عندما سأل الكوميدي جون ستيوارت هذا الأسبوع وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون إذا كانت تحب فكرة العمل في مكتب من دون زوايا (المكتب البيضاوي في البيت الأبيض)، ابتسمت السيدة الأولى سابقاً وقالت إنها لا تمانع. بين مزاح ستيوارت وجدية استطلاعات الرأي، تضع جميع المؤشرات هيلاري على عتبة خوض الرئاسة مجدداً في ٢٠١٦ وبحظوظ مضاعفة عن منافسيها الديموقراطيين والجمهوريين لقيادة أميركا. وعلى رغم عدم إفصاحها عن نيتها الترشح مرة ثانية وبعد منافسة مضنية أمام الرئيس الحالي باراك أوباما في ٢٠٠٨، تنبئ جميع تحركات كلينتون بأنها ستخوض الانتخابات التمهيدية التي يبدأ التحضير لها نهاية ٢٠١٥، فمن تشكيل فريق استشاري من استراتيجيين مخضرمين في صناعة الماكينات الانتخابية، إلى تغيير مظهرها «اللوك» بقصة شعر أقصر وأكثر حزماً، وبعض حقن «بوتوكس» لتزيح عبء السنوات الأربع في الخارجية الأميركية، تأخذ كلينتون شكل المرشحة. كما نشرت الوزيرة السابقة كتاب «الخيارات الصعبة» الذي بدا أشبه ببرنامج انتخابي. وفيما لا يتوقع المستشارون المقربون منها أي إعلان قريب لكي تحافظ على عنصر المفاجأة، فهي اليوم الحصان الذهبي للديموقراطيين كما تعكس استطلاعات الرأي. إذ لم يسبق في التاريخ الأميركي الحديث أن تقدم أي مرشح محتمل للانتخابات الرئاسية الأميركية بأكثر من 55 نقطة على منافسيه داخل الحزب الواحد، وبفارق مريح على جميع خصومه من الحزب الثاني. وكسرت كلينتون هذه المعادلة باكتساحها الأرقام أمام وجوه ديموقراطية، مثل نائب الرئيس جوزيف بايدن والسناتور اليسارية الميول أليزابيت وارن، وبنسب ٦٩- ١٤ -٩ تباعاً (استطلاع أي. بي. سي.). وتضاعفت شعبيتها منذ السباق الأخير في ٢٠٠٨ حيث كانت في حدود ٣٨ في المئة،وبعد إثبات قدرتها على التعاون مع أوباما وتطوير نوع من الاستقلالية عن أيام زوجها بيل كلينتون والرصيد الذي شابته فضائح مونيكا لوينسكي وغيرها. ويأتي ذلك إلى جانب عامل ندم شريحة كبيرة من الناخبين من تفضيل أوباما عليها في ٢٠٠٨ وتطلع الكثيرين من الأميركيين إلى انتخاب امرأة في البيت الأبيض. وخلافاً لحملتها السابقة، تسعى كلينتون اليوم إلى استمالة الليبراليين بخطط اقتصادية وتأييد قوانين اجتماعية يميل إليها الشباب في مواضيع القروض الجامعية وزواج المثليين. وتربك أرقام كلينتون الحزب الجمهوري اليوم، الذي يتخبط بين معسكري اليمين المتشدد وحزب الشاي من جهة والمعتدلين الذين تراجع نفوذهم من جهة أخرى. وتعطي الاستطلاعات تقدماً لكلينتون بفارق لا يقل عن ٩ نقاط عن مرشحين محتملين للحزب، مثل السناتور رون بول والحاكم السابق لولاية فلوريدا جيب بوش والحاكم الحالي لنيوجيرسي كريس كريستي. ويحاول الحزب الجمهوري نبش فضائح قديمة لكلينتون بعضها عمره أكثر من ٤٠ عاماً، حين رافعت كمحامية في ١٩٧٥ للدفاع عن مغتصب لامرأة، وحين لم ينفع ذلك، استخدم الجمهوريون ورقة صحتها الطبية (٦٦ عاماً) للتشكيك بقدرتها على تولي الرئاسة. غير أن «هيل»، كما يناديها محبوها، لا تبدو متأثرة بمنتقديها وتراها تحصيلاً حاصلاً في العمل السياسي، كما قالت لستيوارت. وتحاول الوزيرة السابقة تعويض ما غاب عنها في ٢٠٠٨، وتوظيف ماكينة انتخابية جبارة، بالاستعانة بطاقم أوباما في حال اختارت خوض السباق للرئيس أو الرئيسة الـ٤٥ للولايات المتحدة.