×
محافظة المنطقة الشرقية

الأردن تجهز الكاراتيه السعودي للآسيوية .. والمنشطات تثقف اللاعبين

صورة الخبر

محاربة الإرهاب وفكره التكفيري المتطرف، وتحصين شبابنا ضد هذه الآفة المدمرة وترسيخ قيم ومبادئ منهج الوسطية والاعتدال المستمد من الأصول الشرعية التي توحدت تحت راياتها هذه البلاد، هذا هو التحدي الذي يجب أن تتضافر كل الجهود للتعامل معه. والجامعات يجب أن تكون رأس الحربة في التصدي للإرهاب وفكره المنحرف فهي المؤسسات التربوية الأكاديمية ومنصات الفكر والتنوير، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية مسؤوليتها في هذا الجهد مضاعفة كونها المؤسسة الأكاديمية صاحبة القدح المعلى في التعاطي مع قضايا الفكر والدعوة الإسلامية. نحن في «اليمامة» حملنا أوراقنا وقصدنا مكتب معالي مدير جامعة الإمام د. سليمان أبا الخيل الذي فتح لنا قلبه وعقله في حوار خاص تركز على خطر الإرهاب وجماعاته وأساليب هذه الجماعات التي تستخدم الدين وسيلة لتحقيق مآرب سياسية تتجاوز في بعض الأحيان أصول الشرع الصحيح فإلى هذا الحوار الشامل مع معاليه.. كيف ترون دور جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في ظل ما نعيشه في هذا العصر من الفتن والصراعات الدينية والطائفية والفكر التكفيري الذي تموج به المنطقة؟ - هذه الجامعة هي جامعة عريقة شرعية علمية وطنية، أسهمت ولا تزال بخبرات خدمت الوطن في المجالات كافة، ولا سيما المجال الشرعي الذي تقوم عليه ثوابت المملكة العربية السعودية، وفي ظل الصراعات والفتن والتحولات وأخطر ذلك الفكر التكفيري الذي لا يعد قناعات أو أفكاراً فحسب، وإنما هو سلوك إجرامي، وفكر إفسادي يهلك الحرث والنسل، ويؤدي بصاحبه إلى المهالك فمحاربته ترتكز على الخطاب الوسطي الذي يعد من أبرز وأهم ما تقوم به الجامعة لطلابها وطالباتها، بل وللمجتمع، والجامعة منذ قيامها ومن خلال ما قامت عليه وحداتها تعد محاربة لهذا الفكر لأنها تعتمد في علومها ومناهجها نهج الوسط الذي لا غلو فيه ولا شطط، ومع تنامي هذا الفكر في الآونة الأخيرة، وظهور الجماعات المتطرفة التي تغذي أفكار الغلو والتطرف والتكفير قامت الجامعة بما تعده تقرباً إلى الله وخدمة لهذا الوطن، وحماية لأبنائه من هذه الأفكار، وأدت دوراً جيداً ومتميزاً خلال الفترة الماضية، وما هو مطلوب منها في هذا الوقت وهذا الزمن أكبر وأكثر بكثير، لأننا نعرف أن الجامعات بيت خبرة، وهي مراكز الفكر والتوجيه ولذلك فإن هذه الجامعة وغيرها من الجامعات يجب عليها أن تقوم بكامل تخصصاتها وطاقاتها كافة على توجيه الشباب وتربيتهم التربية الصحيحة المبنية على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومنهج السلف الصالح وما عليه ولاة أمر هذه البلاد وعلماؤها حتى يستطيعوا أن يقفوا في مواجهة تلك الأفكار المنحرفة والجماعات المتطرفة التي أثرت تأثيراً بالغاً على بعض شبابنا، وكان لها الأثر السيئ في خلخلة وحدة هذا الوطن واستهداف أمنه وثوابته، وإذا لم تقم الجامعات بهذا الدور فمن الذي يقوم به؟ فعليها المعوَّل بعد الله، وقد سلكت الجامعة الطريق المتوازن، والمنهج الموضوعي الحكيم في تلمس المشكلات والقضايا التي يجب أن تتناولها بالدراسة والبحث، وإثرائها بالمناقشة والحوار الهادئ والحكمة المقرونة بالبصيرة حتى تؤتي هذه الجهود ثمارها ونصل إلى تحقيق الأهداف التي نسعى إليها. وكان هذا إسهاماً مؤثراً وذلك من خلال ما قدمه أساتذتها ومنسوبوها الذين يحملون العلم الغزير، والمنهج السليم، ويستطيعون من خلاله أن يوجهوا طلاب الجامعة وأبناء المجتمع إلى ما يجب عليهم في مواجهة هذا الانحراف، ويبينوا لهم الطريق الصحيح، وأن الإسلام دين وسطية واعتدال فلا غلو ولا جفاء ولا إفراط ولا تفريط، وهذا الأمر يُنطلق فيه من جميع مرتكزات الجامعة سواء من خلال المناهج أو من خلال المصادر والمراجع، أو من خلال الأساتذة، أو من خلال المحاضرات والندوات والمؤتمرات وورش العمل التي تُعقد في الجامعة، واعتمدت الجامعة الطرح الموضوعي والوضوح بطريقة مُثلى يُوصل من خلالها إلى النتائج المطلوبة التي تجعل هذا البلد آمناً مطمئناً بعيداً عن كل المكدرات والمنغصات التي رأيناها من خلال أعمال بعض من تلوثت أفكارهم، وتشوهت فطرهم وراحوا يتقولون ويدعون ويتأولون، بل إنهم عمدوا إلى قتل أنفسهم والأبرياء والمعصومين من المسلمين وغيرهم بحجة أن هذا جهاد، وما من شك أنها أباطيل وأمور مُزيفة هي من أساليب الأعداء الحاقدين الذين يتربصون بالمسلمين عموماً وببلاد الحرمين المملكة العربية السعودية الدوائر، ويسعون إلى كل ما من شأنه التأثير على أبنائنا، ولكن الحمد لله هم مدحورون، وقد شعرنا بآثار هذه الجهود ونرى ونلمس نتائجها، والجامعة شاركت وستشارك بفاعلية مستقبلاً في هذا التوجه وتعمل بكل ما تستطيع من أجل بيان الحق في هذه المسألة، وكشف كل ما يؤثر على الشباب أو يعترض مسيرتهم الصحيحة سواء في علمهم أو حياتهم أو في جميع أمورهم. عمل إستراتيجي ورؤية مستقبلية وهل تعتقدون بأن الجامعة استطاعت أن تسجل حضوراً في مواجهة هذه التحديات؟ - أعتقد أنكم كإعلاميين من يقيم هذا الحضور، ويرصد آثاره وعمقه في الواقع، ولكن بحكم التواصل مع من حضر بعض هذه الجهود والمناشط والفعاليات وأخص بالذكر المؤتمرات العلمية التي عقدت بالجامعة، منها عدد كبير تشكل في مجملها عملاً إستراتيجياً، ورؤية مستقبلية مؤثرة في أصول وبنى التطرف ولا تزال هذه الفعاليات تتوالى، وأبرزها المؤتمر العالمي: موقف الإسلام من الإرهاب، وندوة الانتماء الوطني في التعليم العام، وندوة الانتماء الوطني في التعليم الجامعي، وندوة السلفية مطلب وطني ومنهج شرعي، وندوة شهداء الواجب وواجب المجتمع، ومؤتمر الجماعة والإمامة: المملكة العربية السعودية أنموذجاً، ومؤتمر ظاهرة التكفير الذي عقد بمشاركة جائزة نايف بن عبدالعزيز العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة، ومؤتمر: الوحدة الوطنية ثوابت وقيم، ومؤتمرات الحوار التي عقدت داخل وخارج المملكة، ومنها: الحوار وأثره في الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم، وصناعة السلام بلغة الحوار وغيرها من الفعاليات التي تصب في خدمة هذا الهدف الرئيس. وكانت هناك إشادات وتوالت الطلبات بتكرار بعضها أو بعقد ما يناظرها، وهناك طلبات متوالية لتزويد المؤسسات والمراكز بالسجل العلمي لهذه المؤتمرات، كما أن الاستشهاد بهذه الآثار في مناسبات متعددة كل ذلك يؤكد الحضور القوي لا على المستوى المحلي وإنما على المستوى العالمي ولله الحمد. وقد هدفت الجامعة إلى بناء إستراتيجية علمية برؤية إسلامية للمعالجة الفكرية للإرهاب من خلال التعرف على نقاط القوة والضعف، وفرص النجاح والمخاطر المحيطة بكل مراجعة فكرية أو جهد دعوي أو رؤية أو آلية جديدة معززة لإعادة المنحرفين، ودرء الخطر عن المستقيمين، وذلك بما يحقق الانتقال بالمعالجات الفكرية من مرحلة التنظير إلى مرحلة التطبيق، ومما يذكر في هذا إسهام الجامعة بدور رئيس في العمل الرائد، والتجربة الرائدة لبلادنا الغالية برنامج المناصحة الذي شاركت الجامعة فيه بأعضاء هيئة التدريس، وجل من يسهم في هذه التجربة ينتسبون إلى هذه الجامعة، كما قدمت أول عمل لتطوير هذه التجربة، في ملتقى تطوير المناصحة الذي عقد قبل فترة، وظاهر أن كل ذلك قوة مؤثرة في مواجهة الفكر التطرف. تحصين الشباب المجتمع السعودي يتغير بسرعة والشباب يشكلون الشريحة الأكبر في هذا المجتمع كيف يمكننا تحصين شبابنا حتى لا يجرفه تيار التغيير والتحديث بعيداً عن ثوابت قيمنا الدينية والاجتماعية؟ - تحصين شبابنا يبدأ بالتربية داخل نطاق الأسرة من خلال تشجيع الحوار بالدرجة نفسها التي نحيط بها الأبناء بالعطف والحنان، ونحرص على توفير متطلبات الحياة، ثم حسن المراقبة الواعية في فترة المراهقة وتفعيل العاطفة في تقوية الروابط والتواصل مع الشباب والفتيات، لنعرف ماذا يقرؤون ويطالعون عبر الإنترنت أو القنوات التلفزيونية؟ ومن هم أصدقاؤهم؟ وأين يقضون أوقات فراغهم؟، فهل يعقل أن يفاجأ أحد الآباء أن ابنه متورط في جريمة إرهابية أو مطلوب من قبل الجهات الأمنية من خلال صفحات الجرائد، دون أن يكون قد رأى بادرة تشير إلى أنه يسير في هذا الطريق قبل ذلك؟! فكما قيل إنك لا تجني من الشوك العنب، فهذه أول خطوة في الوقاية، ودرهم وقاية خير من قنطار علاج، ويجب أن يرى الأبناء في آبائهم وأسرهم القدوة فهي أبلغ من أي رسالة تربوية أخرى، والمؤسسات التربوية والتعليمية أيضاً مسؤولة بدرجة لا تقل عن مسؤولية الأسرة، وتمتد هذه المسؤولية لمؤسسات الشباب والرياضة ووسائل الإعلام والعلماء والدعاة والأئمة والخطباء وشرائح المجتمع كافة. وللمرأة دورها في ذلك؛ فهي الأم والزوجة والمعلمة وأستاذة الجامعة والمدرسة التي يتربى في أحضانها النشء فلا بد من أن تتفق الجهود، وتتوحد الكلمة لمواجهة هذا الخطر، وأن يعي كل منا دوره في محاصرة هذا الفكر الضال المضل، قبل أن يفاجأ بأن ابنه أو ابنته قد سقط فريسة له، وهذه القنوات تصب في الوقاية، فمن زرع فكراً وسطياً، وتربية متوازنة حصد ابناً باراً به وبوطنه والعكس بالعكس. جماعة «الإخوان المسلمين» أم الإرهاب ذكرت في تصريح لك سابق أن الإرهاب الذي عانى منه المسلمون وغيرهم هو في الأساس من جماعة الإخوان التي فرخت الفئات الضالة واستخدمت الدين غطاء لتحقيق أهدافها.. السؤال هل ما زالت الجماعة تشكل خطراً في المجتمع؟ - جماعة الإخوان المسلمين هي الجماعة الأم التي فرخت التنظيمات الإرهابية، وكان لمبادئها وأفكارها التي تعاهد منظروها على أن لا تظل مجرد أفكار، بل سيفدونها بدمائهم، ويحولونها إلى خطط عمل، فمكمن خطورتها أنها ليست مجرد فكر يدخل في إطار حرية الرأى، ولا قناعة لا تتحول إلى سلوك، ولا رأياً فردياً لا يتقاطع مع جماعات الغلو والتطرف، وإنما كل ذلك متأصل في فكر هذه الجماعة ولهذا كان البيان المسدد الموفق من الداخلية بالنص على اعتبارها جماعة إرهابية هي وما تفرع منها من تنظيمات، فالباحث المطلع على فكر هذه الجماعة منذ تأسيسها على يد مؤسسها حسن البنا، ومروراً بجماعة التكفير والهجرة التي خرجت من رحمها، وتشكلت من أبنائها، وحتى جبهة النصرة وداعش وغيرها من الجماعات التي تجرف شبابنا إلى ما يسمى بميادين الجهاد، يجد أن صلتها بتلك الجماعة وثيق، وأنها تفرعات لهذه الجماعة بصورة أو بأخرى، لأن من أسس هذه الجماعة يرى أن من أهم مبادئها أن الغاية تبرر الوسيلة، وأن ما يحقق هذه الغاية فهو مشروع، ولو كان بالتعاون مع أي مخالف، ولقد صدق أسد السنة صاحب السمو الملكي الأمير نايف - رحمه الله- حينما وصفهم بقوله: «أقولها من دون تردد أن مشكلاتنا وإفرازاتنا كلها وسمها كما شئت جاءت من الإخوان المسلمين». وتوارد علماؤنا على التحذير منهم، ومن ذلك ما بينه معالي الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة العلمية للبحوث والإفتاء عندما سئل: هل هذه الجماعات تدخل في الاثنتين وسبعين فرقه الهالكة؟ قال: «نعم، كل من خالف أهل السنة والجماعة ممن ينتسب إلى الإسلام في الدعوة أو في العقيدة أو في شيء من أصول الإيمان فإنه يدخل في الاثنتين والسبعين فرقة، ويشمله الوعيد، ويكون له من الذم والعقوبة بقدر مخالفته» وسئل: ما حكم وجود مثل هذه الفرق: التبليغ والإخوان المسلمين وحزب التحرير وغيرها في بلاد المسلمين عامة؟ فقال: «هذه الجماعات الوافدة يجب ألا نتقبلها لأنها تريد أن تنحرف بنا فتفرقنا وتجعل هذا تبليغياً وهذا إخوانياً وهذا كذا...، لِمَ هذا التفرق؟ هذا كفر بنعمة الله سبحانه وتعالى، ونحن على جماعة واحدة وعلى بينة من أمرنا، لماذا نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير؟ لماذا نتنازل عما أكرمنا الله سبحانه وتعإلى به من الاجتماع والألفة والطريق الصحيح، وننتمي إلى جماعات تفرقنا وتشتت شملنا وتزرع العداوة بيننا؟ هذا لا يجوز أبداً. وذكر الشيخ أحمد شاكر في كتابه شؤون التعليم والقضاء ما نصه: «حركة الشيخ حسن البنا وإخوانه المسلمين الذين قلبوا الدعوة الإسلامية إلى دعوة إجرامية هدامة، ينفق عليها الشيوعيون واليهود كما نعلم ذلك علم اليقين». وهذا التحذير منذ زمن، وماذاك إلا لما لهذه الجماعة من أبعاد سياسية، تشكل صوراً إرهابية، وما زالت هذه الجماعة بتوظيفها للدين في خدمة أهدافها من أخطر الجماعات، لأن المتابع والراصد للتحولات لا يجد إلا ما يزيده قناعة بخطورة هذه الجماعة وما تفرع عنها وما الأحداث التي توصف بالربيع العربي إلا ثمرة جهودهم الشيطانية، نسأل الله أن يقينا والمسلمين شرورهم. مجتمعنا مثالي وماذا عن الذين يؤمنون بأفكارها في مجتمعنا السعودي؟ - أولاً نسأل الله أن لا يكون بيننا من يؤمن بأفكارها المنحرفة، لأننا في مجتمع مثالي، تقوم العلاقة فيه بين الراعي والرعية على أصول شرعية، وثوابت راسخة، هي منهج أهل السنة والجماعة، ونعتقد يقيناً أن قيام هذه الدولة المباركة على هذه الأصول التي أعظما وأتمها وأوفاها عقيدة التوحيد النقية الصافية، التي نراها متجسدة في واقعنا، ونعقتد أنها سر العز والنصر والتمكين، وأساس اللحمة والاجتماع، وهي من أكبر النعم التي نعيشها، ولذا لا يمكن أن يقارن أحد بين هذا الواقع المليء بالفضائل والكمالات بواقع آخر، أو يستورد لنا فكراً او مبادئ إلا إن كان في قلبه هوى، ومسؤوليتنا أن نكون صفاً واحداً ضد أي محدث ومبطل، ولا ننكر أننا في عصر انفتاح وفتن وتحولات، وأن ما يحرك فتن الثورات في بلاد أخرى من جماعات أو تيارات حاول دعاة الفتن أن يجيشوا العواطف به في بلادنا، ومن ذلك أفكار هذه الجماعة، ولم يكن الأمر الملكي والبيان المؤصل المفصل من مقام وزارة الداخلية الذي سمى هذه الجماعة وما تفرع عنها إلا معالجة شرعية أمنية، وقوة محصنة للوطن منهم، وإشارة قوية إلى تغلغل الفكر في وطننا، ومسؤوليتنا تجاه البيان أن نعتمده بشفافية ووضوح في التحذير من الافتراق والتحزب، والانتماءات الحزبية وأن نتفق على ما تضمنه من معالم ومبادئ لأنه استند إلى قواعد ومقاصد ونصوص شرعية هي جزء من ثوابتنا، ولأن المستهدف وطننا ووحدتنا، وقد آن الأوان أن يعلم الشباب وعموم أبناء الوطن نعمة الله عليهم بهذا الوطن العزيز وقيادته التي لا نعلم لها في الواقع المعاصر نظيراً، فهي تضرب أعلى الأمثلة في الغيرة على الدين وعلى اللحمة والجماعة والوحدة على مستوى المملكة العربية السعودية ودول العالم العربي والإسلامي، وإن مثل هذه النعم تستوجب منا أن نحفظها ونحميها ونربي أبناءنا عليها أخذاً بوصايا أرحم الخلق وأنصح الخلق وسيدهم صلوات الله وسلامه عليه في الفتن، حيث أوصى بهذا الأصل العظيم، الذي هو من أعظم مقاصد الشريعة، وأهم ضماناتها لحفظ الدين والعقيدة والأمن، والألفة والاجتماع على الوحدة، والبعد عن مسببات الفرقة والتناحر والخلاف والاختلاف، فحينما أشار إلى ظهور الفتن، وإلى الدعاة الذين هم من أبناء جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا، ومع ذلك يدعون الناس إلى نار جهنم عياذا بالله «دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم قذفوه فيها» حينها كانت الوصية الجامعة المانعة، التي نحتاجها في هذا العصر الذي رفع فيه أهل الفتن والتحزبات عقائرهم، وجيشوا عقول الناشئة، وشحنوها بما يسقطهم في أتون الفتن والمشكلات، فقال صلى الله عليه وسلم «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم». فعلى الجميع التمسك بهذه الوصية النبوية والحذر من هذه الجماعات التي مزقت المسلمين وفرقتهم، وهي مسؤوليتنا جميعاً، وعلى الأخص أولئك الذين تعاطفوا مع أفكار الجماعة أو تصرفاتها في بلدان مجاورة، فالسعيد من وعظ بغيره. «داعش» خطر كبير شدد العلماء على ضرر تنظيم داعش على الإسلام وأهله، بل أعتبروه أشد من ضرر اليهود والنصارى والصفويين. السؤال: كيف ترون خطورة تنظيم داعش على الشباب؟ - ما من شك أن خطر الجماعات التكفيرية على المجتمعات عموماً، وعلى هذه البلاد الغالية لا يقلل منه إلا جاهل أو في قلبه هوى أو تعاطف بشكل أو بآخر، وليس هذا الخطر وليد الفترة التي نعيشها، بل منذ ظهور الخوارج في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعصر الصحابة وإلى يومنا هذا وهم الفئة الأخطر، ولهذا تكاثرت النصوص عن الرسول صىل الله عليه وسلم في التحذير من شرهم وخطرهم، وبيان صفاتهم تحذيراً للأمة منهم، ووصفهم بما لا يخفى معه أمرهم، فحينما قال ابن ذي الخويصرة التميمي للنبي صلى الله عليه وسلم «اعدل يا محمد» قال عليه الصلاة والسلام «ومن يعدل إذا لم أعدل» ثم قال: «يخرج من ضئضئي هذا قوم يحقر أحدكم صلاته عند صلاتهم، وعبادته عند عبادتهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم». وغيرها من النصوص المحذرة منهم المحددة لأوصافهم، وما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام المعروفة اختصاراً بداعش هي تطبيق لفكر الخوارج في أشنع وأبشع صوره، حتى صار الدم المعصوم عندهم أهون من شرب الماء، بل صار القتل تسلية ومتعة، وفي مجاهرة بهذا العمل الشنيع شوهوا بذلك صورة الإسلام، وضربوا مثلاً في تجاوز ما يصنعه الأعداء بالمسلمين، لم يتركوا عملاً من أعمال العصابات والمجرمين إلا فعلوه باسم الإسلام، ولهذا فالقول إن خطرهم تجاوز الأعداء قول مطابق للحق والحقيقة، فهم أخطر ما مر في حقبة التأريخ ، خوارج العصر، وسفاحو الدماء، ومنتهكو الحرمات، ومجرمو التاريخ، لم تسلم منهم أرض من بلاد الإسلام والمسلمين إلا وأفسدوا فيها وأعلنوا فيها زوراً ما يسمى بالخلافة المزعومة في أحوال لا يسع مسلم ناصح إلا أن يحذر منها، حتى بلاد الحرمين، وقبلة المسلمين ومهوى الأفئدة امتد إليها شررهم وضررهم، وما حادثة الحد الجنوبي في شرورة إلا شاهد على هذه الجرائم التي يسطرها التأريخ في سجل جرائمهم، حملوا السلاح، وأحدثوا في البلد الحرام، وقتلوا الصائمين المرابطين على الثغور، واستحلوا ما حرم الله، فهل بعد هذا يشك مسلم في خطرهم وشدة ضررهم، فهم يد الأعداء التي يحققون بها أعظم أهدافهم والله المستعان. كثرة الأحداث في الدول المجاورة غررت بكثير من الشباب السعودي بالدخول فيها بدعوى الجهاد ما السبيل لتحصين شبابنا من هذه الفتن؟ وعلى من تقع المسؤولية؟ - كما أسلفت المسؤولية عظيمة وكبيرة، والأمر بات من الخطورة بحيث لا يسع أحداً أن يسكت أو يتغافل، وأعظم من ذلك أن يبرر أو يتعاطف فمسؤولية حماية شبابنا من الوقوع في براثن التنظيمات المجرمة، والتصرفات العاطفية مسؤولية مشتركة يجب أن تتكامل فيها الجهود بين الأسرة والمؤسسات التربوية والإعلامية والأمنية، وقد كان لبيان وزارة الداخلية الذي جرم المشاركة في مثل هذه الصراعات أكبر الأثر في هذا المجال، ويجب أن يقوم كل طرف بدوره المنوط به، فالشباب هم ذخيرة الأمة وأملها وهم كذلك هدف أعداء هذه البلاد وأهلها، وهذه الميادين التي هي ميادين صراع وفتن متلاحقة، يستجرون إليها بأساليب مختلفة، ودعاوى عريضة تستهوي الشباب في ظل غفلة وقلة خبرة وتجربة، وقد قال علماؤنا كلمتهم منذ زمن بعيد، فإن هذه المشاركات تفتقد ضوابط الجهاد المشروع، وأهم ضابط لذلك أنها تتم بعيداً عن السلطة والولاية، بل لا تنظر فيها لأمر ولي الأمر وإذنه وهذا شأن يحول هذه المشاركات إلى سقوط في الفتنة، وخلل في البيعة وافتئات على ولي الأمر، وقتال في عمية، وقد فصلت القول في هذه المشاركات في مؤلف كان له قبول وانتشار عنونت له ب «التنبيهات السنية» أسأل الله أن ينفع به. عصر العولمة والإعلام ما الذي يجب أن تعمله مؤسسات الدولة وأفراد المجتمع في هذا الجانب في ظل المخاطر المحدقة من حولنا؟ - الحديث عن استجلاء واقع الجهود والأعمال والفعاليات والمناشط التي تبذلها مؤسسات الدولة في هذا الجانب، واستشراف مستقبل الوطن والأمة في ظل المخاطر التي تحدق بمن حولنا حديث مهم، يؤيده منطق العقل والحكمة، وقبل ذلك دلالة نصوص الشرع، لأننا لسنا بمنأى أو بمعزل، ولا ينكر التأثر والتأثير، ونحن في عصر العولمة والقرية الصغيرة، وقوة الإعلام، بل سلطته أصبحت هي المحرك لشعوب العالم، وهي القوة الناعمة التي تخترق الحواجب والحواجز وتصل إلى أدق الأماكن وأكثرها حساسية، وإذا ما تحدثنا عما يجب علينا فيجب أن نتجاوز التنظير والتأطير إلى الخطوات العملية، والبرامج المحددة، التي تعتمد دراسة الأسباب والمسببات، وتنظر في أبعاد المشكلة وزواياها، وترسم منهج الخروج منها بمسارين يفرضهما النظر في حجم الخطر، وعمق المشكلة يكون النهج فيها شمولياً، ويتحقق فيهما التكامل المنشود، وقبل هذا وذاك ينبع العمل فيهما من قناعة تامة، وإيمان جازم بهذا الخطر، وأهمية مواجهته ليكون هذا الإيمان مشتركاً تلتقي عليه العقول والفطر، وينبع منه ما يتحدث به القلب قبل اللسان، ليشكل كل ذلك طوقاً يحاصر هذه الفتنة، ويضييق على دعاتها، أما المسار الأول فهو منظومة الأساليب والطرق والوسائل العلمية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، التي توظف بمنهجية علمية لدراسة أسباب الإرهاب والعنف والتطرف، ويتبع ذلك وضع برامج علمية يتم قياس أثرها بالمنهج نفسه، وتتم مراجعتها وتقييم فاعليتها بشكل دوري، لنصل إلى تجفيف منابع الإرهاب لتتحقق الوقاية والحصانة، وهذا قد حصل منه شيء كثير من خلال خطط وملتقيات ومؤتمرات، تمخضت عن توصيات كثيرة، تحقق هذا المسار ولو بشكل جزئي، إلا أن المشكلة فيها التي يحال إليها قصور العلاج الجزئية، أو النظرة المحدودة، أو تصديرها لتكون تزكية دون قناعة بأهميتها وفاعليتها، وهذا ما أوجب استمرار المشكلة وامتدادها، بل وتناميها، والتفصيل في جوانب القصور يعد نوعاً من الدراسات التي لا يمكن إيرادها في مقابلة كهذه، أما المسار الثاني فهو المسار العلاجي الذي يواجه حدوث أي تصرف أو نازلة إرهابية، يستهدف بها وطننا الغالي، أو عموم بلاد المسلمين، ولا أقصد بالمعالجة هنا المواجهة الأمنية فهي لا شك أهم مسؤوليات الدولة، ولها أثرها الذي لا ينكر في استهداف الخلايا أو استباق الحدث، وكم قضى في هذا السبيل من رجال أمننا البواسل الذين نحتسبهم عند الله شهداء، وإنما الهدف من المعالجة هنا الجانب الفكري، حينما يثبت هذا التلوث والانحراف في مجموعة أو مؤسسة فإن مسؤوليتها أن تواكب الجهد الأمني بمنظومة من المعالجات التي تتجاوز الاستنكار وردود الفعل إلى الازدلاف من تجمعات الشباب، والقرب منهم، وحوارهم بما يكشف الشبهة ويزيل اللبس، ويدرأ الخطر، ومعلوم أن هذا الشأن يحتاج إلى متخصصين يتجاوز حوارهم العموميات إلى ملامسة الواقع، وهدم الفكرة وعلى رأس أولئك علماؤنا وأساتذة الجامعات وغيرهم، فعليهم مسؤولية كبرى، يجب أن يقوموا بها نصرة لدين الله، وحماية لوطننا وشبابنا من هذه المضلات والفتن، وفي طيات هذا الجواب ما تتحمله مؤسسات وأفراد، وما يحتاج إلى إستراتيجيات ولكنه حديث مقتضب لاستثارة الهمم تجاه ما يجب علينا، ونسأل الله العون والسداد. ترسيخ الوحدة الوطنية كيف يمكن تعزيز اللحمة الوطنية والحفاظ على المكتسبات التي تحققت في ظل قيادتنا الرشيدة - أدامها الله وأعزها-؟ - الانتماء الصادق والولاء للدين والوطن، والتزام أصول الشريعة في الجماعة والإمامة من أبرز مقومات ومعززات اللحمة الوطنية، وفقده أو الخلل فيه يعد من أبرز مهدداتها، إذ إنه لا يخفى على أحد أن هذا الجانب وهو الانتماء الوطني ضعف عند بعض أبناء هذا الوطن، وأصبح هذا الضعف في فترة من الفترات مصدر انحراف، بل أثبتت الوقائع أن الارتباط بين مفهوم الوطنية والمواطنة وبين الانحراف والخلل الفكري واضح، وهناك تلازم طردي وعكسي، فكلما قوي الانتماء وصدق المسلم في محبته لوطنه كان هذا دافعاً له إلى الغيرة والحرص على المصلحة الوطنية، والدفاع عن الوطن ومقوماته، وكلما ضعف انتماء المرء إلى وطنه وضعفت محبته له كان عرضة للأفكار التي تستهدف الوطن ووحدته وأمنه، ورغم أن محبة الوطن شأن غريزي فطري جبلي، لا ينفك المرء السوي عنه، إلا أن هذه الفطرة تم التشويش عليها ببعض الأطروحات التي تستند للأسف إلى شبهات يلبس بها ويعرضها منظروها على أنها من الدين؛ لذلك فمن واجبنا تعزيز انتماء أبنائنا لهذا الوطن الغالي وغرس محبته في نفوسهم، وهذا من أنجع الحلول لكثير من المشاكل التي استهدفت شبابنا وحرفتهم عن الطريق القويم، ولا بد من ربطهم بالمقومات الشرعية لهذا الانتماء، من الغيرة على دين الله، والتمسك بشريعته، ولزوم الجماعة والإمامة وحماية مكتسبات الوطن ومقدساته إلى غير ذلك مما هو مذكور في هذا الشأن. برنامج المناصحة يُعد برنامج المناصحة في مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية، لتعديل الأفكار الخاطئة حول بعض القضايا الشرعية، من البرامج المباركة.. كيف ترون جهوده وتأثيره على أصحاب الفكر الضال والمغرر بهم؟ - ولا أظن أحداً يخفى عليه الأثر المبارك، والتأثير العميق، والصدى الإيجابي، والسمعة الرائعة لهذا البرنامج المتميز، حتى غدا تجربة عالمية تصدر، وصدرت شهادات عالمية من شخصيات لها مكانتها تشيد بالبرنامج وآثاره، بل إن المتخصصين في مجال مكافحة الإرهاب وحضور البرنامج بالقوة الناعمة، ولفترة الأثر كان هدفاً للتيارات والتنظيمات المتطرفة بالتشويش عليه، وتشويه سمعة أعضاء المناصحة، بل وصل الأمر إلى التهديد المباشر، ومن هنا فإن من توفيق الله لقادتنا قيامهم بهذا العمل الذي يعد إعذاراً وإبراءاً للذمة، واستصلاحاً لشباب الوطن وهو من المكتسبات التي يجب علينا المحافظة عليها، لكونه ينطلق من الأسس والثوابت التي تفخر بها بلادنا حماها الله تعالى وحرسها وولاة أمرها وشعبها من كل مكروه وسوء، ومن أهم السبل في الاهتمام بهذا البرنامج الحرص على تقويمه وتطوير أعماله وتقديم ما يسهم في تحقيقه لأهدافه العليا، فالحوار والمناقشة والمناصحة وإقامة الحجة أسلوب شرعي وتوعوي، هدفه استصلاح أصحاب الأفكار الضالة وإعادتهم إلى جادة الصواب، والإعذار إلى الله منهم، وإبراء لذمة ولي الأمر، وقد قامت الجامعة بجهد يعد الأول من نوعه في هذا الصدد بعقد الملتقى الأول لتقويم وتطوير أعمال وجهود المناصحة، وشارك فيه المتخصصون وأعضاء المناصحة، والمسؤولون عن البرنامج، وصدرت عن الملتقى توصيات مهمة بتفعيلها ستكون هناك نقلة نوعية فيه بإذن الله. الاستهزاء بالعلماء كثر في هذا الزمن الحديث والتقليل من شأن علماء هذه البلاد المباركة ولم يسلم أحد من علماء الأمة.. كيف يمكن الرد عليهم؟ - لا غرابة أن يصدر هذا من أصحاب الأفكار والمبادئ والتوجهات المنحرفة، وهو جزء من سنة ماضية كتبها الله لأوليائه وأهل محبته، وفي مقابل ذلك الاستهزاء والتهوين من شأن العلماء وقادة الأمة هو ديدن المبطلين، ويعد هذا من أساليب قطع صلة الشباب بعلمائهم، فالشباب بأمس الحاجة إلى التوجيه والتربية والتلقي عن العلماء، والأخذ بأخذهم بأيديهم، امتثالاً لأمر الله في قوله تعالى: (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)، ولأن خبرة العالم ورؤيته ونظره الثاقب وقربه من الشباب سلامة لهم من الفتن، وعاصم لهم من الانزلاق في متاهات الانحراف، وهذا في كل وقت، وفي أوقات الفتن والمتغيرات والتحولات يكون الأمر آكداً، ولهذا أمر الله بالرد إليهم في النوازل والمدلهمات، قال الله تعالى: (وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ)، ومسؤوليتنا أن نقاوم هذه المشاركات والأساليب التي يتم التأثير بها على الشباب لفصلهم عن العلماء، واتهامهم بتلك التهم التي هي في حقيقتها ثناء ومدح؛ لأن قرب العلماء من ولاة الأمر خير للأمة، وسبب لنجاتها، وتحقيق الصالح العام فيها، وأن نعلم أن طبيعة المجتمعات والشباب خصوصاً الاعتماد على مرجع يتلقون عنه، فإذا أسقطت مكانة العلماء وهيبتهم فإن البديل ما أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «اتخذ الناس رؤساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا»، وهذا ما هو واقع لما صرفوا الشباب عن العلماء، تم ترميز أهل البدع والانحراف ليكونوا هم الموجهين لهم، وصاروا يتلقفون الفتاوى من المجاهيل وأهل الانحراف، وهذا ما يضاعف المشكلة، فالمسؤولية كبيرة، والخطر عظيم وعلى العلماء خصوصاً قسط منها ليسدوا هذه الثغرة، والله المستعان. الدين والسياسة استغل الدين في تنظيم الأحزاب السياسية حتى أضحى منتشراً في عالمنا العربي والإسلامي لتحقيق أهداف سياسية.. السؤال: كيف يدرك المجتمع خطورة هذا الأمر وما السبيل في ذلك.. وكيف يمكن التصدي له؟ - من أساليب أهل الباطل قديماً وحديثاً تزيين الباطل، وتمرير الانحراف بلبوس الحق والدين، وإلا لما راج الباطل، فأهل الباطل والانحراف وصفهم الله تعالى بقوله: (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا)، والمنافقون قال الله تعالى عنهم: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ، أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ)، ومن ذلك استغلال الدين في قضايا السياسة، وتمرير الانحرافات باسم الدين، وتنظيم الأحزاب وتزيينها بهذه الحجة، وهذه من أصول بعض الجماعات ولا سيما جماعة الإخوان المسلمين، كما مر، فإنهم تحت شعار الإسلام والخلافة والجهاد مرروا انحرافاتهم، وروجوا أفكارهم ولا يعني ذلك أن الدين لا علاقة له بالسياسة كما قد يستغل الطرف الآخر، وهو الزاوية الأخرى من الانحراف، فديننا بأحكامه ومقاصده وقواعده والتطبيق العملي من رسولنا صلى الله عليه وسلم قد شمل كل ما يحتاج إليه الناس في معاشهم ومعادهم، وفي عباداتهم ومعاملاتهم وأحوالهم وتحولاتهم، كما قال سبحانه وتعالى في كتابه: (مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ)، وقال أبو ذر رضي الله عنه: «لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ترك لنا منه علما»، فعلاقة الراعي بالرعية، والشعب بحكامهم من الدين، مؤصلة مفصلة مذكورة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وفيما سطره العلماء في الأحكام السلطانية شاهد على هذا، وإنما الذي وقع من جماعات الإسلام السياسي هو توظيف الدين ليكون هو الوسيلة إلى مآرب سياسية يتجاوزون بها الأصول الشرعية، فيتم بها تجاوز أحكام الشرع في الجماعة والإمامة، بل في الخروج على الولاة، وشق عصا الطاعة، ونقض البيعة، وخلخلة الوحدة والمشاركات التي توصف بأنها جهادية، كل ذلك يتم بأفكار هذه الجماعات وهذا ما يعد انحرافاً، بل استغلالاً للدين، وعلامة ذلك أن يتم الكيل بمكيالين في مواقف متعددة، فما يخدم الهدف ويحقق المصلحة للحزب فهو مشروع، وإذا وجد نظيره في واقع دولة فإنه يتم استجداء شذوذات لشرعنته، فإذا ما كان الهدف الوصول إلى الحكم كان الخروج على الحكام في نظرهم ثورة، وإذا ما أرادوا توظيف ذلك في تثبيت ضلالهم وانحرافهم فيمكن أن يكون تمرداً وعصياناً وخروجاً، وتسرد النصوص في ذلك، وأمثلة هذا كثيرة، وهو من البلاء الذي ابتليت به بلاد المسلمين والله المستعان. الوسطية والاعتدال الوسطية في الدين هو مناهج السلف كيف نغرس هذا الأمر في المجتمع؟ وكيف ترون دور المساجد والجوامع والجامعات والمدارس وكذلك الأندية الرياضية والأدبية في هذا الجانب؟ - الحديث عن الوسطية حديث عن ميزة هذا الدين، وأهم خصائصه، امتن الله بها علينا في قوله: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) وبسببها كانت شهادة هذه الأمة على الأمم السابقة، ورسولنا صلى الله عليه وسلم كان يحذر من الغلو ويأمرنا بالأخذ بهذا الدين بوسطية وسماحة ويسر، وكما أن الوسطية ميزة هذا الدين فهي من وجه آخر الصورة الناصعة لحياة الرسول صلى الله عليه وسلم وسلف هذه الأمة، الذين طبقوا هذا الدين بوسطيته، وأخذ ذلك عنهم المسلمون سلفاً وخلفاً حتى كانت هذه الدولة المباركة، التي قامت وتأسست في أدوارها الأولى على هذا الدين بوسطيته، وطبقته على أرض الواقع بنقائه وصفائه، وما يحصل من انحراف كبير أو صغير في أي مجتمع إلا نتيجة الخلل في هذه الوسطية، ولهذا إذا أردنا المعالجة المؤثرة لقضايانا فإن من أهم ما يجب أن نرتكز عليه هو إعادة الناس إلى المنابع الصافية، وربطهم بالأصول العظيمة، وأهمها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه سلف الأمة، فهذا هو نهج الوسط، والسؤال عن طيفية غرس هذا المنهج لا يمكن إغفال الواقع الذي هو في عمومه وتطبيقاته نهج الوسط، والأصل هو هذا النهج والسلامة، وما يحصل من انحراف فإنه مما يبشرنا بزواله وانحساره أن نحاكمه إلى هذا الأصل الذي عليه السواد الأعظم، وهو السائد في مناهجنا وجامعاتنا ومدارسنا، وهذا ما يجعلنا نتفاءل وإنما أفكار التطرف إلى زوال، لأنه أفكار نشاز، ولا يدن لها ولا وطن، ومقاومتها بهذه الأصول التي توافق الفطر هو أنجع وسيلة، وكما أشرت سابقاً أن الأساليب التربوية والتعليمية والتوجيهية يجب أن تعتمده، وأن يمثل المجتمع في القدوة والأسوة، حتى يسود هذا النهج، ويقضي على ما يطرأ من انحراف. تويتر وفيسبوك وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة مثل تويتر، الفيسبوك، والواتساب، وغيرها أصبح الأعداء وبعض الجهلة يبثون السموم من خلالها للتفريق وإضعاف الأمة كيف السبيل في مواجهة هؤلاء وتنوير المجتمع بأهدافهم الخبيثة؟ - شبكات التواصل الاجتماعي كانت نقلة نوعية في عالم الاتصالات والتواصل والتقنيات والتكنولوجيا ولا بد من الإدراك والوعي فلم يعد الأسلوب المجدي هو أسلوب المنع والحصر، فأسلوب المنع أصبح غير مجد. حيث إنها أصبحت ذات انتشار وشيوع لا ينفع معه هذا الأسلوب، ولا بد أن نتحدث أولًا عن الواقع كما هو، فثمة من وراء هذه الوسائل مخاطر فكرية ومخاطر تربوية ومخاطر اقتصادية ومخاطر سياسية ومخاطر اجتماعية كلها ترتبت على ما يسمى بالإعلام البديل أو الإعلام الجديد أو شبكات التواصل الاجتماعي كالتويتر وفيسبوك وسكايب والواتساب.. أشياء كثيرة بحيث أصبحت الآن لغة العصر. فلا تكاد تجد شخصاً كبيراً أو صغيراً لم يتعامل معها، بل أصبح الأمي الذي لا يكتب ولا يقرأ يستطيع التعامل معها وغدت لغة قوة مؤثرة، ولهذا لا يستغرب توجه كل القوى المعادية من دول وجماعات وتيارات إلى هذه الوسيلة وصولاً إلى أهدافهم، وتحقيقاً لفسادهم، فلا مزايدة على أن هذه التقنيات لها أثرها على وحدة المجتمع وتماسكه ومن ذلك تأثيرها على وحدة هذه البلاد وتماسكها، حيث سعى ويسعى أعداء هذه البلاد إلى تشويه صورتها بالباطل والكذب، ولغة الأرقام تشهد أن الغالب من الاستخدام هو السيئ، وإن التجنيد والتحريض بات يدبر من خلالها، فهؤلاء يهدفون إلى إيجاد خلل في الصف وزرع اعتقاد في المجتمع حتى تحصل الفتنة، فلا بد من وجود إطار تنظيمي يسهم في مواجهة الأخطار المترتبة على هذه الوسائل والتصدي لما من شأنه الإضرار بوحدة هذه البلاد وسلامة أهلها، وهذا أحد أساليب المواجهة ولا بد من خطوات تصب في الوقاية من الخطر وهذا يتجه إلى المؤسسات كافة المعنية بالشباب خصوصاً حتى تتم الوقاية من الخطر. أولويات واهتمامات في ختام هذا الحوار ما الأولويات التي تشغلكم حالياً في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية؟ - على مستوى مهام الجامعة فإن الخطوات فيها للوصول إلى العالمية أو الريادة تسير بشكل مدروس متوازن، ونهجنا في الجامعة أن حديث الأفعال ولغة الأرقام أبلغ الأحاديث، وأصدق الأنباء، ولذا نتعامل مع الإعلام بحذر لئلا يستجرنا الإعلام إلى مبالغة لا يصدقها الواقع، وفلسفة الزملاء في الجامعة العمل بروح الفريق الواحد، والتفاني والتعاضد للوصول إلى الهدف، وقدوتنا في كل هذا ولاة أمرنا -أيدهم الله- الذين سخروا جهودهم وأوقاتهم لخدمة هذا الوطن المعطاء، أما على المستوى الوطني بالبعبد الأكاديمي الذي يعد مسؤولية وأولوية قصوى، للتصدي للأفكار الإرهابية والجماعات المتطرفة، وكشف أجندتها وأياديها الخفية، وضلالاتها بشفافية وموضوعية، ومنهجية علمية، بعيداً عن المزايدات أو ردود الأفعال غير المنضبطة، ولا سيما أنه كما ذكرنا آنفاً أن الجامعات مراكز توجيه، ومصادر تأثير عميقة، وهذا يفسر التركيز عليها من دعاة الفتنة والانحراف ليجرفوا شبابنا في هذه المتاهات، ورغم ما بذل من جهود في هذه الجامعة العريقة، وما تحقق من آثار حميدة إلا أننا نرى أن الهدف بعيد، والشر كثير، والخطر عظيم، ولكن مع صدق النوايا وتضافر الجهود الأثر سيكون شاملاً ومؤثراً بإذن الله.