لا تكاد مدينة في المملكة تبرأ من وجود أحياء عشوائية فيها، وهي أحياء لا تفتقر إلى التنظيم فحسب، بل تفتقر إلى كثير من الخدمات كذلك، فضلا عن تدني مستوى النظافة فيها، وتحولها إلى مناطق لجذب المقيمين إقامة غير نظامية، وبؤر للجريمة. وإذا كانت بعض تلك العشوائيات قد نشأت قبل وجود البلديات، وقبل تنظيم وتخطيط المدن فإن كثيرا من تلك العشوائيات ظهرت مؤخرا على هوامش المدن القائمة والمخططة في غفلة متعمدة، وتغاض مقصود من قبل المسؤولين في تلك المدن والتي لم تلبث حين توسعت وامتدت وتجاوزت مساحاتها ما كان يتوقعه المسؤولون فيها أن أصبحت تلك المناطق والأحياء العشوائية جزءا منها يقوم وسط أحيائها الجديدة، وحسبنا هنا أن نشير إلى جدة على سبيل المثال، حيث تنتشر المناطق العشوائية شرق الخط السريع، وجنوب شارع حراء، وشمال شارع الأمير سلطان بن سلمان، وشارع الأمير محمد بن عبد العزيز وهي أحياء عشوائية نشأت خلال العقود الأخيرة حينما كانت جدة مشغولة بالطفرة، وتزيين شوارعها، وإقامة المجسمات في شوارعها وكأن المسؤولين فيها لا يدركون خطر تلك المناطق العشوائية، ومدى الخطر الذي سوف تشكله، وحجم العبء الذي سوف تتحمله خزينة الدولة لو قررت الأمانة وبلدياتها تصحيح وضع تلك المناطق العشوائية، وإعادة تأهيلها وحجم معاناة قاطني تلك المناطق والأحياء العشوائية سواء تركوا كما هم مقيمين في هذه العشوائيات، أو تم تصحيح وضع أحيائهم وإعادة تأهيلها. وإذا لم يكن هناك بد من اتخاذ خطوات جادة لتصحيح وضع كثير من مدننا التي تعاني من العشوائيات، ورفع المعاناة عن سكانها وتطهيرها من أن تكون مأوى للمخالفين وبؤرا للجريمة فإن على الأمانات والبلديات أن تدرك أنها تقوم بتصحيح أخطائها، وتدفع ثمن غفلتها حين كانت تلك العشوائيات تنشأ وتتوالد على هوامش المدينة، وتحت نظر المسؤولين فيها دون أن يحول أحد منهم دون ذلك.