على مساحة تقدر ب 900 متر مربع وتحت ظلال الغيمة وفي الهواء الطلق يتربع "سوق أبها الرمضاني" بموقعه غربي مدينة أبها وتحديداً على طريق آل يوسف. هذا السوق الموسمي هيأته أمانة منطقة عسير منذ اليوم الأول من الشهر الكريم ويتميز بموقعه الذي استقطب العديد من الزوار من أهالي مدينة ابها وزوارها لهذا الصيف الذين وجدوا متنفسا آخر يأخذهم بأريحية تامة وسط الأجواء الباردة التي تشهدها المنطقة. إقبال على «الحنيذ».. و«السوبيا» تغزو المائدة العسيرية وعند الاقتراب من هذا السوق تستقبل الزائر أصوات الباعة التي تتعالى في تقديم مبيعاتهم بطريقة شعبية وكأنها تقدم للزائر لوحات قديمة للأسواق الشعبية التي تزخر بها منطقة عسير ليتشكل في هذا السوق مزيجا من الماضي والحاضر. ولم يتوقف "سوق أبها الرمضاني" على متطلبات هذا الشهر الكريم من تقديم موائد الإفطار التي يقدمها هؤلاء الباعة بل أصبح سوقا شاملا لجميع الاحتياجات ففي جنباته يجد المتسوق باعة الأواني المنزلية، والملابس، والألعاب، والهدايا، إضافة الى التحف. كما أن المرأة العسيرية لم تغب عنه فكان لها مشاركات فاعلة في تقديم ما يحتاجه الزائر من وجبات رمضانية يلجأ اليها الكثير من العزاب خاصة حيث تقدم المرأة في هذا السوق أنواع عديدة من المأكولات الشعبية تتمثل في خبز التنور، واللحوح، وموائد رمضانية أخرى، إضافة إلى بيعهن النباتات العطرية العسيرية مثل أطواق الريحان والبرك والكادي. ومايميز السوق أيضاً أن العديد من شباب مدينة أبها وجدوا من خلاله فرصة للبيع وكسب الحلال والقضاء على وقت الفراغ لديهم وذلك بتقديمهم للعديد من المعروضات منها الموائد الرمضانية وأيضا بيع الفواكه الموسمية التي تنتجها أرض عسير. بائع الحنيذ: ومن خلال وقوف "الرياض" وسط هذا السوق تبين لنا أن هناك إقبالًا كبيرًا على ما تقدمه النساء من مأكولات ووجبات رمضانية إلا أن "الحنيذ" كان متصدراً الإقبال من زوار السوق يقول محمد عسيري أحد باعة الحنيذ: إنه يجد إقبالا من الكثير من المتسوقين على الحنيذ خصوصا على المائدة الرمضانية حيث يعتبر إحدى الأكلات الشعبية المعروفة في المنطقة موضحاً أن طريقة تحضيره تتم بتهيئة التنور "المحنذ" وهو عبارة عن حفرة أرضية قطرها حوالي متر وعمقها من 30 سم إلى 50 سم للحفرة العادية، ومتر للحفرة الكبيرة، وتكون الحفرة مطوية ومبطنة بالحجارة، وتضرم النارعليها حتى تحمر، ثم يؤتى باللحم ليوضع على فرشة من أغصان وأعواد شجرالمرخ المعروف أو البشام والسلع، ويلي ذلك تتم تغطية "المحنذ" بأكياس الخيش ثم يدفن بالطين وتترك لمدة ساعة، ليكشف عنها ويوضع عليها الملح وتصبح جاهزة للأكل مع الأرز والخبز. السوبيا تغزو المائدة العسيرية: وفي الجهة المقابلة يتعالى صوت بائع "السوبيا" الذي قاطعناه بالحديث حول هذا المشروب الذي بدأ يغزو المائدة العسيرية بشكل ملفت لنعيد الحديث حول تاريخ هذا المشروب الذي يعد من المشروبات القديمة التي اكتسبت شهرة على مستوى المملكة بشكل عام والمنطقة الغربية بشكل خاص وإن كانت شهرته على مستوى المملكة لا توازي شيئا بما يشكله هذا المشروب لدى أهالي منطقة الحجاز، وهنا في منطقة عسير وجدنا ان هذا المشروب اصبح شرابا اساسيا لكثير من الموائد الرمضانية العسيرية. (بائع السوبيا) ذكر في بداية حديثه ان هذه المهنة هي موروثة عند عائلتهم واخذها عن والده وهو الآن يشارف على السنة العاشرة لبيعها في سوق ابها ولاحظ خلالها ان اقبال الجمهور يزداد عاماً بعد آخر. وعن الأنواع التي يشارك بها في هذا السوق يقول إن هناك النوع الاساسي وهو اللون الأبيض وهناك الأحمر وهو الذي يضاف اليه طعم الفراولة إضافة الى التمر الهندي. الحلبة اليمانية: وفي جانب آخر من سوق أبها الرمضاني تشهد بسطات اللحوح والحلبة اليمنية توافد الزوار عليها أيضاً، حيث يفضل كثيرون أن تكون هذه الأكلات الشعبية على مائدة الإفطار برمضان، يقول صالح الشيباني أحد أصحاب إحدى هذه البسطات تمتلئ البسطات بعدد من الوجبات الشعبية السعودية، ولكن الحلبة واللحوح اليمني تجدان إقبالا كبيراً من الزبائن. نساء عسير يشاركن في السوق الرمضاني: وفي الجانب الآخر من السوق وجدنا العديد من نساء عسير اللائي شاركن الرجل في عرض مبيعاتهن منذ بداية شهر رمضان حيث لم يغب دور المرأة العسيرية لتشارك الرجل في بيع السلع وتقديم الموائد الرمضانية التي يبحث عنها الكثير والتي تتناسب مع الاجواء الرمضانية لتتصدر قائمة الطلبات في سوق ابها الرمضاني. تقول ام أحمد عن معروضاتها الرمضانية: نقوم ببيع بعض الوجبات التي لا تستغني عنها المائدة الرمضانية في عسير وهي من الاكلات التقليدية التي اصبحت سيدات المنازل لا يعملنها حاليا مثل خبز الفطير الذي يعمل في التنور والدوح ومجموعة من الخبز المنوع من الحبوب كالذرة والشعير والبر هذا الى جانب بيع الأزياء النسائية التقليدية، والمشهورة محليا، كالثوب العسيري إضافة الى بيع اطواق الريحان والبرك وعدد من العطور النباتية المستخرجة من نباتات المنطقة مضيفين انهن يجدن اقبالا كبيرا على معروضاتهن تلك من قبل الزوار والمتسوقين.