×
محافظة الحدود الشمالية

تكليف 43 قاضيًا في 39 محكمة لنظر القضايا المستعجلة خلال العيد

صورة الخبر

في أحد الأيام كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - راكباً على دابة وقد أردف معه عبدالله بن عباس لما كان غلاماً، وكان من طبع الرسول ألا يترك مجلساً ولا فرصة إلا نفع بها الناس وأسدى لهم فيها النصح والتعليم، وفي تلك الرحلة الصغيرة مع هذا الصبي قال له النبي كلاماً حُفِظَ مئات السنين وانتقل لنا اليوم، وهو من الأحاديث الشهيرة، فكان مما أتى فيه: «واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك». مر علينا هذا الحديث كثيراً ولكن قَلَّ أن ندرس الواقع في ضوئه، وفي الحقيقة أن كل ما في الأرض من قواعد فيزيائية وكيميائية وحيوية قد أنشأها الله ووضع أسسها كما يشاء، فالجاذبية موجودة لأن الله أراد ذلك، والحياة والموت موجودان لأنه أراد ذلك، وهكذا، ولأن الله واضع هذه القواعد التي تحكم عالمنا هذا فهو يتصرف بها أحياناً بطريقة استثنائية تُبين تحكّمه الكامل بالكون، فإذا شاء أن تُكسَر تلك القواعد كُسِرَت ولا راد لأمره، ومن ذلك ما رأينا في أحد مقالات هذا العمود بعنوان «هل أفضل الدواء أغربه؟» عن قصة شاب مبتلى بالمرض النفسي أطلق النار على رأسه لكنه نجا، بل واختفى مرضه النفسي! مثل هذه القصص تحدث من وقت لآخر وفيها يتجلى سلطان الله الذي يوقف القوانين وأحياناً يعكسها تماماً، وهذا ما يجعلنا نقف مذهولين أمامها لا ندري تفسيرها، ومما ينطبق عليه الحديث بالأعلى تحديداً ما حدث في مارتينيك قبل أكثر من مئة سنة، حينما اجتمع الناس ليقتلوا رجلاً. في عام 1902م أتى وقت الانتخابات في جزيرة مارتينيك، وهي جزيرة فرنسية صغيرة في البحر الكاريبي. ويبدو أنه في نفس الوقت أتى آن ثوران البركان الكبير في الجزيرة، فقد بدأ ينفث الدخان والنار وقلق الناس من ذلك، إلا أن هذا لم يشغل بال الحاكم لويس موتيه والذي كان يستعد للانتخابات، بل الشيء الوحيد الذي أقلقه هو أن ذعر الناس سيؤثر سلباً على فرص حزبه السياسي في الفوز، لهذا أمَر مديرَ الصحيفة المحلية ألا ينشر أي خبر عن البركان، وأقام الحواجز التي منعت الناس من الفرار من الجزيرة، وأوقف البرقيات الآتية من خارج الجزيرة التي حاول فيها الناس تحذير أهلهم ومعارفهم من الانفجار الوشيك للبركان، وحاول الحاكم موتيه طمأنتهم بأن زار البركان قبل الانتخابات بثلاثة أيام ليُسكّن أفئدتهم ويثبت أن الأمور على ما يحبون. في صباح اليوم التالي بعد هذه الزيارة بسويعات انفجر البركان، وهجمت سحابة هائلة من الرماد والغاز تعدّت درجة حرارتها ألف درجة مئوية على أهل الجزيرة فقتلتهم، حتى إنها أذابت المعادن والزجاج من حرارتها، وقَتَلَت كل الناس بما فيهم الأحزاب السياسية ولم تفرّق بين حزب الحاكم موتيه ولا منافسيه، وهكذا مات ثلاثون ألف إنسان في دقيقتين فقط، ولم ينجُ أحد من هذه الكارثة إلا رجلان، منهما محكوم عليه بالإعدام وضعوه في زنزانة أسفل الأرض تمهيداً لقتله في اليوم التالي! اجتمعوا عليه ليقتلوه، لكن الله لم يكتب له أن يموت ذلك اليوم، فنجا رغم أنوفهم جميعاً، بل هم الذين ماتوا!