شوهدت قنبلة قبل أن تضرب منزلًا في أحد أحياء غزة ورصدها أحد المصورين لوكالات الأنباء العالمية. كانت الساعة تشير على الثانية والنصف مساء عندما انتشرت أنباء في شارع الجلة تقول بأن هناك ضربة إسرائيلية وشيكة والهدف مبنى مبني من الحجارة ارتفاعه متوسط في قلب مدينة غزة. تجمع الأطفال على البلكونات ليشاهدوا كما تجمع الشباب في تقاطعات الطرق المجاورة ووضع بعض الشباب حواجز أسمنية وطوبا وإطارات سيارات مستعملة لقفل الجزء من الشارع الذي يمر بالقرب من المبنى وظهر رجل على ظهر مركبة يعمل كشرطي مرور ليوجه السيارات بالابتعاد وتوقفت السيارات وخرج المزيد من المواطنين وأعينهم تحدق على المبنى تعيس الحظ. كان الجميع ينتظرون مشاهدة طقوس تحطيم في اليوم الرابع والعشرين للحرب. قبل دقائق من ذلك التوقيت كان الجيش الإسرائيلي قد هاتف ابن مالك المبنى، والسؤال: كيف حصل الجيش الإسرائيلي على رقم هاتفه؟ ويعد الأمر مسألة غامضة. الصوت الذي كان يتحدث من الطرف الآخر من الخط أخطر الابن بأن على عائلته أن تقوم بإخلاء المبنى فورًا فسوف يتم الهجوم على المبنى. وعلى الفور نادى الابن على أبيه وأخطر الأب بقية العائلة المكونة من 35 فردًا لأن الكثيرين كانوا قد نزحوا عن منازلهم بنواحي غزة الأخرى وجاءوا إلى منزل قريبهم الرملاوي طلبا للمأوى عنده. وقال الرملاوي فيما بعد لقد أصبحوا بلا مأوى من جديد. ربما شاهد الجيران العائلة تهرب من القصف بعد خمس دقائق من المهاتفة وربما هاتف الابن أصدقاءه وربما اتصل الإسرائيليون أنفسهم بالجيران في المنطقة السكنية. ومهما كان السبب فقد انتشرت المعلومة القائلة بأن المبنى سيقصف انتشار النار في الهشيم وما هي إلا لحظات حتى أصبح الجميع في شارع الجلة يعرف أن هناك ضربة وشيكة ستحل بالمبنى. وانتظروا. وهدر صوت عال ثم انطلق دخان كثيف تصاعد في الجو مثل الفطر. لقد تم قصف المبنى لكن لم يتحرك أحد من المشاهدين فهم يعرفون أن هذه هي البداية فقط. وبعد دقائق قليلة ضرب المبنى بقنبلة أخرى وتصاعد الدخان وانتشر في الشارع ثم سقطت قنبلة ثالثة على المبنى وهو ما زال صامدًا وواقفًا ولم يغادر أي من المنتظرين في الشوارع والبلكونات ووراء الحواجز. وقال أحد المنتظرين إن الضربات الثلاث الأولى هذه صغيرة ويبدو أنها منطلقة من الدرون وهي ساعدت الأشخاص الذين كانوا لا زالوا قريبين من المبنى كي يبتعدوا ومن ناحية أخرى أطلقت هذه القنابل لتخلخل المبنى تمهيدًا للضربة الجوية وبدا الأمر كما لو أن ملاكما يكيل لخصمه ضربات سريعة خاطفة لعله يحظى بضربة قاضية لخصمه. وجاءت الضربة في الثانية والخمسين دقيقة حيث حلقت طائرة إف 16 بصوتها الذي لا تخطئه الأذن وانطلق منها صاروخ في الجو واستهدف المنزل وانطلقت سحابة دخان ضخمة أكبر بثلاث مرات من تلك التي انطلقت سابقًا في القنابل السابقة. لم يقتل أحد ولم تتضرر المباني المجاورة للمبنى الهدف.. وهكذا انتهى كل شيء خلال دقائق وافتتح الشارع من جديد وانطلقت السيارات بالقرب من المبنى المحطم وبدا كما لو أن كل شيء صار طبيعيًا ما عدا وجه رملاوي الذي قال (أنا لا أعرف لماذا ضربوا منزلي وأضاف: ليست لديّ أي علاقة بحماس وقال إن العديدين من أقاربه قد نجو مؤخرًا وهربوا من الاشتباكات بين مقاتلي حماس والإسرائيليين في شرقي غزة. والآن أصبح هؤلاء الأقارب بلا مأوى. وقال رملاوي بينما هو يراقب الناس في الشارع يلتقطون الصور بهواتفهم لمنزله المحطم (نحن لا ندري الآن إلى أين سنذهب).