×
محافظة المنطقة الشرقية

حريق يلتهم 27 محلا تجاريا في سوق الدمام

صورة الخبر

هل من منافس للبنك الدولي في الأفق؟ هل يشهد منتصف القرن الحادي والعشرين نهاية الوضع "الإمبراطوري" الذي تمتع به البنك الدولي منذ تأسيسه في أعقاب الحرب العالمية الثانية؟ وإلى أي مدى سيفلح أي منافس جديد في طرح نفسه كمؤسسة مالية، قادرة على الإقراض الدولي بشروط أكثر "رحمة"؟ أسئلة كثيرة بدأ بعض الاقتصاديين بل مختصون في البنك الدولي بطرحها، منذ أعلنت مجموعة البريكس (روسيا – الصين- البرازيل – الهند – وجنوب إفريقيا) في قمتها العام الماضي، نيتها تأسيس بنك دولي تابع للمجموعة برأسمال 50 مليار دولار. ومع اقتراب موعد انعقاد القمة السادسة المقرر عقدها في مدينة فيرتليزا البرازيلية خلال الأيام القليلة المقبلة، يتزايد الحديث في الأروقة الاقتصادية العالمية عما إذا كان الاقتصاد الدولي، سيشهد بروزا لمؤسسة مالية جديدة عملاقة، تطرح نفسها بديلا عن احتكار البنك والصندوق الدوليين، باعتبارهما البنيان الرئيسي للمنظومة المالية الدولية. ويرى مختصون أن هذا البنك قد يكون منافسا للبنك الدولي إذا تم الأخذ بعين الاعتبار وضع شروط أكثر تيسيرا للدول النامية. وتشير الأنباء الواردة من المجموع إلى أن قادة "البريكس" على وشك الاتفاق على الإعلان عن انطلاق نشاط البنك التابع لـ"البريكس". وقد طرحت تلك الأنباء تكهنات متباينة حول شكل البنك المزمع إنشاؤه، فعديد من التفاصيل الخاصة بالبنك الجديد بما في ذلك المقر لا تزال محاطة بالسرية والغموض، إلا أن المؤكد الآن أن المهمة الرئيسة له ستكون تعبئة الموارد لدعم مشاريع البنية التحتية والتنمية المستدامة في بلدان المجموعة وغيرها من الاقتصادات الناشئة والدول النامية. ويعلق الدكتور فيل هيل أستاذ الاقتصاد الدولي في مدرسة لندن للاقتصاد لـ "الاقتصادية" قائلا، "لا شك أن المهمة الرئيسة للبنك المقترح، هي ذاتها تقريبا المهمة الرئيسة المنوطة بالبنك الدولي، إذاً المنافسة بين الطرفين واقعة حتما، وإذا كان البنك الجديد سيعطي الأولوية لاقتصادات البلدان الأعضاء، فإن دول البريكس أعلنت بوضوح أن تعاملات البنك ستمتد إلى الاقتصادات الناشئة وإلى البلدان النامية، والاستثمار في البنية الأساسية والتنمية المستدامة هي القضية الرئيسية في تلك البلدان، وهذا تحديدا ما تنجم دائما عنه خلافات بين البلدان النامية من جانب والبنك أو الصندوق الدوليين من جانب آخر". ويضيف هيل "دخول بنك بالحجم العملاق لبنك مجموعة البريكس على خط إقراض البلدان النامية، سيضمن توفير موارد مالية ضخمة للاقتصادات الناشئة، بعيدا عن الهيمنة التقليدية للمؤسسات المالية الغربية". خبراء البنك الدولي لا يخفون نظرتهم القلقة من القادم الجديد، فهو يضم مجموعة من أقوى الاقتصادات الدولية، إلا أن البعض منهم يعتقد أن هناك فرصة لأن يستفيد الجميع. الدكتورة إلينا جولدي المستشارة في البنك الدولي تعتبر أن حجم الضغوط المالية على البنك والصندوق يدفع إلى ضرورة النظر إلى بنك البريكس نظرة إيجابية. حيث تعلق لـ "الاقتصادية" قائلة "المنافسة بين الطرفين أمر لا مفر منه، ولكن يجب ألا تكون عدائية، أعتقد أن عديدا من بلدان العالم سترحب بالقادم الجديد، لأنه سيفلح في تلبية عديد من الطلبات بشروط "أفضل" للاقتصادات الناشئة". وتضيف "يمكن للبنك الدولي أن يقوم بإحداث تغييرات في استراتيجيته، لتكون عملية الإقراض أكثر تركيزا على المشاريع الحيوية للاقتصادات الناشئة". ويشير الموقع الرسمي للبنك الدولي إلى أن حجم الفجوة في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل بين احتياجاتها في مجال الطلب على البنية الأساسية والقدرات المتاحة، يقدر بتريليون دولار أمريكي، ومن المؤكد أن البنك الجديد أيا كانت قدراته لن يستطيع سد هذه الفجوة، وهو ما يعني أن البنك الدولي سيظل – من وجهة نظر مناصريه -لاعبا أساسيا في المنظومة المالية الدولية، خاصة في مجال إقراض البلدان النامية لتطوير بنيتها الأساسية. ويعتقد البعض أن ما يمثله بنك البريكس من تحد للبنك الدولي، سيعتمد أولا وأخيرا على عاملين، الأول متصل بإجمالي قدرته المالية للإقراض، والثاني بالشروط التي سيفرضها. ومن المرجح أن تبلغ القيمة الإجمالية لقروض البنك نحو 34 مليار دولار سنويا، فإذا أضفنا إليها المشاريع المشتركة مع مجموعة البريكس، وكذلك مع القطاع الخاص في هذه البلدان، فإن قدرة البنك ستتجاوز ذلك الرقم. ومن المقرر أن يبلغ رأسمال البنك 50 مليار دولار، تشارك فيها الدول الخمس الأعضاء في البريكس بحصص متساوية، وعلى الرغم من أن أغلب التوقعات تشير إلى أن مدينة شنغهاي الصينية ستصبح المقر الرئيس للبنك، إلا أن الأمر لم يحسم بعد، إذ لا تزال العاصمة الهندية نيودلهي تمثل منافسا قويا لاستضافة المقر الرئيس. وتأتي المنافسة بين العاصمة الهندية ومدينة شنغهاي التي تعد العاصمة التجارية للصين، تعبيرا عن مخاوف بعض البلدان الأعضاء، من أن تقوم الصين التي تعد أكبر اقتصادات المجموعة باستخدام البنك لتحقيق مصالحها الخاصة، أكثر من تحقيقه المصالح المشتركة للبريكس، ما قد يتسبب على الأمد الطويل في تفجر نزاعات داخلية يمكن أن تؤدي إلى تشظي "البريكس" وتفتته. ويعلق أندريه بريك الباحث الاقتصادي على إنشاء البنك الجديد بالقول "يلاحظ أن بلدان المجموعة رفضت أن تطلق على البنك اسم (بنك البريكس) وإنما قررت أن يسمى بنك التنمية الجديد، ولهذا مدلول اقتصادي مهم، فالمجموعة تدرك أنها بمفردها لن تفلح في إضفاء الطابع الدولي على البنك مقارنة بالبنك الدولي، ولهذا فهي بهذا الاسم تفتح الباب على مصراعيه للاقتصادات الناشئة مثل تركيا والسعودية وإندونيسيا وماليزيا والأرجنتين للمشاركة مستقبلا بحصص مالية في البنك". ويشير بعض الاقتصاديين إلى أن الشروط التي سيفرضها البنك في عمليات الإقراض التي ستبدأ عام 2016، ستمثل العنصر الأكثر حسما في تحديد العلاقة بينه وبين الاقتصادات الناشئة والبلدان النامية، وعلى الرغم أنه لم يعرف بعض طبيعة هذه الشروط، إلا أنه من المتوقع أن تكون أكثر تساهلا من شروط البنك والصندوق الدوليين، ليس فقط لأن ذلك يتلاءم مع مصالح مجموعة البريكس، بل الأكثر أهمية أنه سيكون الضامن الأساسي لقدرة البنك على جذب اقتصادات إفريقيا وأمريكا اللاتينية وبعض البلدان الآسيوية للتعامل معه. ومن المؤكد أن "البريكس" ستقوم إضافة إلى تأسيس البنك بالإعلان عن "محفظة احتياطات للطوارئ" بقيمة 100 مليار دولار، وذلك لمساعدة الأعضاء الخمس على مجابهة أي أزمة اقتصادية في حالة تفجرها، وسيبدأ العمل بهذه المحفظة انطلاقا من العام المقبل. ويقول دكتور جروسبي باركر المختص في صندوق النقد الدولي: "رغم ما يمثله بنك التنمية الجديد من تحد للبنك وصندوق النقد الدوليين، فأنا أستبعد من أن ينجح في إزاحتهما من الساحة المالية العالمية، ولكنه حتما سيؤدي إلى تآكل قوتهما النسبية"، وحول من يتحمل المسؤولية عن ذلك يفاجئنا دكتور جروسبي قائلا "الكونجرس الأمريكي وتعنته في رفض رفع قوى التصويت النسبي للاقتصادات الناشئة، سيكون المسؤول الأول عن انهيار البنك الدولي إذا ما انهار، فإصرار القوى اليمينية في الكونجرس في أن تظل واشنطن مهيمنة على البنك الدولي هو الذي يدفع الآخرين إلى البحث عن بدائل وإيجاد مؤسسات تعبر عن مصالحهم". وكانت مجموعة البريكس قد فشلت في زيادة قوتها التصويتية في البنك والصندوق الدوليين عبر زيادة حصتها المالية، فالمجموعة التي تمثل 40 في المائة من عدد سكان العالم، وتقريبا خمس الاقتصاد العالمي لا تعكس قوتها التصويتية في المؤسستين الماليتين العالميتين الصندوق والبنك، وهذا اتجاه عام يعانيه عديد من الاقتصادات الناشئة، وهو ما يعتقد البعض أنه سيفتح الباب لنجاح بنك التنمية الجديد التابع للبريكس بتوسيع عضويته لتضم في المستقبل بلدان أخرى من خارج المجموعة. الجدير ذكره أن المجموعة بدأت كفكرة على يد الاقتصادي جيم أونيل من مؤسسة جولدن ساش عام 2001، حينما اقترح تشكيلها تعبيرا عن القوى الاقتصادية الصاعدة، إلا أن الفكرة لم تتبلور عمليا إلا عام 2009، عندما بدأ قادة البلدان الخمسة قمتهم الأولى في روسيا.