×
محافظة المدينة المنورة

بيت شَعر لـ«تصوير العيد» في المدينة

صورة الخبر

انتقت أحمر الشفاه الذي تعشقه من بين تشكيلة المكياج المتنوعة، وراحت تدعك به على شفتيها الناعمتين. نظرت في المرآة وراحت ترمق مظهرها باستغراب شديد، وقد حوَّلت أصابعها مسلحة بأحمر الشفاه اللمَّاع شفتيها الرقيقتين إلى «براطم» ممثلة خليجية تكاد أن تصل إلى ذقنها. دارت بنظراتها على عدة المكياج الجديدة بها للحظات، ثم أخذت علبة المناديل المبللة وأخرجت بصعوبة أول منديل ورقي وراحت تنظف شفتيها من قنبلة «الروج» التي تفجرت فوقها. أخرجت قلم الكحل السائل وبدأت تحاول بغير علم رسم خط أسود متعرج حول عينيها، حتى انحرف القلم واقتحم عينيها عنوة لتصيح عالياً كالملدوغة من الألم. ركضت إلى الحمام وراحت تفرك عينيها بالماء حتى اصفرت واحمرت. عادت إلى كرسيها لتعيد كرة محاولاتها الفاشلة أمام المرآة، وراحت تفرش خديها بأحمر خدود حتى أدركت أنها أسرفت بعد أن تحوَّلت خدودها إلى بقعة حمراء كمهرج سيرك هزلي. مسحت بأصابعها على خديها لتقليل البودرة لتزيد تشوهها بلة. تأزل صدرها بعد شعورها بفشلها الذريع في إضافة أي ملامح جمالية صناعية على ملامح وجهها البريئة الجميلة بالفطرة. راحت تتذكر كلمات والدتها بأهمية إتقانها قواعد الجمال الحديث في تحويل النساء إلى دمى زائفة تنبض بالألوان الصناعية. استرجعت وصايا والداتها بأهمية حصولها على رضا وحب زوجها الذي سيكون، والذي ستقضي عمرها في طاعته وطوع أمره. التفتت إلى فستان الزفاف الأبيض المعلق أمام خزانة الملابس الخاصة بها التي تتشارك به مع أخواتها الثلاث اللاتي يصغرونها. مطت شفتيها بضيق عندما تخيَّلت جسمها النحيل يمتزج بفستان الزفاف الذي أسرف مصممه متعمداً في تعرية منطقة الظهر كاملة وكشف الأكتاف وجزء كبير من منطقة الصدر وضيق بشدة ما تبقى من أطرافه. رفعت يديها بطريقة مقصية وأمسكت بكفتيها بحركة غريزية لتغطية صدرها، وراحت تضغط بقوة على كتفيها وهي تقاتل لمسح تلك الصور الخادشة للحياء من عقلها. تدحرجت غصة كبيرة بحلقها وهي تتخيل ارتداء هذا الفستان الفاضح عندما تقابل زوجها لأول مرة في حياتها، ويقفل عليهما باب في غرفة واحدة. أحست برغبة شديدة بالتقيؤ وهي تسترجع التفاصيل التي سردتها والدتها لما سيحصل في تلك الليلة التي ستخسر فيها عذريتها وبراءتها بعد أيام قليلة. اغمضت عينيها بقوة وهي تنازع للانتقال بأفكارها لمكان يبعد سنوات ضوئية عن تلك الليلة التي ستصبح بها زوجة. فتحت عينيها وراحت تتطلع بالأغراض والهدايا التي اشترتها لها والدتها اعتماداً على مبلغ المهر الكبير الذي أسال لعاب والدها. توزعت مقاضي العروس بين أدوات مكياج وعطورات فخمة وملابس ليلية مبتذلة تسلب عقل أعقل الرجال حتى وإن كان كهلاً مثل زوجها. تلك الخرق الليلية وتقدم زوجها بالعمر أصابها بالتجشؤ ولم يجدِ تذكرها تطمينات أبيها بأن زوجها هو رجل صالح وشيخ معروف. أفرغت ما حوت معدتها الصغيرة واغتسلت وذهبت لتجلس إلى جانب والدتها التي كانت تشاهد برنامجا تيلفزيونيا استضاف رجل دين معروفاً يدافع فيه بشراسة عن زواج القاصرات. أمسكت بكتاب مادة الفقه للصف الأول متوسط وراحت تراجع درسي درجات النجاسة وفوائد السواك استعداداً لاختباراتها النهائية.