريصين على مناصرة صاحبهم بالحق أو بالباطل. ومن أمثلة ذلك أنه لما انتقد الغزالي لأنه لم يكن يحسن النحو، بادر مريدوه باتهام المنتقدين بالحسد، وأخذوا يقللون من شأن المعرفة بالنحو، كما فعل كبرى زاده في دفاعه عن الغزالي: «ومن كلام حساده في حقه ما يشاهدون في كلامه من الخلل من جهة النحو، لكنهم لا يعرفون أنه (لا يعيّر به)، إذ لم يكن قصده إلا المعاني وتحقيقها، دون الألفاظ وتلفيقها، على أنه أنصف من نفسه واعترف بأنه لم يمارس ذلك الفن واكتفى بما كان يحتاج إليه في كلامه». هذا الدفاع العاطفي، الخالي من المنطق، ألا يذكرنا بما يفعله أبناء هذا العصر عند دفاعهم عمن يحبون من الدعاة؟ بلغ التعلق بالغزالي، حد التقليل من خطورة جهله بالنحو، وعد ذلك من الأمور التي لا أهمية لها (فالقصد المعاني)!! وهل تستقيم المعاني إن لم تستقم اللغة!! لكنه الميل والهوى. عكاظ