×
محافظة المنطقة الشرقية

بحضور (38) حكمًا والإعلاميين وممثلين لناديي الاتفاق والتعاون في الاجتماع المفتوح لجنة الحكام تكشف رأيها بالحالات الجدلية .. والمهنا: لم نعاقب الخضير بدوري ركاء!

صورة الخبر

تعيش حركة «حماس» أزمة لم يسبق لها مثيل، فالحركة فقدت الحليف السوري، والحليف الإيراني غضب منها وتقريباً قطع الدعم عنها، واعتمدت على «الإخوان» في مصر، لكن حكم «الإخوان» هناك انتهى، وأدى عزل الرئيس محمد مرسي إلى مشكلة كبيرة للحركة، وقد بدأت السلطات المصرية بإجراءات حازمة ضد «حماس» سبقتها وتوازيها حملة إعلامية شعواء تستهدف الحركة وقادتها ومنهجها، وتدل تصريحات صدرت عن ديبلوماسيين ومسؤولين مصريين على أن طريقة تعاملهم مع «حماس» لن تكون ودية إطلاقاً، وترجمت الأقوال إلى أفعال بإغلاق معبر رفح وعدم فتحه إلا سويعات قليلة ولحالات خاصة جداً، وإلى هدم الأنفاق وتدميرها، بل نسف البيوت التي قد تكون منفذاً لأي نفق في رفح المصرية، وهو ما سبب لقطاع غزة الذي تحكمه «حماس» أزمة وقود، وأزمة اقتصادية كان القطاع قد بدأ يتعافى منها، وهناك كلام على أن مصر قد تلجأ إلى عملية عسكرية واسعة أو محدودة في قطاع غزة. إن «حماس» هي الخاسر الأكبر مما جرى في مصر، ولا تملك تجاه ذلك سوى الارتباك والتخبط واللجوء إلى الخيار الأمني في التعامل مع سكان غزة، ولن تجرؤ على استئناف المقاومة من غزة لأن العرب منشغلون بأمورهم الداخلية، ومعهم المجتمع الدولي، وستخسر حماس فوق خسارتها لو فكرت بإشعال جبهة غزة، وحتى دعوة إسماعيل هنية الفصائل إلى المشاركة في إدارة قطاع غزة ليست إلا علامة ضعف ومحاولة للفرار من المصير المحتوم، فالحركة تمنّي نفسها بعودة الرئيس مرسي إلى الحكم، وهو أمر لن يحدث بل إن ما جرى لمرسي و «الإخوان» هو ما سيجري لهنية وحماس! هذه مجمل نتائج القراءة لوضع «حماس» كما يراها محللون ومتابعون، وهناك من يشمت ويتشفى، وهناك من يشعر بالشفقة، وهناك من يقترح ويطرح حلولاً ليساعد «حماس» - من منطلق وطني - على تجاوز أزمتها الكبيرة ومأزقها الرهيب. وهنا، ثمة سؤال يطرح نفسه: هل «حماس» وحدها تعيش مأزقاً وورطة أم إن الوضع الفلسطيني العام في مأزق والكل متورط؟ قد يكون الجواب التلقائي أن الجميع في مأزق، لكن مأزق «حماس» أكبر، والخطر المحدق بها لم يسبق له مثيل، ومقارنة مأزق «حماس» مع مآزق غيرها أشبه بمقارنة مريض استشرى في جسده مرض السرطان بمن يشعر بصداع محتمل. الحقيقة أن هذه القراءة تعتمد على ما جرى في مصر، وهذا دليل قوي على أن وضعنا الداخلي يتأثر كثيراً بالوضع الإقليمي. وهنا، تظل القراءة قاصرة لأنها تتعامل مع ما جرى في مصر على أنه ثابت غير متحرك، فوضع مصر لم يحسم، وقد يحتاج إلى وقت طويل كي يستقر، وقد لا ترسو سفينتها في أي شاطئ يشتهيه أي طرف، ولهذا وجب على الكل الفلسطيني تجنب المراهنات ومحاولة حل الأزمات فلسطينياً بالأساس بعيداً من الأمنيات والأمنيات المضادة. وماذا عن البقية؟ لا ريب في أن «حماس» خسرت مما جرى في مصر كثيراً، ومن المكابرة أن تقول هي أو من يتوافق معها بأنها لم تخسر شيئاً، ولكن هل بقية القوى والفصائل على خير ما يرام؟ بل هل عموم شعبنا في خير وسلام؟ إذا نظرنا إلى الحالة الفلسطينية عموماً فماذا سنجد؟ بالنسبة إلى حركة «فتح» وهي خصم حماس السياسي، والتي عملياً تحكم سكان الضفة الغربية، فإنها حددت هدف المفاوضات مراراً وتكراراً وهو إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة قابلة للحياة على حدود الرابع من حزيران 1967 عاصمتها شرق القدس، وإيجاد حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين، ولكن هل الوضع على الأرض يشير إلى قرب تحقيق هذا الهدف تفاوضياً؟ وماذا عن تصريحات قادة الائتلاف الحاكم ممن يؤكدون أن حل الدولتين بات مستحيلاً، وعلى الأرض ما يؤكد هذه الاستحالة، من خلال الزيادة المحمومة في بناء وحدات استيطانية جديدة، وعملية تهويد القدس تسارعت، ونوايا تقسيم المسجد الأقصى لا تخفى على أحد في ظل الاقتحامات اليومية المبرمجة. فالأرض التي هي لب الصراع باتت مهددة أكثر من أي وقت مضى، ولا أمل في استعادتها بالتفاوض، ولا رغبة أميركية في الضغط على الكيان، مع العلم أن أميركا جزء من المشكلة، وليست باباً إلى الحل، وأسلوب المقاومة الشعبية السلمية الذي شجعت عليه «فتح» تراجع كثيراً، وبات مقتصراً على مسيرات أسبوعية في مناطق محددة، ويضاف إلى ذلك الأزمة المالية وعدم التزام الدول المانحة بتعهداتها. أما اليسار الفلسطيني عموماً فحدّث ولا حرج، فقد نظّر وروّج إلى أن الربيع العربي هو مؤامرة أميركية ممولة خليجياً، ثم هلل اليسار ورحب بما جرى في مصر، واعتبره ثورة حقيقية، مع أنه مدعوم خليجياً أيضاً، وتراود اليسار أحلام عودة أمجاد موسكو، وكأن الحزب الشيوعي هو من يحكم روسيا اليوم، ويعلن اليسار عن رفضه التفاوض وينظم مسيرات ضد المفاوضات، وفي الوقت نفسه يشارك في الحكم والإدارة والقيادة ومشاريع «الأنجزة»... فاليسار يعيش أزمة فكرية وسياسية وأزمة خيارات، في ظل بقائه في أحلام أو عقلية الحرب الباردة. وبعيداً من الفصائل والقوة السياسية الإسلامية والوطنية واليسارية هل نحن على ما يرام؟ ألا تتفشى البطالة ويزداد الفقر بسبب الغلاء، والفرص أمام الشباب تكاد تكون مغلقة، ألم تصبح الهجرة في نظر كثير من شبابنا هي الحل؟ ألا تخرج جامعاتنا عملياً أعضاء جدداً في نادي البطالة المحلي؟ ألا نعاني من قسوة قلوب تجاه بعضنا، وتهتك في تماسكنا حتى على مستوى الأسرة والعائلة الواحدة؟ ألم نصبح مظهريين في أفراحنا وأتراحنا، وتطغى علينا الســطحية؟ ألا نــسرف في إطلاق المفرقعات والألعاب النارية بسبب ومن دون سبب؟ أليس هناك نوع من الاستغلال للعمال في القطاع الخاص؟ ألا نتعامل مع بعضنا بنفعية ونفاق اجتماعي، إلا من رحم ربي؟ ألم نتابع أخبار «آراب آيدول» بتفاعل وكثافة أكثر مما نتابع أخبار أسرانا المضربين عن الطعام؟! إن مأزقنا الفلسطيني عمّ وطمّ الجميع، ولا يقتصر على «حماس» وحدها، وليس مأزق الأخيرة هو الأكبر كما يروّج البعض، فالكل كما نقول في المثل الشعبي «في الهوا سوا»، وكي يتغلب الكل على مأزقه مطلوب التعاون على قاعدة قناعة كل طرف بل كل فرد أن يداً واحدة لا تصفق، وألا جدوى من العمل الفردي، وأن الحل في الجهد الجماعي محدد الأهداف واضح الرؤية والآليات، وإلا سيظل الجميع يعيش مآزقه وورطاته متوهماً أنه بخير. حمى الله شعبنا بكل فئاته من الفتن والمؤامرات وجعل بوصلته نحو القدس... وفقط القدس.