عندما تزداد التحديات وتتعاظم المخاطر أمام الأمتين العربية والإسلامية فإن الأنظار تتجه إلى المملكة ومصر تطلعًا إليهما لمواجهة هذه التحديات والتصدي لتلك المخاطر، فلدى القاهرة والرياض عوامل القوى ومقومات النهوض بأعباء المسؤوليات الجسيمة التي تتطلبها المرحلة بعد تنامي ظاهرة الإرهاب بكافة أشكاله وأنواعه إلى الحد الذي أصبح يهدد أمن واستقرار المنطقة بأسرها وليس بعض بلدانها. وهو ما دأب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - من التحذير منه عندما طالب المجتمع الدولي قبل نحو عشر سنوات بإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب، وعندما حذر قبل بضع سنوات وقبل تفاقم الأزمة السورية بمطالبة القوى العظمى بدعم الثورة السورية في مواجهة الطاغية بشار الأسد، وحيث أدى تقاعس المجتمع الدولي بما في ذلك القوى العظمى عن الاستجابة لهذه التحذيرات إلى تنامي الظاهرة الإرهابية وتعاظم الخطر الإرهابي بعد توافد الآلاف من عناصر داعش وجبهة النصرة إلى سوريا ثم مؤخرًا إلى البقاع اللبناني والمناطق الكردية بعد السيطرة على الموصل. هذه التطورات المتلاحقة التي تشهدها المنطقة بكل ما تحمله من تهديدات ومخاطر بدءا بالعراق وسوريا واليمن ولبنان، وصولا إلى الفوضى السائدة في ليبيا وتداعياتها، ثم تعاظم أزمة غزة مع استمرار العدوان الإسرائيلي إلى جانب تعثر المفاوضات التي تعقد منذ بضعة أيام في القاهرة برعاية مصرية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي التي وصلت إلى طريق مسدود بسبب التعنت الإسرائيلي، هذه التطورات وتداعياتها استوجبت لقاء القمة بين خادم الحرمين الشريفين وأخيه فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي باعتبارهما قطبي التضامن العربي ومحور ثقله الإستراتيجي لإخراج الأمة من المأزق الراهن الذي يهدد وحدتها وأمنها واستقرارها وتفعيل إمكاناتها في مواجهة الخطر الإرهابي ووضع نهاية لعملية الإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل في قطاع غزة. القمة التاريخية التي جمعت أمس زعيمي أقوى دولتين عربيتين تكتسب أهميتها كونها أول زيارة للرئيس السيسي للمملكة، إلى جانب توقيتها وأهدافها بما يجعلها مرحلة جديدة في علاقة الشراكة الإستراتيجية بين البلدين الشقيقين إلى جانب ما يعلق عليها من آمال في العمل على نزع فتيل النزاعات الدائرة في العديد من دول المنطقة من خلال ما عرف عن خادم الحرمين الشريفين من حكمة ونظرة ثاقبة وصائبة للأمور وأفق سياسي بعيد يضع في الاعتبار وفي الأولوية المصلحة العليا للأمة.