×
محافظة المنطقة الشرقية

«حسام» يعود للزمالك ترافقه الآمال والمخاوف

صورة الخبر

درسنا البلاغة من أولى متوسط إلى نهاية الجامعة، ثم أشار عليّ أستاذي الدكتور عبدالرحمن رأفت الباشا أن أتخصص في البلاغة في مرحلتي الماجستير والدكتوراه بعد أن عُينت معيداً.. أطعته رحمه الله وحضرت الدرس الأول، شرح أستاذ من جديد مقدمته في البلاغة وحين قال: ويُشترط أن يسلم الكلام من تنافر الكلمات كقول الشاعر: (وقبر حرب بمكان قفر وليس قرب قبر حرب قبر) هذا البيت التعيس سمعته ألوف المرات منذ كنت في المتوسط وأن قائله الجن.. جمعت أوراقي واستأذنت ولم أعد أو أندم أبداً.. كان المرحوم زهير الأيوبي قد فتح لي أبواب الإذاعة على مصاريعها فقد كنت أكتب له (يا أخي المسلم) مذ كنت في الثانوي، وكان يقرأها بصوته الراقي البليغ - وفي الصوت بلاغة - فاتجهت لإعداد البرامج الإذاعية لربع قرن كنت أختار فيها ما أرى أنه من روائع الشعر والإبداع مع تعليق خفيف يفتح بكارة النص للقارئ، شعرت بالسعادة مع الكتابة، وحين تعود بي الذاكرة أجد أن كتب البلاغة ركزت على القواعد وأسهبت فيها واختصرت الأمثلة بما يؤيد القاعدة: بيت من الشعر أو اثنين - لا أكثر.. جعلت القواعد هي (الأصل) والنصوص مجرد خادمات مع أن العكس هو الصحيح، القواعد خادمات صغيرات والنصوص الرائعة هي ملكات الجمال.. ولكن مع العمل وقد جعلونا نعيش طوال عمرنا الدراسي مع الخادمات وحجبوا عنا ملكات الجمال؟ ولماذا فعلوا هذا؟ بل لماذا لم يفعلوه لأن السائد في حياتنا كلها هو الهوامش لا الأصول.. البلاغة قعّدها السكاكي وهو أعجمي واعتمد على المنطق والقسمة العقلية إلى درجة أنه إذا لم يجد مثالاً يكمل القسمة العقلية استشهد ببيت أعجمي هذه ترجمته - يقول - أما الشعر الحديث فلا وجود له في كتب البلاغة إطلاقاً.. سألت أستاذاً يدرس البلاغة في الجامعة الآن: ألا يزال (قبر حرب) فقال باسماً: نعم والسكاكي نفسه، لم أستغرب فالاجتهاد شبه معطل في الفقه وهو أهم من البلاغة، وما زلنا في المناهج الأدبية والفقهية نعتمد على القواعد والأقوال القديمة جداً دون اجتهاد أو اهتمام بالنصوص الرائعة التي هي ملكات الجمال والقواعد مجرد خادمات.