×
محافظة المدينة المنورة

طلاب طيبة ينتقدون آلية القبول بالجامعة

صورة الخبر

لم تمنع إصابة "ياسمين" بالسرطان -عندما كان عمرها ثمانية أعوام- من محاربة هذا الداء وهي في سن الطفولة، وهي التي لا تملك تلك الثقافة الصحية، إلاّ أن أسرتها كانت هي السبب في تجاوز تلك المحنة، والتي وصفتها بأنها الأشد والأقسى على حياة أسرتها الهادئة، والتي بسببها توفي والدها حزناً على "فلذة كبده" بعد إصابتها بالسرطان بشهرين. تفهم حالة المريض ودعمه نفسياً يُسهمان في سرعة الشفاء.. أخرجوهم من العزلة "ياسمين الطيب" التي تبلغ من العمر الآن (18) عاماً، متخرجة من المرحلة الثانوية، هي الآن متطوعة للجلوس مع الأطفال المصابين ب"سرطان الدم" أو "سرطان الغدد اللمفاوية"، أو أي نوع من أنواع السرطانات؛ لنقل تجربتها لهم، وكيف سيطرت عليها، وكيف تحملت آلام العلاج الكيماوي والعلاج الإشعاعي في مستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام بقسم الأورام رغم صغر عمرها، أصبحت تروي لهم القصص، معترفةً بأن بعضهم أصبح أقوى منها في محاربته، منتقدةً الثقافة السائدة لدى البعض بأن مصاب السرطان محكوم عليه بالوفاة، مؤكدةً على أن (50%) من تجاوز هذا المرض يعتمد على العلاج النفسي والتشجيع من الأهل والأقارب. وتشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى أن (80%) من الأطفال المصابين بالسرطان يعيشون في دول نامية، وتزيد مخاطر الإصابة لدى الأطفال الرضع، وهناك (12) نوعاً للإصابة بسرطان الأطفال، ويُعد "اللوكيميا" -سرطان الدم-، و"سرطان الدماغ" من أشهر أنواع السرطانات التي تصيب الطفولة، وتقدر جمعية السرطان الأمريكية بأنه سنوياً يتم في الولايات المتحدة تشخيص نحو (10) آلاف طفل مصاب بالمرض قبل سن (15) سنوياً. وللأسرة دور كبير في تخفيف معاناة مريض السرطان والحد من الانتكاسة، فالأسر التي تساعد المريض وتتفهمه ولا توجه له النقد المستمر تسهم في سرعة شفائه، كما أن التعامل مع المريض ومساعدته في الخروج من عزلته أمر ضروري عن طريق جعل العالم من حوله أكثر جاذبية، إضافةً إلى أهمية دعم الأسرة للمريض نفسياً، وإبلاغه أن ما يشعر به من الحزن والخوف هو شعور طبيعي تماماً في هذه اللحظات العصيبة. ويحتاج المريض كذلك إلى مساعدة أخصائيين نفسيين ليتمكنوا من عبور المرحلة الحرجة، وكذلك لتهيئته للعودة إلى حياته الطبيعية بعد انتهاء فترة العلاج، فقد ثبت علمياً أن الحالة النفسية لمريض السرطان من أهم مقومات شفائه ونجاح علاجه، وأن إرادة الشفاء بداخله هي العامل الأساسي الذي يحفز الجهاز المناعي بداخله لكي يتصدى ويقضي على المرض. لوكيميا الدم وعرّفت "د.نفيسة الفارس" -استشارية أمراض الدم والأورام عند الأطفال والحاصلة على البورد الأمريكي لأمراض الدم والأورام عند الأطفال- سرطان الأطفال قائلةً: هو خلايا خبيثة تنمو بحجم وشكل غير طبيعي، تخرج عن حدود العضو الذي تنمو به، وعندها المقدرة على الانتشار في جميع أعضاء الجسم وتدميرها، مضيفةً أنه يختلف سرطان الأطفال حسب نوع ومكان ظهور السرطان، وأيضاً يختلف باختلاف عمر الطفل، مؤكدةً على أن التعرض لبعض الإشعاعات وبعض المواد الكيماوية بالإضافة إلي بعض العوامل الوراثية قد تزيد من احتمالات الإصابة بسرطان الأطفال، ولكن سبب الإصابة بسرطان الأطفال -على العموم- غير معروف، لافتةً إلى أنه لا توجد طريقة لمنع حدوث سرطان الأطفال، ولكن إذا تم علاجه فنسبة الشفاء تفوق (70%). وأضافت أن أكثر سرطانات الأطفال في المملكة هي "لوكيميا الدم"؛ وهي أعلى الأنواع استجابة للعلاج، يليه أورام "الغدد الليمفاوية" و"أورام الدماغ"، حيث تختلف أنواع السرطانات باختلاف مصدرها كما يختلف نوع العلاج ونسب الشفاء منها، ذاكرةً أن "لوكيميا الدم" تشكل (30%) من أنواع سرطان الأطفال، وتصل نسبة الشفاء فيها إلى أكثر من (80%)، خاصةً بعد أن شهد العلاج في المملكة لأمراض السرطانات ومنها سرطان الأطفال تطوراً ملحوظاً، حيث تطابق نتائج الشفاء للأرقام العالمية. متنوع المصادر وأوضحت "ريما الحايك" -مديرة مركز الأورام استشاري الأمراض السرطانية للأطفال بمستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام- أن سرطان الأطفال متنوع المصادر؛ منها الدم ومنها الأعضاء جميعها، وذلك بدرجات خطورة متفاوتة، مضيفةً أن كل الأنسجة ممكن أن تكون مصدراً للمرض، مبينةً أن نسبة الإصابة بين الأطفال غالباً بين (10%) إلى (13%) من الأشخاص البالغين المصابين وعددهم الإجمالي بجميع فئات العمر حوالي (1200) حالة جديدة لهذا العام دخلت المركز. وعن نسبة الوفيات عند الأطفال بسبب السرطان أكدت على أنها أقل بكثير عند البالغين، ويظل هناك العديد من الإصابات التي تتماثل للشفاء التام، خاصةً من لديهم سرطان في الدم أو "اللوكيميا"، ذاكرةً أن أكثر نسبة للوفيات عند الأطفال تكون في حالات سرطان المخ والأعصاب، تليها حالات الأورام الصلبة، ولكن يظل العامل المهم لخطورة المرض هو التطور الجيني في الخلايا الورمية، الذي هو أكبر مؤشر للاستجابة أو عدمها للعلاج، مشيرةً إلى أنه لا يوجد حتى الآن عامل معين حقيقة للسرطان، ولكن البحوث تشير إلى عدة عوامل ذات احتمالية زيادة مخاطر حدوثه ومنها؛ التعرض للإشعاع أو المواد الكيماوية، وكذلك التلوث البيئي والأطعمة المشبعة بالدهنيات والمأكسدة، إضافةً إلى بعض الفيروسات التي عرفت من مسببات بعض الأورام، إلى جانب وجود استعداد وراثي وخلقي للمريض. وحول إذا كان حليب الأطفال على سبيل المثال سبباً في هذا المرض، قالت: ما هو مثبت بالبحوث العلمية أن الأطعمة المعلبة التي تحتوي على مواد حافظة ليست أطعمة صحية غالباً، والأطعمة المشبعة بالدهون والتغذية غير المتنوعة للأطفال لا تعطي لجهاز المناعة الدعم الكافي الذي يحتاجه جسم الطفل، ولا تكون سنداً كافياً لجهاز مناعة قوي، موضحةً أن خلل الجهاز المناعي هو من أكبر المسببات لكثير من الأمراض المزمنة ومنها السرطان. إحصائية حديثة وكشف "د.إبراهيم بن فهد الشنيبر" -رئيس اللجان العلمية بجمعية السرطان السعودية بالمنطقة الشرقية- عن تسجيل (1093) حالة سرطان دم وسرطان خلايا خلال عام واحد فقط، بواقع (508) حالة سرطان دم، و(585) سرطان خلايا، ضمن (10.218) حالة سرطانية للرجال والنساء البالغين بالمملكة، مضيفاً أن النساء هن الأكثر إصابة من الرجال بأمراض السرطان بعد أن وصلت نسبة الإصابة لديهن ما يقارب (51%)، وذلك حسب الإحصائية الحديثة التي أعلن عنها السجل السعودي للأورام مؤخراً، مبيناً أن سرطان الدم يحتل المرتبة الثالثة انتشاراً بين الرجال بالمملكة، ممثلاً (7.5%) من الأمراض السرطانية لديهم، فيما يحتل المرتبة الخامسة عند النساء بنسبة خمسة بالمائة من السرطانات الأخرى، مشيراً إلى أن سرطان الدم هو الأول والأكثر إصابة للأطفال ولمن تقل أعمارهم عن (15) عاماً. وأضاف: المنطقة الشمالية جاءت الأعلى في الإصابة بسرطان الدم في المملكة، فيما احتلت المنطقة الشرقية المرتبة الثالثة بعد منطقة الرياض، في الوقت الذي جاءت الشرقية ثالثة في السرطان اللمفاوي بعد الرياض الأولى وتبوك الثانية، ذاكراً أن "سرطان الخلايا" أو "الغدد اللمفاوية" يمثل (13%) تقريباً من السرطان عند الرجال بالمملكة، وهو الثاني انتشاراً بعد "سرطان القولون"، والرابع من حيث الانتشار بين النساء، ممثلاً بثمانية بالمائة من الأمراض السرطانية. دور الأسرة وأوضح "د.سعود المطرفي" -رئيس لجنة بلسم بجمعية السرطان السعودية بالمنطقة الشرقية- أن الفعاليات المتنوعة التي تأتي لخلق أجواء ترفيهية اجتماعية تجمع الأطفال مع أسرهم وأطبائهم هي أحد سبل العلاج، من خلال الالتقاء بالعديد من المصابين والتحاور ونقل التجارب وبث الهموم، مشدداً على أهمية الحالة النفسية لهذه الفئة كمرحلة علاجية أساسية تنعكس إيجابياً على شفاء المريض، مؤكداً رصد انخفاض تدريجي لنسبة الأطفال المصابين بمرض السرطان بالمملكة يصل إلى سبعة في المائة خلال الأعوام الأخيرة، ذاكراً وجود (697) طفلاً مصاباً بالسرطان يمثلون ستة بالمائة من أعداد المصابين، حيث يحتل الأطفال الذكور النسبة الأعلى بواقع (56%)، وذلك حسب المركز السعودي للأورام. وقال "فارس بوخمسين" -مسؤول رعاية نفسية-: إن للأسرة دوراً كبيراً في تخفيف معاناة مريض السرطان والحد من الانتكاسة، مضيفاً أن الأسر التي تساعد المريض وتتفهمه والتي لا توجه له النقد المستمر تسهم في سرعة شفائه، في الوقت الذي يواجه مرضى الأسر المفككة أو المتشددة أوقات عصيبة وتنتكس حالتهم بسرعة، ما يؤدي إلى العودة إلى المستشفى، مبيناً أن التعامل مع المريض ومساعدته في الخروج من عزلته أمر ضروري عن طريق جعل العالم من حوله أكثر جاذبية، إلاّ أنه يحتاج للوقت للعودة للحياة الاجتماعية، من خلال الدعم والتحفيز، ذاكراً أن الاختلاط المبكر للمريض مع عدد كبير من الناس والمجتمع أمر ضروري لمساعدته على التعافي ومنع الانتكاس، ولكن ذلك يحتاج إلى وقت للتعود على الحياة الاجتماعية، فلا يجب حثه على الاختلاط بشكل مباشر. هل سأموت؟ ووجه "بوخمسين" عدة نصائح لأسرة المريض بالسرطان من بينها أن المريض يمر عند بداية تشخيصه بمجموعة من المراحل النفسية وأصعبها هي مرحلة الإنكار والقلق والتوتر، وتليها مرحلة تقبل المرض والتعايش معه سواءً كان تعايشاً إيجابياً أوسلبياً، وأهم سؤال يخطر على باله دائما هل سأموت؟، مُشدداً على أهمية الدعم النفسي لمرضى السرطان في أن ما يشعر به المريض من الحزن والخوف وهو شعور طبيعي تماماً في هذه اللحظات العصيبة من حياتهم، مبيناً أن المريض يحتاج إلى مساعدة أخصائيين نفسيين ليتمكنوا من عبور هذه المرحلة الحرجة، ويهيئونهم للعودة لحياتهم الطبيعية بعد انتهاء فترة العلاج، لافتاً إلى أنه ثبت علمياً أن الحالة النفسية لمريض السرطان من أهم مقومات شفائه ونجاح علاجه، وأن إرادة الشفاء بداخله هي العامل الأساسي الذي يحفز الجهاز المناعي بداخله لكي يتصدى ويقضي على المرض، مشيراً إلى أن إحساس مريض السرطان بالهزيمة واليأس من شفائه يؤثر بالسلب على الجهاز العصبي والجهاز المناعي، عن طريق إفراز مايسمى بهرمونات الانفعال والتوتر. وأضاف أن الدراسات الحديثة وجدت الكثير من الأدلة العلمية التي تشدد على أهمية الصحة النفسية في علاج مرضى السرطان، منها البحث الذي أجرته "د.باربرا أندرسون" -أستاذة علم النفس بجامعة ولاية أوهايو الأمريكية- التي وجدت أن المرضى الذين تم إخضاعهم للعلاج النفسي قد انخفضت لديهم مستويات هرمونات التوتر أكثر من المرضى الآخرين، لافتاً إلى أنه من أمثلة الدعم النفسي المجتمعي التي يمكن أن نقدمها لمرضى السرطان هي إنشاء فرق دعم نفسي داخل المستشفيات للتعامل مع الحالات المرضية الصعبة، مؤكداً على أن تزويد المريض بالدواء ليس كافياً ما لم يكن متوجاً بالعلاج النفسي.