×
محافظة المنطقة الشرقية

الهيئة تضبط وافد يتحرش بإحدى النساء بحائل #الوئام #السعودية

صورة الخبر

الدمام عبدالوهاب العريض موجة اغتيال الصحفيين هي «الموضة» السائدة اليوم المنفيون مثل الأطفال عليهم الابتداء من الصفر الغربة ضرورية للكاتب لكي تنضج تجربته قبل أيام كان الكاتب والروائي العراقي نجم والي في برلين لتوقيع روايته (ملائكة الجنوب) المطبوعة عام 2011، كما يتضمن برنامج والي لعام 2014 عدداً من العواصم الأوروبية لتوقيع عدد من رواياته وتقديم شهادات في الأدب العربي. نجم والي ليس مجرد روائي أو باحث في الأدب، بل أصبح اليوم من الشخصيات المميزة في أوروبا التي سكنها قبل ما يزيد على ثلاثين عاماً، استطاع فيها تجاوز أكثر من لغة، واستطاع خلال فترة إقامته أن يكون عنصراً فاعلاً على المستوى الأدبي والفكري فيها. «الشرق» حاولت استعراض مسيرة حياة نجم والي، بدءاً من دخوله ألمانيا وانتهاء بآخر عمل أدبي عمل عليه خلال عام 2013. نضجت في التجربة 33 سنة ونجم خارج العراق.. مدن وعواصم غربية أخذتك من واقع مرير.. ماذا قدمت تلك الغربة لـ(نجم)؟ – تجربتي الأدبية نضجت أصلاً في الغربة. منذ اللحظة الأولى شعرت بالمسؤولية الجديدة التي عليّ مواجهتها. فها أنت تصل إلى مكان، لا أهل لك ولا خِل وإخوان، حتى اللغة عليك تعلمها من جديد. أظن أنه شعور عام يصيب المنفيين، يشعرون، أنهم مثل الأطفال، عليهم الابتداء من الصفر. الغربة استفزاز كبير، يمكن أن تدمرك إذا افتقدت القدرة والعزيمة على مواجهة محيطك الجديد. وسعيد الحظ، من واجهها بقلب مفتوح، دون أحكام مسبقة. من ناحيتي قبلت الرهان، منذ أن بدأت الدراسات العليا للأدب الألماني في جامعة هامبورج. حياتي جرت بشكل طبيعي، توزعت بين الدراسة والعمل والكتابة. بعد انتهاء دراستي في هامبورج ذهبت لدراسة الأدب الإسباني في جامعة كومبليتينسه في مدريد. بعدها ذهبت إلى أوكسفورد ثم إلى جامعة فلورنسا في إيطاليا، الحصيلة دراسة آداب وتعلم لغات عديدة، لا تعرف المتعة في قراءة كتاب بنصه الأصلي، عشرات الكتب تصدر يومياً هنا، من غير الممكن أن تلحق بها حركة ترجمة. الآداب هذه، خاصة الأدب الإسباني وأدب أمريكا اللاتينية، والأدب الألماني، أثرت فيّ، في نظرتي لكتابة الرواية، في طريقة صياغتي الجملة، بل حتى في كتابتي العمود. من الصعب تخيل شخصيتي التي عليها اليوم، شخصيتي ككاتب وإنسان دون الثلاثة عقود ونصف العقد تقريباً من الغربة هذه. كم عملاً أدبياً أنتجت خلال هذه الفترة؟ - كل كتبي أنجزتها في المنفى، عشرة كتب، منهم ست روايات، ومجموعتان قصصيتان، صدرت جميعاً في اللغة العربية، بالتوازي مع ذلك صدرت لي في اللغة الألمانية مجموعة قصصية وكتاب رحلة. أغلب الكتب هذه تُرجمت إلى لغات أخرى وصدرت عن دور نشر عالمية مرموقة. في العراق وحتى مغادرتي البلاد لم أستطع نشر أكثر من خمس قصص قصيرة وبعض الريبورتاجات. كنت حاضراً في المشهد الأدبي، لكن الحصار الثقافي الذي ساد وقت الديكتاتورية منعني من النشر، أو التوسع في التجربة. هل تشعر بأن الغربة تصنع الكاتب؟ - الغربة ضرورية للكاتب، لكي تنضج تجربته. فمن أجل أن ينضج الكاتب ويتطور يحتاج مسافة يعاين فيها وطنه أو مكان ولادته الجغرافي من علو. للأوطان وطأة علينا، سواء من ناحية إلفتنا مع المكان، أو علاقتنا بالبشر المحيطين بنا، الحرية هي شرط الكتابة الإبداعية، ودون المسافة تلك سنوجِد نحن تابوتاتنا الداخلية خوفاً من الوقوع في أشكال مع المحيط. المحنة هذه تزداد في أزمان الديكتاتورية، فعندما يصبح الوجود الفيزيائي للكاتب مهدداً، عندما تشعر بالخوف أينما التفتت، وعندما تتحول الرغبة في البقاء على الحياة هي الغاية وليست الوسيلة، فلن يكون من السهل عليك أبداً الكتابة، حتى بالسر. في كل الديكتاتوريات التي عرفناها في التاريخ، لم تكن أمام الكاتب خيارات عديدة، كان عليه إما أن يصمت تماماً، أو أن يغادر. النازيون مثلاً منعوا حتى الرسامين الذين لم يرسموا في خدمة البروبجندا النازية، من الرسم، أرسلوا مخبريهم من وقت إلى آخر يدورون على بيوت الرسامين، لكي يشموا إذا كانت هناك رائحة دهان أصباغ. نظرة بسيطة لتاريخ الإنسانية، ترينا أن أغلب الأعمال الإبداعية التي نعرفها أُنجزت في المنفى. حتى الأديان الرئيسة الثلاثة، اليهودية والمسيحية والإسلام، نُفي رسلها، في الفن والأدب القائمة لا تُحصى: الكوميديا الإلهية لدانتي، الإلياذة لهوميروس، هما كتابا منفى بامتياز، أيضاً سيرفانتيس كان منفياً، أغلب مؤسسي الأدب الحديث عاشوا في الغربة، مضطرين (أو هاربين من ضيق الأفق القومي لمجتمعاتهم، كما في حالة الإيرلنديين جيمس جويس وصاموئيل بيكيت)، الكتاب الإسبان من جيل 27، رافائيل البرتي، أنطونيو ماتشادو، الكتاب الألمان من توماس مان وهيرمان هسة وأيريش ريمارك وبرتولد بريشت وبيتر فايس، بريشت تأسس مسرحه أصلاً في الغربة، أما كتّاب أمريكا اللاتينية فهم أفضل مثال لعصرنا الماضي، السيد الرئيس للجواتيمالي ميجيل أستورياس، الملاحم الشعرية لبابلو نيرودا، مائة عام من العزلة لماركيز، وحديث في الكاتدرائية لبيرجاس يوسا، أنجزت في المنفى (الأربعة حصلوا على النوبل بالتوالي)، أما في الرسم فعندك جرنيكا بيكاسو، لوحات شاجال وآندي فارول، حتى السينما، هوليوود بُنيت على أكتاف المنفيين، من تشارلي تشابلن وفريتز لانج وفيلي وإيدير..، مثلهم أسس المبدعون الذين غادروا بلاد الشام -لجور العثمانيين- فن المسرح والغناء وفن الطباعة في القاهرة في بدايات القرن الماضي: خليل مطران، الريحاني وجرجي زيدان وغيرهم، ماذا عن الكتّاب الأمريكان من «الجيل الضائع» الذين اختاروا الرحيل إلى باريس في الثلاثينيات بحرية: سكوت فيتزجرالد، دُجونا بارنر، هنري ميلر، همنجواي، ترومان كابوته.. إلخ؟ لكي لا أختم لك الحديث، وأقول بأن الإنسانية كلها ابنة الغربة، ألسنا أولاد أبوين طُردا من الجنة؟ بكلمة واحدة الغربة هي استفزاز الكاتب، لكن حريته أيضاً. ولحسن الحظ أن السلطة «الجاهلة» التي تظن أنها بنفيها ستقتل روح الإبداع عند المبدعين المتمردين، لا تعرف ذلك! حزب الشاي والثقافة كيف ينظر نجم إلى العراق بعد صدام؟ بمعنى كيف ترى الوضع العام في العراق خلال العشرة الأعوام الماضية؟ - الوضح محبط، العراق الذي سُجنا ونُفينا ومتنا من أجله، هو ليس ما أصبح عليه اليوم. المشتركون في جريمة قتل الحلم هذا هم عديدون، أطراف داخلية وأخرى خارجية. سابقاً كانت عندنا ديكتاتورية. اليوم عندنا فوضى وديكتاتوريات. خير من يعبر عن ذلك الناس في العراق. فهم اعتادوا على اختصار حقب كاملة وجعلها محض أيام، سموا السنوات الخمس الأولى بأيام بوش، أما الخمس الثانية فسموها «أيام أوباما»، يقولون مثلاً: «انقضت أيام صدام، ثم انقضت أيام بوش، وها نحن نعيش أيام أوباما، بالفعل، ستنتهي أيام أوباما بعد سنتين أو ثلاث، وستأتي وراءها أيام جيري، أو سياسي جمهوري من حزب الشاي، من يدري؟ لكن هناك أمر واحد يعرفه العراقيون، أن الأيام «السنوات العشر» التي مرت، جثمت على صدرهم مثل الكابوس، وأن الأيام «السنوات» القادمة تبشر بخراب أكثر، لا غير! المثقف العراقي والهجرة وماذا عن الثقافة؟ - الإحباط ذاته، عديد من المثقفين في العراق يفكرون في الهجرة. بعضهم يعلن صراحة، بأنهم في أواخر التسعينيات، ورغم الديكتاتورية والسجن والرقابة والعزلة، طوروا مناخات إبداعية خاصة بهم، يمكن تسميتها جزراً أو بحبوحات منفصلة عن النظام. كانت هناك كثير من النصوص المهربة، وكان الرسامون يمارسون حريتهم في مشاغلهم. اليوم من الصعب أن يحدث ما شابه، حيث تسود الفوضى في كل المجالات. على مدى العشر سنوات الماضية تعاقبت سلطات مرتشية حصنت نفسها في المنطقة الخضراء، وتركت بقية البلاد مباحة للصوص والمليشيات. أما ما يُطلق عليه «اقتصاد السوق»، الذي عاش ديناميكية قوية بعد سقوط النظام، فمن الأفضل تسميته اليوم سوق قطاع طرق تتحكم فيه شريعة الغاب، «الحواسم»، كما أُطلق على المنتفعين من معركة «أم الحواسم»، كما أطلق النظام السابق حربه مع الأمريكان. فقط من ينتمي لحزب أو مليشيا، يستطيع فرض نفسه فيه. أما موجة اغتيال الصحفيين فهي «الموضة» السائدة اليوم. هل تعرف، أن أكبر إنجاز ثقافي اليوم في العراق: هو البقاء على قيد الحياة! والي في سطور نجم والي (عمارة 1956) غادر العراق أواخر 1980. درس الأدب الألماني في جامعة هامبورج والأدب الإسباني في جامعة كومبليتينسه مدريد. من كتبه التي صدرت: «الحرب في حي الطرب» (رواية، طبعة أولى، دار صحارى دمشق بودابست 1993، طبعة ثانية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر عمان بيروت 2013)، «ليلة ماري الأخيرة» (قصص، شرقيات القاهرة 1995)، «مكان اسمه كُمَيْت» (رواية، شرقيات القاهرة 1997)، «فالس مع ماتيلدا» (قصص، دار المدى دمشق 1999). «تل اللحم» (رواية، طبعة أولى، دار الساقي بيروت لندن 2001، طبعة ثانية ميريت القاهرة 2005). «صورة يوسف» (رواية، طبعة أولى، دار المركز الثقافي العربي، بيروت – الدار البيضاء، 2005، طبعة ثانية، ميريت القاهرة 2008). «ملائكة الجنوب» (رواية، طبعة أولى، دار كليم دبي 2009، طبعة ثانية، دار المدى 2010 بغداد)، «بغداد.. مالبورو، رواية من أجل برادلي مانينع» (رواية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر عمان وبيروت 2012)، كما نقل عن الإسبانية مسرحية «خطبة لاذعة ضد رجل جالس» لجابرييل جارسيا ماركيز (مسرحية، طبعة أولى، المركز الثقافي أبوظبي 1998، طبعة ثانية، دار أزمنة للنشر عمان 1999)، أما عن الألمانية فقد نقل «خطوات، ظلال، أيام وحدود» لميشائيل كروجر (قصائد مختارة، دار المدى، بيروت بغداد 2014). هذا وتُرجمت أغلب أعماله إلى عدة لغات عالمية وصدرت عن دور نشر عالمية مرموقة، كما كتبت عنها أشهر الصحف العالمية. يكتب المقالات في الصحافة العربية (الحياة والمستقبل والمدى)، والألمانية (دي تزايت، دير شبيجيل، زوددويتشه تزايتونج ونويه تزوريشير تزايتونج)، كما يعمل متفرغاً للكتابة منذ 2001 ويعيش اليوم في منفاه الألماني برلين.