حكايتي الأولى مع الكتابة كانت مريعة، كانت كافية لأن تتوتر علاقتي بالقراءة والكتابة والأدب وباقي مواد اللغة العربية! حدث ذلك بعدما شاهد معلم "العربي" واجبي الأول في مادة التعبير، أتذكر أنه صرّ عينيه وهو يتأمل ما كتبت، كان كمن يبحث عن شيء له علاقة بالتعبير، كان ينظر للنص وكأنه أمام طلاسم عصية على الفك! أنهى القراءة بتنهيدة طويلة، ثم نظر تجاهي بحسرة وصاح: "أنت بتعمل فيني كدا ليه؟"! صحيح أنني لم أفهم ما يقصد، إلا أن ملامح وجهه كانت توحي بأن كمية كبرى من المصائب تحويها تلك الورقة، وهو الأمر الذي تأكدت منه لاحقا بعدما قرأ والدي ما كتبت ثم استفسر إن كان المعلم قد قام بضربي؟! وحين أجبته بالنفي، تكفل هو بالمهمة! ورغم عدم اكتراثي للتجربة المأساوية السابقة إلا أنها زرعت في ذهني سؤالا مثيرا: "كيف تكتب نصا جيدا؟"، كانت غالبية الإجابات تجمع على أن "القراءة" هي الطريق الأصوب لفعل ذلك، وهو ما حدث فعلا، حيث اكتفيت بالقراءة في شتى المعارف دون الكتابة الحقيقية حتى أخذت القراءة حيزها في الجدول اليومي. بعد التخرج من الجامعة بدأت بكتابة بعض النصوص على استحياء، كنت أوزعها على بعض الرفاق ممهورة بأسماء مجهولة، تعمدت ذلك حتى ينال الاسم المجهول كل الشتائم حين لا يروق لأحدهم ما كتبت! جاءت ردود الفعل إيجابية للغاية، وحصل الاسم المجهول على إشادات جميلة حتى من خارج الرفاق! وهو الأمر الذي دفعني لكتابة نصوص أخرى وجدت أصداء طيبة في المنتديات الأدبية إبان رواجها! النصوص ذاتها وغيرها سقطت في يد الزميل الكريم: حسين مسعد، مطلع عام 2007 الذي وبخني أولا لتقصيري في نشرها، ثم استأذنني للتصرف بها، ولأنني صمت مدة ثانية وأجزاء منها فقد اعتمد "حسين" على أن ذلك الصمت هو علامة الرضا! في صيف عام 2007، كان هاتفي يرن، حدث ذلك بعد زواجي بيوم واحد، عزمت على عدم الرد احتراما لبروتوكولات "العرسان" في السعودية، إلا أنني فشلت في النهاية، صوت أجش يتلو السلام، ثم يسألني إن كنت "ماجد بن رائف" وحين أجبته بنعم، أكمل بأنه قرأ لي بعض المقالات الجيدة ويرغب في استكتابي في جريدة الوطن السعودية، لم يتبادر في ذهني حينها سوى أحد الزملاء وهو يحاول حبك مقلب لزميله العريس الجديدة المسكين! إلا أنه وبعدما عرف بنفسه، وأفصح بأنه الأستاذ القدير: جمال خاشقجي، أخذت المكالمة منحنى آخر، انتهت المكالمة وأنا أحد كتاب "الوطن" الجدد، التي كتبت فيها حتى عام 2010، ثم انتقلت إلى صحيفة شمس لمدة سنتين، ثم عدت للكتابة في الوطن بعد اتصال لطيف من أحمد التيهاني في شهر رمضان قبل الماضي وما زلت.