أشعر بتعاطف كبير مع المرأة العاملة في شهر رمضان الكريم، ليس لان أدوارها الإنسانية تتضاعف والضغوط الحياتية التي تواجهها تتسارع وفقا لما لهذه الأدوار من متطلبات، وإنما لصعوبة توفر وقت فراغ مريح لها تستطيع من خلاله قراءة القرآن والدعاء وممارسة واجباتها الدينية. "كيف يمكنك ملاحقة كل الساعات وانت مسؤولة عن كل شيء تقريبا؟ تسألني امرأة عاملة قريبة وهي تبتسم تعاطفا مع حالتها حينما تطرح الهموم العابرة. فهي تهرول بعد ان تكون غفت بضع ساعات قليلة بعد صلاة الفجر لتذهب لعملها ثم تعود للبيت لتجد مهمة اعداد الفطور تنتظرها، ورغم ان الكثير يعتقد بوجود حل لهذه المشكلة بتوفر العاملة المنزلية، إلا أن الواقع ليس بهذه البساطة بالطبع فاغلب النساء وحتي الفتيات يميلون للطبخ واعداد الاطباق الرمضانية في بيوتهن ويشعرن بمسؤولية ما. لذا نجد أن المرأة العاملة ايضا تعمل في بيتها بعد عودتها من العمل وتستمر حتى آذان المغرب. الزمن المتبقي معروف التفاصيل وان كان هناك من مزايا فهو مرور الوقت سريعا بالنسبة للعاملين والمشغولين بعملهم لاشك. *** نعرف كيف تتأثر العاملات بالبيوت بطباع اصحابها وشخصياتهم أحيانا و كيف أن كثيرا منهن يتطبع تلقائيا ببعض الصفات، لذا لم ادهش وقريبة تخبرني كيف ان عاملتها المنزلية باتت تمنح بعض الريالات للحاجات الافريقيات القابعات أمام مراكز التسويق، غير أن دهشتها تضاعفت حينما علمت كيف ان العاملة اكتشفت جهاز ايفون حديث في يد المتسولة وهي تهم بإعطائها النقود! فسحبت يدها بسرعة وعادت غاضبة.. اذ كيف "الهاجة فيه ايفون وهي لا؟ *** في إحدى المكتبات، وبمناسبة طبيعة الشهر الفضيل انجذبت إحدى المتسوقات لقسم كتب الطبخ ولفت نظرها كتاب انيق وبدأت في تصفحه لكنها فكرت كتاب جميل وفاخر التجليد وملون الصفحات سوف يستقر مع إخوته من الكتب في المطبخ وقد يتناثر عليه شيء من الطحين والزيوت وسيتسخ فقررت إعادته. في البيت تذكرته وكان يحتوي بعض الوصفات الجديدة مثل الأكلات التركية في السعودية وهو موضوع يهم أغلب البيوت من باب التنوع والتأثر التاريخي بين الشعوب فقالت لابنتها ليتني اشتريته فأجابت الأخري وهل جربتي البحث في الإنترنت؟ وفكرت حتما ستجد نماذج ما فالفضاء المعلوماتي غامر غير أن للكتب خصوصية كما نعلم وحتى وان كانت في بساطة وصفات الطعام. *** بعض الناس يعاني أثناء الصيام من سرعة الغضب والانفعال ويقال بأنه بتأثير غياب الكافيين والسجائر وباتت ملاحظة انفلات الاعصاب أثناء الصيام أمرا متوقعا وهناك شك بأن النفوس تتأثر فسيولوجيا ربما اضافة للاسباب المذكورة بسبب قلة النوم وعدم القدرة على التركيز فتصبح كل الأمور الصغيرة مشاكل كبيرة تؤدي إلى الخناقات والصياح، وبعد الافطار يعود المرء لواقعه فيكتشف ان الموضوع لم يكن يتحمل كل هذا الضجيج والعصبية. ربما علينا التذكير دوما رمضان كريم في كل أحواله وليس فقط الصيام عن الطعام والشراب. كل عام وانتم بخير.