أشاد وزيـر الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بالكلمة التي ألقاها خادم الحرمين الشريفين وأوضح خـلالها موقـفه من الإرهاب والتخاذل الدولي قائلا : إنها اتسمت بمصداقية وشفافية تعودناها من الملك عبد الله حين أطلق لأول مرة منذ عشر سنوات مقترحا لإنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب مطالبا بتحرك دولي في هذا الإطار. كما أكد فابيوس في حوار مع «عكاظ» بأنه لا يوجد أي مبرر لقتل الأطفال وسفك دماء المدنيين في حديثه عن الأوضاع في غزة ونوه بأنه لا مجال للتطرف والجماعات الإرهابية مؤيدا مطالب المليك بإنعاش عمل المركز الدولي لمكافحة الإرهاب ودعم المسؤولية الدولية في هذا الصدد، ووصف الأوضاع في العراق بأنها أمر غير مسبوق مشيدا بالتعاون المشترك وتبادل الآراء مع نظيره الأمير سعود الفيصل.. وشدد فابيوس على العلاقات المتميزة التي تربط فرنسا بالمملكة العربية السعودية والتنسيق المستمر وتبادل وجهات النظر بين البلدين حيال المستجدات الإقليمية والدولية.. وأيد الوزير الفرنسي اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس وقال إن بلاده مستعدة لدعم هذه الهدنة وتقديم المساعدة.. وأشار فابيوس في حواره إلى أن التطرف بات يشكل خطورة كبيرة على أمن الدول وأن دول أفريقيا تتعرض أيضا لهذه الموجة الخطيرة من ظاهرة الإرهاب فيما يتراجع التحرك الدولي المطلوب في هذا الصدد.. وإلى نص الحوار: • وجه خادم الحرمين الشريفين كلمة عبر فيها عن موقفه الجاد حول ظاهرة الإرهاب وانتقد التخاذل الدولي.. كيف قرأتم الرسالة؟ ــ في البداية أود التأكيد على العلاقات الوثيقة والمتميزة التي تربطنا بالمملكة العربية السعودية وعلى حرصنا في التواصل مع الرياض في ملفات متعددة ... وفيما يخص كلمة الملك عبد الله بن عبد العزيز فهي برأيي اتسمت بمصداقية وشفافية تعودناها من الملك عبد الله حين أطلق لأول مرة منذ عشر سنوات مقترحا لإنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب وقد كنا من أوائل الدول التي أيدت هذا المقترح. • لقد احتوت كلمة المليك على نقاط متعددة.. والسؤال هو لماذا تتصدى المملكة للتحذير من الخطر ؟ ــ نحن نعتبر التحذير السعودي يأتي في إطار عدم التشويه على العقيدة الإسلامية والدين الإسلامي ومن المؤسف أن تكون هناك جماعات متطرفة تسيء إلى العالم الإسلامي ونحن نقدر القلق الذي تواجهه الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط ونعتبر هذا الخطر يؤثر علينا أيضا في أوروبا لاسيما لوجود أفراد من دول أوروبا تشارك مع هذه الجماعات.. وبرأيي إن المواجهة لا بد أن تكون موحدة وأن يكون هناك دراسة وافية للتعامل مع هذه الآفة، ولقد حذرنا مرارا من تفاقم الجماعات التي تتخذ الدين ذريعة لأعمالها.. • هناك انطباع من أن الدول الكبرى لم تقم بالدور المطلوب لمنع هذا التطور لاسيما محاولات لإضعاف المنطقة الأمر الذي أدى إلى عدم الاستقرار؟ ــ من الضروري الإيضاح بأهمية العلاقات الفرنسية مع العالم العربي ولذلك لا بد من التطرق للبدايات حين قام محمد البوعزيزي البائع المتجول التونسي في ديسمبر 2010 بإضرام النار في نفسه لم يكن أي أحد يدرك أن هذا كان بداية موجة صدمة ستحدث تحولات في العالم العربي ... والآن نحن أمام عالم متغير ولا يمكن مقارنة أحداث دول الشرق الأوسط بالأوضاع في دول المغرب العربي أو الخليج العربي لأني على قناعة من أن دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية أصبحت طرفا فاعلا وأساسيا في سياسات الأمن والاستقرار في العالم كما أنها تقوم بدور حاسم في التطورات الإقليمية لاسيما ما يتعلق بالحفاظ على الأمن .. ومن منطلق هذا التطور فإن فرنسا حريصة على دعم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وأن حالة التوتر التي تشهدها المنطقة لا تخدم العمق الأمني سواء في المنطقة العربية أو في أوروبا. • بدأت بعض الدول الأوروبية ومنها أيضا فرنسا في تصنيف الإرهابيين وتحديد هويتهم فيما تصاعدت المخاوف من الإساءة إلى المسلمين المقيمين في الدول الأوروبية والذين يحملون الهوية الأوروبية ؟ ــ من المؤسف أن يرتبط الأمر بالتأثير على مواطنينا المسلمين ولذلك نشعر بضرورة التفاف صفوف الإعلام الفرنسي والتوضيح من هو الإرهابي وهويته ومدى تأثيره على المجتمع داخليا وخارجيا ونحن في هذا الصدد نتعاون مع المراكز الإسلامية في فرنسا التي لا تبخل بتقديم التفسيرات.. نحن في الحقيقة وليس فقط في فرنسا نمر بمحنة تختلط فيها الأمور ولذلك كان من أهم ما طرحناه في الحوار الأوروبي العربي أخيرا في أبريل الماضي هو تكثيف التعاون لعدم الخلط بين الإرهاب والإسلام. وهو الأمر الذي كان بالطبع أكثر وضوحا في كلمة الملك عبد الله بن عبد العزيز بأن الإرهاب ليس له دين ولا هوية. ومن هنا فإن تعاوننا مع الجانب العربي ومع المملكة العربية السعودية ينطوي على مبدأ تحقيق الأمن والاستقرار للدول وضمان حياة أمنية لمواطنيها. • إذا انتقلت إلى الأحداث التي تجري في العراق.. وما يقوم به تنظيم الدولة الإسلامية في العراق.. فما هو تعليقكم..؟ ــ لقد كنت قد تشاورت مع الأمير سعود الفيصل حول الأوضاع الجارية في العراق واتفقنا على أن ما يحدث في العراق هو أمر غير مسبوق فضلا عن إجماعنا بأن العراق بحاجة إلى حكومة وطنية تلم شمل جميع العراقيين، ونحن رحبنا بتولي المملكة رئاسة مجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي لأننا على قناعة من أن هذه الرئاسة سيكون لها إيجابيات وتأثير فعال على التعاون الفرنسي السعودي من جانب والفرنسي العربي من جانب آخر. وبالإشارة إلى ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية فإنه مما لا شك فيه أن هذا لا يؤثر فقط على وحدة العراق وإنما على مجمل الاستقرار في الشرق الأوسط في سوريا والعراق ومن ثم أمن أوروبا ولذلك فقد دعمنا إصدار قرار من مجلس الأمن مؤخرا الذي جاء فيه بأن انتهاكات تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وخاصة مؤخرا في بلدة سنجار هي انتهاكات تشكل «جريمة ضد الإنسانية» ونحن نؤيد إدانة مجلس الأمن للانتهاكات المتكررة بحق الأقليات ونعتبر تنظيم الدولة الإسلامية «يشكل تهديدا للأمن والسلام بشكل عام». • ما هو موقف بلادكم من العدوان الإسرائيلي على غزة وكيف ترون الموقف الأوروبي ؟ ــ نحن نؤيد التوصل إلى هدنة ونعتبرها فرصة لتوفير أرضية لاستئناف عملية السلام.. ونحن كنا قد أكدنا أنه من حق إسرائيل ضمان أمنها ولكن ذلك لا يبرر قتل الأطفال وسفك دماء المدنيين في غزة ونحن بطبيعة الحال نرى أن حماس تتحمل مسؤولية كاسحة في هذه الدوامة الرهيبة التي تخدم خاصة مصالح المتطرفين ونطالب المجتمع الدولي بلملمة الصف لفرض حل سياسي على الطرفين ولإنهاء الصراع بين الجانبين، ونؤكد أنه لا بديل لخيار الدولتين. كما أننا في فرنسا كما هو الموقف الأوروبي نؤيد الجهود المصرية لتحقيق الهدنة ونحن مستعدون للمساهمة بشكل ملحوظ في دعم هذه الخطوة. ومن هنا فإنه من الضروري التوصل إلى حل سياسي يعرف الجميع شروطه وهو الذي يجب أن يفرضه المجتمع الدولي بما أن الطرفين فشلا في الاتفاق عليه على الرغم من محاولات لا تعد ولا تحصى. • أصدر الملك عبد الله بن عبد العزيز أمرا بتقديم مساعدة للجيش اللبناني والأمن الوطني قدرها مليار دولار ... كيف ترون هذه الخطوة ؟ ــ ليس من المستغرب أن يبادر الملك عبد الله بن عبد العزيز بتقديم الدعم للحفاظ على وحدة أراضي لبنان وأمن الدولة ونحن من جانبنا كنا قد أدنا الهجمات التي تعرض لها الجيش اللبناني وقوات الأمن الداخلي اللبنانبة في منطقة عرسال منذ السبت الأسبوع الماضي وراح ضحية هذا الهجوم 10 من الجنود اللبنانيين. وهنا نقول إننا نجدد مسانداتنا للبنان لسلطاته ومؤسساته بدءا بالجيش الذي يكافح بشجاعة للحفاظ على السلام في لبنان وعلى استقراره ووحدة ترابه. • فرنسا تساهم ضمن المجموعة الدولية في التوصل إلى اتفاق مع إيـران بشأن ملفها النووي انطلاقا من تأثير هذه الخطوة على أمن المنطقة العربية.. كيف تقيمون الموقف اليوم؟ ــ نحن نقول إنه يحق لهذا البلد استعمال الطاقة النووية لأغراض سلمية لكن حيازته للسلاح النووي سيعرض المنطقة لأخطار جسيمة لانتشار النووي ولعدم الاستقرار ، والمفاوضات الجارية تتعلق برهان كبير لنا جميعا كما للدول المجاورة لاسيما دول الخليج ونحن في تشاور مستمر مع هذه الدول فضلا عن التقدم في المفاوضات الدولية مع إيـران ونحن بصدد التواصل بين المجموعة الدولية وإيـران في الأسابيع المقبلة .. وقد تم تمديد تعليق بعض العقوبات على إيـران إلى 24 نوفمبر القادم.