رجال الأعمال ما بين لذة الثراء وشهرة العلماء بقلم الكاتب / ا.د.رشود الخريف مواصلة التعليم أمر مطلوب، بل إن طلب العلم فضيلة يحث عليها الدين كما في القول المأثور: اطلب العلم من المهد إلى اللحد! لا شك أن الإسهام الفاعل في مجال العلم والثقافة عمل نبيل ينبغي أن يُشجع ويدعم ويُشكر! ولكن أليس من المتوقع أن يلجأ المُولع بالعلم ولعاً صادقاً إلى منابع العلم المعروفة، دون اللجوء إلى مصانع الشهادات الوهمية؟! مع الأسف الشديد، لقد ابتلي بعض رجال الأعمال بهوس الألقاب العلمية، فلا يكتفي بعضهم بلقب الشيخ، بل يريد أن يكون دكتوراً، ما يجعل بعضهم يلهث وراء الجامعات الوهمية. لقد اتضح أن قوائم حملة الشهادات الوهمية في بلادنا طويلة، حسبما يذكر عضو مجلس الشورى الدكتور موافق الرويلي، الذي يعمل بجد لمكافحة انتشار هذا النوع من الشهادات. ولا يكتفي بعضهم بحصوله على الشهادة الوهمية، بل يقتحم ـــ بشجاعة ـــ ميدان التأليف والنشر. لا اعتراض على مبدأ التأليف! فليس غريباً أن يكون لدى قلة من رجال الأعمال ميول للأدب أو التاريخ أو الجيولوجيا أو غيرها من مجالات العلم، وقد يدفعهم فضولهم وولعهم العلمي إلى البحث والتأليف! وهذا أمر مشروع لكل من استطاع إليه سبيلاً! ولكن قاصمة الظهر أن يلجأ بعض رجال الأعمال إلى استئجار العقول والاستعانة بالباحثين والأكاديميين لتحقيق أحلامهم في تأليف الكتب والمراجع! بعض رجال الأعمال (المؤلفين!) يستأجرون الباحثين ويستعينون بالأكاديميين للتفكير نيابة عنهم ومراجعة مؤلفاتهم دون اعتراف بحقوقهم الفكرية أو إشارة أو شكر لجهودهم في صفحة الشكر أو حاشية الدراسة! هذه الأفعال تتنافى مع الأخلاق الإسلامية النبيلة التي تحث على الأمانة وعدم سلب حقوق الآخرين والاستئثار بها، ولا تتفق ـــ البتة ــــ مع أخلاقيات البحث العلمي التي تُجرم السطو على الحقوق الفكرية للآخرين أو استئجار الآخرين دون الاعتراف ــــ المعلن ــــ بإسهامهم في العمل العلمي. في المقابل، يمكن أن يسهم رجال الأعمال في تنشيط الحركة الفكرية وتشجيع البحث والتأليف من خلال إنشاء مراكز دراسات خاصة تدعم الباحثين والمؤلفين وترعى المشروعات العلمية الثقافية، التي تخدم المجتمع والثقافة العربية الإسلامية بدلاً من فتح مكاتب (للتوليف) واستئجار باحثين والاستعانة ببعض الأكاديميين، الذين قد يغريهم المال أو تدفعهم الحاجة إلى إسداء خدماتهم لهؤلاء الأثرياء، الذين يريدون أن يجمعوا بين لذة الثراء وشهرة العلماء!