لعلي هنا أسطر هذا المقال من باب الإعجاب على ما احتواه كتاب الدكتور محمد شحرور «الإسلام الأصل والصورة» الذي ينطلق من فِكرة ليست بالجديدة. لكن الجديد في كيفية بلورتها، ألا وهي الإصلاح الثقافي «الدِيني» قبل كل الإصلاحات، كونه المرجع والهُوية المتنازع عليها والمختلف فيها، وشحرور يعدّ فكرته هذه مشروعاً إسلامياً متنوراً، العالم العربي والإسلامي في أمس الحاجة إليه، وذات الفِكرة التي تحرث في تربة الإسلام ومحاولة تنقيته من صورته التقليدية التراثية التاريخية، وهو ما يحتويه أفكار المؤلف في هذا الكتاب الممتع، مطمعه في ذلك إيجاد أرضية مشتركة نحو إسلام أصيل، مرجعه القرآن الكريم من أجل العدالة والحرية، التي ليست سوى كلمات وعبارات في الأوطان العربية والإسلامية الشقيقة التي على مر عصور التاريخ ليس لها وجود في الوعي الجمعي العربي والإسلامي حتى غدت شرارة للفوضى الخلاقة عندما تنشدها الشعوب التواقة للعدل والحرية. ولعل الإسلام المعاصر وما حدث له من تجاذبات رهيبة بين الحركات الإسلامية السياسية المعاصرة والمدعية أفضليتها وتلك المؤدلجة.. أكثر حاجة إلى إعادة النظر في مرجعياتها وفي أدلة الأحكام الشرعية وآلياتها. ومن ذلك -على سبيل المثال- تاريخ الأصولية الإسلامية والعنف. وما أشرسُهُ وأعنفُـهُ في أوطاننا العربية هذه الأيام! والأهم أن الجامع لتلك الرؤى هو أهمية إيجاد ميثاق إسلامي في بلدان الشرقين الأدنى والأوسط. التي تعج بالإرهاب والعنف والتنظيمات الدموية ليس آخر صيحاتها «تنظيم داعش الإرهابي» والعدد في تزايد مخيف. التي أصبحت تمزق شمل الأمة الإسلامية وتجعل البلدان العربية سهلة المنال لاستعمار غربي جديد، إن الرؤية المعاصرة للإسلام كيف كان؟ وكيف يجب أن يكون؟ ضرورة تحتم علينا إعادة النظر في إسلامنا المختطف من جهات عِدة، جماعات وأفراد ودول، ونفض غبار «الأيديولوجيات المظِلة» عنه ومحاولة تطهيره من الغلو والتطرف والتشرذم والحركات الأصولية والمنظمات والمذاهب المتناحرة.. التي اعتبرها «خارطة طريق» تفضي إلى إسلام متنور طاهر وعصري يقوم على ركن أساسي هو «الإيمان الراسخ بالله وبنبيه وبكتابه» تلك وغيرها المادة الدسمة والدروس المفيدة من كتاب الدكتور محمد شحرور الذي أبدع وأمتع. وأتمنى أن يكون مرجعاً في المدارس والجامعات لما يحتويه من قيمة فكرية تنويرية بعمقهِ المعرفي والفلسفي تجاه موقف الإسلام من الحياة وضرورة تجديد رؤيتنا لما يجب أن نكون عليه.