كان سميح القاسم يقول: «سنعطي الشوارع أسماء من لم يسيروا عليها طويلا». في تسمية الشوارع ترميز للعظماء والمبدعين والعباقرة الذين أثروا الأرض وأفادوا الإنسان. من المهم والضروري أن ترتبط أسماء المؤثرين بأسماء الجامعات أو الشوارع. لكن هناك خللا في موضوع التسميات سببه الأمانات والبلديات. لو تأملنا في الشوارع الرئيسية في مدن كبرى مثل جدة والرياض، وصولا إلى الدمام ومدن القصيم، سنجد أن هناك ازدواجية في التسمية. والبلديات لا تعتني بمدى اهتمام الناس بالاسم الجديد من عدمه، فقط تسمي وتمضي، ولا تهتم أصلا بأن يكون الاسم شائعا أو غير شائع. مثلا شارع التحلية في الرياض أو في جدة لا تزال تسميتهما بالتحلية مع أن اسمه الرسمي غير ذلك. وقل مثل ذلك في شوارع الستين والأربعين، أو شارع الثلاثين، كلها تسميات المجتمع التي لم تتغير ولا تستطيع البلديات تغييرها. ولذلك أحسن ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز، عندما رفض مقترح تسمية شارع المكرونة في جدة باسمه، معتبرا أن الناس عرفوا الشارع بهذا الاسم، ويجب أن يبقى على ما هو عليه، لا أن يغير كما اقترحت الأمانة. ليس من التكريم في شيء أن نضع اسم عظيم على شارع عرف الناس اسمه واعتادوا عليه، ففي هذا ترسيخ لنسيان المبدع موضع التكريم، وهدف التسمية أصلا هو التخليد والنشر لاسم هذا الرمز أو ذاك، وحين نضع اسمه على اسم شارع حفظ الملايين اسمه القديم فنحن نقوم بإهانة الرمز بالتسمية لا تكريمه. أسماء الرموز تستحق أن تكون لها شوارع جديدة وفخمة، حتى يتذكر الناس قيمتهم، أما أن تبدل اسم شارع معروف ومشهور باسم لرمز فهذا فيه انتقاص للذاكرة الاجتماعية، وفيه ضعف تكريم للرمز الذي سمي عليه الشارع. الأسماء ذاكرة الناس، ولا يصح أن نبدل اسم قرية، أو اسم شارع بهذه السهولة، لا أدري لماذا لدينا تساهل في الهدم والردم بدلا من الحفاظ على الإرث؟!