تعقيباً على تعليق الأخ المغربي اللودي من مدينة أفني (أظن أنها آسفي) رغبته لو أن فكر (العلم والسلم) ـ الذي هو شعاري ـ يجد طريقه إلى (الأنفوميديا) أي خلطة أو مزيج الإعلام مع المعلومات. ولكن هذا يخضع لمن يجلس خفية خلف الستار يلعب بالسامع، فهذا علم كامل، ولذا فالإعلام عندنا وبشكل عام هدفه التجهيل أكثر من الوعي، لأن جرعة الوعي لا يتحملها المواطن؛ فوجب الكذب ولكن بحذق وفنية. لقد رويت قصصاً عن جريمة حماة كيف تم السكوت عليها من الإعلام، ومما روى لي صديقي (كوجان) الحموي عن فتاة من قريباته أنها اختبأت مع 50 سيدة في قبو بناية في أيام الكارثة خوف الإصابة؛ فلحق بهن وغد من عناصر الوحدات الخاصة؛ فبدأ بقتل النساء؛ فاختبأت الطفلة تحت جسد أمها الممزق، وبقيت في بركة الدم 3 ليال كاملة، ثم خرجت من غرفة الرعب إلى الجنون، وبقيت في العلاج النفسي في فرنسا دهراً طويلاً. ولا حاجة لقصص من هذا النوع فقد حفر هؤلاء الأوغاد في مخيلتي الكثير، لأنني زرت محابسهم 4 مرات، وانحفرت في الذاكرة حتى يوم أموت. وأحاول أن ألقى الله بقلب سليم، دون أن أحمل غلا في قلبي على إنسان، ولو كان من أمثال هؤلاء الأمساخ، خاصة يوسف طحطوح من كركون الشيخ حسن ومساعديه ممن كانوا يعذبون بسادية ومتعة. والحاصل فالإذاعات تخشى جداً أن يأتي من يقول ما لا تريد. كانت إذاعة خليجية دأبت على الاتصال بي من حين لآخر فلما أرادت أخذ رأيي في الأحداث في سوريا، وعرفت مخالفتي لزاوية الرؤية عندهم، لم يتابعوا المقابلة وقطعوا علي الحديث ولم يدعوني أكمل حديثي، وبعدها لم يتصلوا بي قط وأنا غير نادم على ذلك، ذلك أن هناك المثير ممن يريد أن يلمع ولو على حساب الفكرة حرصاً على السمعة. وهناك من اتخذ الدين عباءة رائعة فهو يتكلم عن الله في محطات إذاعية، وظفت له المكان والزمان في برامج يتم اغتيال العقل فيها بشكل منظم. وفي جريدة في المملكة جاءني رجل متحمس لمقابلة وقال نحن مستعدون لنشر أفكارك وآرائك، قلت له حسناً ولكن علي أن أنقحها لكم حتى لا تخرج دون تنقيح، فكانت النتيجة أنني طرت (طردت؟) من الجريدة وليست الوحيدة، وفي جرائد أكتب فتعدل فتخرج أحياناً مقالتي وكأنني لم أكتبها بدءاً من العنوان ومروراً بالمحتوى، وفي الجولان السوري جاء من جريدة الثورة من أجرى حواراً مع داعية السلام جودت سعيد فلما خرجت المقابلة لم يكن فيها من كلام جودت سعيد سوى اسمه وصورته أما البقية فقد اخترعها الحزبي البعثي النشيط بما يعجز عنه إبليس وجنوده أجمعون! فهذه هي مسألة الأنفوميديا، التي تخضع لخطة وبرنامج، فستضيف وتلمع من تشاء وتطفئ من تريد، وتقابل من ترى أنه سيصب في النهاية في الزاوية التي تريد. آمل أن أكون بمثل هذه القصص الممتعة قد شرحت صدر الأخ المغربي لما يحدث خلف الكواليس وألا أكون قد صدمته؟