×
محافظة المنطقة الشرقية

مواجهة حامية لنابولي ومعنويات عالية للبرشا

صورة الخبر

نوعية التعليم التي يتلقاها أبناؤنا لن نستطيع معرفتها قبل بناء سياسة تعليمية وأهداف استراتيجية يتم تحديثها وتطويرها كلما اقتضت الحاجة أضف إلى ذلك ضرورة إنهاء ظاهرة قدسية التعليم التي تولد فجأة من بعض فئات المجتمع عند الحديث حول التعليم وتطويره لو وجهت هذا السؤال إلى المسئولين في التعليم لدينا فماذا يحتمل أن تكون إجابتهم على هذا السؤال..؟ هناك تفاوت كبير سيتم تسجيله عن الاستماع إلى إجاباتهم بل إن بعضهم سيرتبك ولن يجد إجابة منطقية لأن سياسة التعليم لدينا لم تحدث منذ أكثر من ستة عقود تقريباً ولذلك ستبدو إجابات بعضهم على هذا السؤال وكأنها تأتي من العصور الوسطى وليس القرن الحادي والعشرين. اليوم هناك تقدم في جوانب مختلفة من مسارات التعليم العام في المملكة ولعل الجميع يشعر ولو بشكل بسيط تلك التحولات التي حدثت في المقررات الدراسية ولكن السؤال الذي يجب أن يطرح مرة أخرى كيف يتم التعديل في مقررات مدرسية ومنهجيات تربوية دون أن يكون المستند لهذا التغيير سياسة التعليم وإستراتيجيته العامة. المؤثرات المحلية والعالمية التي انطلقنا منها لإحداث صياغة متطورة وحديثة في بعض مقررات أبنائنا الطلاب والطالبات كانت محط أنظارنا ولعل هذا ما لمسناه في التقارير الصحفية التي تحدثت عن تحول إيجابي في مقرراتنا الدراسية بعضها وليس الكل..! مما ساهم في تغيير بعض القيم والمعايير الفكرية والإنسانية حول علاقة الإنسان بأخيه الإنسان المختلف معه في الأفكار والمنهج العقدي. ما نوع التعليم الذي يتلقاه أبناؤنا..؟ سؤال يحاول الآباء الإجابة عليه وحدهم دون مسئولي التعليم وخاصة في مشروعات التطوير التي سوف تنتهي إلى شركات تعليمية لا يمكن التنبؤ بمستقبلها كما أعتقد. أن يكون لدى المسئولين عن تطوير التعليم ومشروعاته الاستراتيجية إجابات وبروشورات وعروض حول خططهم التي يتحدثون عنها هذا مقبول كفكرة، ولكني كأب ومنتسب سابق لمؤسسة التعليم أضع الكثير من الأسئلة حول نوعية التعليم الذي يتلقاه أبناؤنا وهذا من حقي عطفاً على تلك الميزانيات الهائلة التي تتلقاها مؤسسة التعليم. إن ما تحتويه صالة اجتماع من نتائج مبهرة عبر عروض مرئية حول مستقبل التعليم ليس شرطاً أن تتعدى هذه النتائج أبواب تلك الغرفة، والحقيقة انه يجب عدم الشكوك في مصداقية العاملين في أي مجال وطني لأن الجميع يحاول أن يقدم ما لدية ولكن الفارق الذي يجب أن نقف عنده هو الإمكانات الفكرية والعلمية والعملية التي يمكن أن يقدمها مسئول تعليم في مدرسة أو الوزارة نفسها. التعليم هو المؤسسة الوحيدة في الوطن التي تمسك بثلاث زوايا مهمة في مثلث الوطن الزاوية الأولى العلاقة مع سياسة الدولة حيث يجب أن يتسق التعليم دائماً وأبداً مع سياسة الدولة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، الزاوية الثانية هي الأسرة حيث يجب أن تكون مؤسسات التعليم مبنية في سياساتها على تنمية الأسرة ودعم مهامها التربوية عبر تقديم سلوك تعليمي مميز. الزاوية الثالثة هي المجتمع حيث إن انضباط المجتمع قيمياً وثقافياً لا يمكن أن يتم مهما بذلنا من أجلها إلا من خلال مؤسسات التعليم، هذه الزوايا تعطي مؤسسة التعليم الأحقية الكاملة بأن تكون مسئولة عن تنسيق مهم بين سياسة الدولة والأسرة والمجتمع. لنطرح السؤال التالي حول هذه الزوايا الثلاث والذي يقول ما مدى التزام مؤسسة التعليم لدينا بتحقيق النجاح من خلال هذه الزوايا الثلاث هذا السؤال سيكون هو المكمل لعنوان هذا المقال حيث الإجابة على هذا السؤال ستكشف لنا نوعية التعليم الذي يتلقاه أبناؤنا..؟، إذا ما كنا قادرين على الحصول على إجابة وافية. مركزية التعليم هي إحدى معوقات العمل وقد قمت بدراسة بحثية قبل سنوات ثبت لى من خلالها أن فقط أقل من عشرة بالمائة من قرارات مؤسسة التعليم الكبرى يتم تطبيقها عندما تذهب إلى فروع مؤسسة التعليم المنتشرة في الوطن. ثانيا لقد ساهم الفهم البيروقراطي للعمل التربوي الذي نجده ماثلاً في المشروع الإستراتيجي الذي تقوم على تنفيذه مؤسسة التعليم الكبرى في توسيع العمل دون إمساك بأطرافه أو كيف سيؤدي نتائجه فقد أفضت لنا السنوات الماضية عن هيكل بيروقراطي يتضخم وظيفياً ومالياً فقط. أكثر المفاجآت التي لا يمكن الابتعاد عنها وهي محاولة انفصال المشروع الاستراتيجي عن المؤسسة الأم بطريقة مخيفة تربوياً حيث يتضح أن العلاقة البيروقراطية بين مؤسسة التعليم الكبرى ومشروعاتها الاستراتيجية غير معروفة تماماً فما الدور الذي سوف يؤديه المشروع التطويري للتعليم حيث يمكن طرح سؤال آخر أمام المسئولين يقول: أين سيذهب التعليم بعد سنوات. ثالثا لا أحد ينكر أن معركة التمرد بين الطلاب والمدارس وبين الطلاب والمجتمع وبين محتويات المقررات والقيم الإنسانية أنتجت الكثير من الظواهر المجتمعية ذات المسؤولية المباشرة من قبل مؤسسة التعليم وهذه المسؤولية لا تعني أبداً القسوة على هذه المؤسسة ولكنها تعني أهمية هذه المؤسسة ومساعدتها في تلمس طريقها الصحيح لأنه لن ينمو مجتمع دون أن يكون خلفه تعليم مميز. نوعية التعليم التي يتلقاها أبناؤنا لن نستطيع معرفتها قبل بناء سياسة تعليمية وأهداف استراتيجية يتم تحديثها وتطويرها كلما اقتضت الحاجة أضف إلى ذلك ضرورة إنهاء ظاهرة قدسية التعليم التي تولد فجأة من بعض فئات المجتمع عند الحديث حول التعليم وتطويره. إنتاج المشروعات فقط هى التي طغت على سير الحركة التطويرية للتعليم فأصبحنا نتحول من مشروع إلى مشروع ومن فكرة إلى فكرة حتى وجدنا أنفسنا بعيدين عن واقعنا المطلوب تغييره من خلال مؤسسة التعليم. لو بدأ المشروع الاستراتيجي عند ولادته بمشروع إعادة بناء سياسة التعليم ورسم الأهداف وصياغة القوانين وتحديد الاتجاهات في المسار التطويري للعملية التربوية لو كان هذا المشروع هو البداية لكان العمل التطويري يتم وفق مسار مؤسسي واضح غير قابل للتكهن والاجتهاد. الآباء اليوم يهربون بأبنائهم إلى المدارس العالمية والأهلية التي أصبحت خياراً يفرض على الجميع دون استثناء بينما بقيت مدارس مؤسسة التعليم تشترط الشروط لقبول الطلاب ومع كل هذا الهروب لم يستطع أحد أن يجيب على سؤال: ما نوع التعليم الذي يتلقاه أبناؤنا...؟ سؤال يقلقني كلما تضاعفت تلك الظواهر المجتمعية العلمية منها كتزوير الشهادات وشرائها أو الظواهر السلوكية السلبية التي يمارسها جيل هم في المدارس وعلى مقاعدها.