مازال مجتمعنا يتعرض بين تارة وأخرى إلى حملات إعلامية مشوهة وأصبح واقع بعض البرامج والمسلسلات الفضائية المختلفة يروّج لقيم إعلامية مجتمعية لا علاقة لها بقضايا وهموم المجتمع السعودي خاصة، بل أصبح الإعلام في بعض قنواته إسفافاً فكرياً وهبوطاً أخلاقياً وضعفاً روائياً، كما أصبح الإعلام تغطيات تبث من الخارج أو الداخل تُظهر وتعكس صورة لا تليق أحياناً عن المجتمع السعودي، وصار حال الإعلام يمر على القضايا المهمة مرور الكرام دون استغلالها وتوظيفها بطريقة منهجية وعلمية مدروسة، وكم من برامج ومسلسلات وأفلام هابطة ومواضيع تافهة تنال مساحات كبيرة وزمناً طويلاً في وسائل الإعلام،وقنوات الفضاء الموجهة في جلها إلى مجتمعنا. ولقد تحدثت في عدة مقالات سابقة عن هذا الإسفاف الإعلامي وكان آخرها مقالي بعنوان (هل أصبح مجتمعنا وجبة دسمة للفضائيات) المنشور بهذه الصحيفة الغراء بتاريخ 30/5/1435هـ والذي تحدثت فيه عن قصور وسائل الإعلام من قنوات فضائية محلية وغيرها في التطرق لمواضيع جادة في الشأن المحلي ومعالجتها بالشكل الجاذب، وعن زعزعة مبادئنا وقيمنا وأخلاقنا الحميدة. وما زال مسلسل النقاش والجدال المثير مستمراً حول الإعلام المشبوه وهو ينتقي سلبيات المجتمع ويعرضها بشكل يسيء إلى سمعته، ويضخم قضاياه، ويتصيد الأخطاء وينشرها بشكل مثير وهذا غير مقبول شكلاً ومضموناً، فقد تكون هذه مجرد أحداث محدودة يمكن معالجتها في إطار مجتمعي، ولا تمثل صورة لمجتمعنا الطيب في المملكة العربية السعودية. وبنظرة واحدة إلى معظم ما يقدم هذه الأيام من مسلسلات وبرامج رمضانية فترة ما بعد الإفطار ويفترض أنها برامج ترويحية خفيفة تجدها تقدم شخصية المرأة أو الرجل في المجتمع السعودي بطريقة هزلية سخيفة تحط من قدرهما وتستهزئ بتفكيرهما وبكلمات هابطة وعبارات مبتذلة لا تليق وتحولهما إلى شخصيتين عرضة للاستهزاء والسخرية، وللأسف بممثلين سعوديين وإعداد وإخراج سعودي بل وإنتاج سعودي. لا بد من استراتيجية إعلامية موحدة، ودعم معنوي، وقدرات مؤهلة متميزة إعلامياً، للتصدي لتلك الحملات المضادة، ونضيف إلى ذلك المصداقية والمسؤولية. من أصول مهنة العمل الإعلامي والصحفي بث المعلومات بمصداقية والترفيه برقي وشكل متوازن، فلا يكفي عرضها من جانب واحد ويغفل عن الجانب الآخر، وذلك يُعد من أبجديات العمل الإعلامي والصحفي الحرفي والمهني، ويعتبر الإعلام المصدر الرئيس للمعلومات عن مجتمعنا ولذلك ينبغي أن يقوم بنقل الصورة الحقيقية عن واقع المملكة، وقضايا المجتمع السعودي الأساسية، حتى لا يتربص الإعلام العالمي المتربص في الإساءة لصورة المملكة وسياستها وشعبها. كما يجب الالتزام بالسياسة الإعلامية للمملكة، لمكانتها ودورها الرائد بصفتها قلب العالم الإسلامي ومهوى أفئدة المسلمين في شتى بقاع الأرض. فالإعلام الهادف هو الذي ينبع من رحم تقاليد وعادات وهوية وقيم المجتمع، ويؤمن بحرية الإنسان وكرامته، وبالبحث عن الحقيقة ومحاربة الفساد والفقر والجهل في المجتمع؛ ويتفاعل مع الشارع ومع هموم المجتمع والمواطن، فالإعلام والإذاعة والتلفزيون والصحافة تمثل مرآة أمينة لواقع المجتمع وتطلعاته، ولا يصلح أن تنقل وقائع وحكايات وروايات مشوهة يطلع عليها الناس في الخارج فيتوقعون أن هذا واقع المملكة ومجتمعها، وهو ليس صحيحاً، فالمملكة دولة شعبها مسلم وملتزم، وبيئتها محافظة، وعلى الإعلام أن يطرح هذا الواقع بأسلوب راق جذاب ويعكس الحقيقة المعاشة في المجتمع وترصد الظواهر بكل صدق، ويكون هدفها المعالجة. ولا شك أن الإعلام بوسائله المختلفة يلعب دوراً مهماً في بناء المجتمع وتطويره خاصة في هذا العصر (عصر الثورة المعلوماتية) حيث أصبح قياس قدرات الدول مرتبطاً بقدرتها الإعلامية، وتعدّ وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة مصدراً مهماً من مصادر التوجيه والتثقيف في أي مجتمع، وهذا ما يكسبها أهمية في عملية بناء المجتمعات، بل أنها أحد العناصر الأساسية في تشكيل ملامح المجتمعات والرأي العام، فهو أداة خطيرة وذات أثر كبير لا يُخفى، فإذا ما استكملت مقوماته ووسائله بطريقة صحيحة وأُحسن استخدامه وتوجيهه في مجتمع ما، كان قوة للبناء والتطور والنهوض بالمجتمع، بل وأضحى ركيزة أساسية في بناء الدولة، وصناعة ترتكز على الرسالة الإعلامية، والعنصر البشري، والوسيلة التقنية، وكذلك عصب التطور في عصرنا هذا وشأنه كمجالات التجارة والصناعة وغيرها. فهو سلاح ذو حدين بالرغم من تطوره وتقدمه وفعاليته. وأخيراً هل يحرص إعلامنا الفضائي أن لا يجعلنا مهزلة أمام الآخرين !!. amohorjy@kau.edu.sa للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (63) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain