تظاهر آلاف التونسيين، مساء أمس السبت، أمام المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) في تونس العاصمة في ذكرى أربعين النائب المعارض للإسلاميين محمد البراهمي الذي اغتيل أواخر شهر تموز (يوليو) الماضي على أيدي «متشددين»، وفق ما أعلنت وزارة الداخلية. وتعيش تونس أزمة سياسية منذ ذلك الوقت، إذ تطالب المعارضة باستقالة الحكومة التي يقودها الإسلاميون. ودعت قيادات المعارضة اليسارية والليبرالية إلى التعبئة من أجل حضور أربعين البراهمي ورفع شعارات تطالب بإسقاط حكومة علي العريض وتشكيل حكومة كفاءات محايدة. كما لمّح بعض النواب المنسحبين من المجلس التأسيسي إلى الدخول في إضراب عن الطعام من أجل إرغام الحكومة على الاستقالة. وشاركت في تظاهرات المعارضة أمس قوافل بشرية من مختلف المحافظات الداخلية، كسيدي بوزيد (مهد الثورة ومسقط رأس البراهمي) وجندوبة والكاف (شمال غربي تونس) وقفصة (الجنوب الغربي). وانطلق منذ ليلة الجمعة - السبت توافد السياسيين والحقوقيين والضيوف الأجانب على منزل الفقيد البراهمي في ضواحي العاصمة التونسية. وأكد الأمين العام لحركة «نداء تونس» الطيب البكوش، في تصريح إلى «الحياة»، أن المعارضة لن تتراجع عن مطلب استقالة الحكومة. وشدد على أن «المعارضة حريصة على إنجاح الحوار لكن التحالف الحكومي يتحمل مسؤولية تردي الوضع». وتأتي هذه التظاهرة للمعارضة في إطار تصعيد تقوم به «جبهة الإنقاذ» التي تضم قوى المعارضة الرئيسية ضد الحكومة التي تقودها حركة «النهضة» الإسلامية بعد أيام من فشل الوساطة التي يقوم بها الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية في البلاد) من أجل التوصل إلى حل للأزمة السياسية المتواصلة منذ أكثر من شهر يوافق عليه الفرقاء. وكان حسين العباسي الأمين العام لاتحاد الشغل قد حمّل الائتلاف الحاكم الذي تقوده «النهضة» مسؤولية فشل حوار الوطني، مجدداً دعوته إلى تقديم «تنازلات مؤلمة» من أجل التوصل إلى اتفاق ينهي الأزمة السياسية في البلاد. في المقابل، شدد رئيس كتلة «النهضة» في المجلس التأسيسي الصحبي عتيق في تصريح إلى «الحياة»، على أن حركته ما زالت متمسكة بالحوار رغم إعلان فشله. وتوقع أن يستأنف الوسطاء الاجتماعات مطلع الأسبوع المقبل، وطالب «كل الأطراف بتقديم التنازلات لمصلحة البلاد وعدم الاقتصار على مطالبة النهضة بالتنازل باعتبار أنها الجهة الوحيدة التي قدمت تنازلات حقيقية». يُذكر أن التحالف الحكومي الذي يضم حزباً إسلامياً وحزبين علمانيين رفض استقالة حكومة علي العريض قبل الانتهاء من صياغة الدستور، واقترح مدة شهر لتنفيذ ذلك، وهو ما رفضته قوى المعارضة. وعلى رغم انتهاء المحادثات وجهود الوساطة، إلا أن الرباعي الراعي للحوار الوطني (الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد رجال الأعمال وهيئة المحامين ورابطة حقوق الإنسان) بصدد إعداد مقترح جديد لتجاوز الأزمة السياسية سيتم عرضه على الفرقاء السياسيين مطلع الأسبوع المقبل. في سياق آخر، حذّرت النقابات الأمنية التونسية من أن «التيارات الدينية المتشددة» تستعد لإعلان تونس «أرض جهاد» بعدما كانت تؤكد دائماً أنها «ارض دعوة»، محذرة في الآن نفسه من انتشار الأعمال الإرهابية في الأشهر الثلاثة المقبلة. وشدد الأمين العام لنقابات قوات الأمن الداخلي منتصر الماطري في تصريح الى «الحياة» على ان «إعلان «أنصار الشريعة» تنظيماً إرهابياً يستوجب اتخاذ «إجراءات استثنائية وعاجلة من اجل التصدي لأي عمليات محتملة، بخاصة بعد كشف مخازن الأسلحة في عدد من محافظات البلاد».