هل هناك كذبة تغتفر؟ أو كذبة بيضاء كما يعتقد البعض؟ ومتى نستخدم هذه الكذبة؟ وهل هناك كذبات قد نستعملها في حياتنا العادية معتقدين أنها كذبة بيضاء... ولكن تكون عند غيرنا كذبة لا غفران فيها؟ فاليوم لدينا زوجات حاولن إنقاذ زواجهن بـ«الحمل الكاذب»، فاضطررن أو اضطرتهن ظروفهن لاختلاق كذبة الحمل؛ حتى يحتفظن بأزواجهن وزواجهن. «سيِّدتي» فتحت هذا التحقيق بقصص واقعية ترويها سيدات عشن هذا الواقع، كما تحتوي السطور القادمة على رأي الشريعة ورأي علم الاجتماع في ذلك: • كذبة الحمل تقول أم نواف «ربة منزل»، وتبلغ من العمر «40 عاماً»: «لديّ جارة تبلغ من العمر «26 عاماً»، وهي متزوجة منذ 4 سنوات، ولم تنجب حتى الآن، ودائماً زوجها على خلاف وشجار معها. في البداية حين تعرفت إليها كانت محطمة نفسياً، ولا تملك ثقة بنفسها أو حتى بمن حولها، وطلبت مني النصيحة في حياتها، وسألتني، هل تنفصل أم تتحمل حياتها التي بها خلافات أكثر من الحياة الطبيعية التي تتمناها أي امرأة؟ ونصحتها بالاستمرارية بشرط عدم تدخل والدة زوجها وشقيقته في حياتهما، وطلبت ذلك من زوجها، واستجاب لها لمدة 4 أشهر، بعدها بدأت أم الزوج تحضر لابنها فتيات للزواج، وعندما علمت الزوجة بذلك اضطرت إلى اللجوء لحلول، والتي كان من ضمنها أنها اضطرت أن تكذب وتقول إنها حامل، وذهبت لبيت والدها غاضبة من تصرفات الزوج وأمه، وجاء لها زوجها أكثر من مرة ليصالحها، ولكنها ترفض الرجوع؛ لأنها لا تعلم ماذا تفعل بسبب كذبتها. وعندما أخبرتني بما حدث وأنها كذبت تلك الكذبة أخبرتها بأنها وضعت نفسها في موقف محرج أكثر من الأول، وأن الحمل رزق، فأخبرتني أنها لم تجد حلاً سوى هذا الحل، وأنها تعلم أنها تورطت في اتخاذ هذا الحل، ووجدت الحل في مصارحته، ولكنها أيضاً لم تستطع ذلك، وطلبت من والدتها أن تخبره بالحقيقة، وبالفعل أخبرته، ولكنه لم يتفهم الموقف وانفصل عنها». فيما تقول الإدارية هناء صالح «23 عاماً»: «صديقتي عمرها «25 عاماً»، وهي متزوجة منذ عامين، ولم تنجب، وتتعرض دائماً لعدم التقدير من زوجها وللشجار المستمر والإيذاء الجسدي؛ لأنه يريد أن يشعر بالأبوة وهي تحرمه من ذلك الإحساس، وشعرت بأعراض الحمل في أول سنة من زواجها، ولكنها اكتشفت أنه حمل كاذب من شدة تمنيها للحمل لإرضاء زوجها، وأخبرتني أن السبب الرئيس في ارتباكها وعدم حملها وتوترها هو زوجها الذي كان يتساءل عن مواعيد الحيض الشهري ويضربها بشدة حين نزولها، وفي يوم طرأ ببالها أن تقول إنها حامل، ومن بعدها تخبره أنه حمل كاذب للمرة الثانية؛ لترتاح من إيذائه الجسدي، وبالفعل أخبرته، وكان يعاملها بمنتهى الرقة، وأخبرته بعدها أنه حمل كاذب وعادت الكرة. وذكرت لي أنها تتعرض منذ زواجها كل شهر لضرب مبرح، وأنها كذبت لترتاح لمدة شهرين، وأنها لن تندم على كذبتها، بالعكس في حين تأخر حملها ستفعل هكذا ثانية؛ لأنه في الوقت الذي يعلم بحملها الكاذب يعاملها بالحسنى». زوج متفهم أما منى الضبيب «ربة منزل»، وتبلغ من العمر «26 عاماً» فتقول: «أنا متزوجة منذ 3 سنوات، ولم يحدث لي الحمل في أول عامين، وكان زوجي متفهماً بأن ذلك بإرادة الله ويجب علينا الصبر، ولكن أهله لم يصبروا على تأخر إنجابي، وطلبت أمه منه أكثر من 4 مرات أن يتزوج، وكنت أنا قليلة الصبر وكثيرة البكاء، فطلب مني أن أكذب على أهله بأنني حامل، وبالفعل كذبت تلك الكذبة لأنقذ زواجي، ورغم هذه الكذبة إلا أن والدته كانت تعاملني بكراهية شديدة، وبعدها بـ4 أشهر حملت حملاً حقيقياً، ومن بعد معرفتي بحملي الحقيقي قال زوجي لها الحقيقة، وأنه طلب مني أن أقول هذا؛ لأنها كانت دائمة السؤال والإلحاح، وكان يريد أن يريح بالها ويريح باله وبالي». وتقول الموظفة في خدمة العملاء رهف التركي «24 عاماً»: «أختي متزوجة منذ 3 سنوات، ولم تنجب حتى الآن، هناك مشاكل لديها ولدى زوجها، ولكن مشاكلها أخف بكثير وحلولها في 3 أشهر؛ فهي تتعلق بزيادة هرمون عندها، أما زوجها فمشكلته كبيرة جداً؛ فقد كان دائم الحزن والعصبية غير الطبيعية والعزلة، ونصحته أختي بأن يذهب لطبيب نفسي، وأخبرته بأنها حامل لكي تتحسن حالته؛ لأنه جلس لمدة 3 أسابيع لا يتحدث مع أحد ولا يذهب إلى عمله، وبعد الكذبة التي كذبتها أختي بحملها، أخبرها بأنه يعلم أنها تكذب لكي تتحسن حالته النفسية، وأنه لا يوجد حمل». وتحكي لنا أثير سعود «ربة منزل»، وتبلغ من العمر «26 عاماً» قصة صديقتها البالغة «27 عاماً» قائلة: «تزوجت منذ 6 سنوات، ولم يكتب لها الحمل لمدة 4 سنوات من زواجها، وزوجها لم يصبر عليها، وتزوج من ثانية، ولم ينجب، مع العلم أنه لا يوجد لديه أي مانع للإنجاب، ولكن الله لم يرد له ذلك، وقد كذبت في حملها في السنة الثالثة من زواجها، وهي لا تحسبها بالضبط كذبة؛ لأن ما حدث معها هو تأخر في الدورة لمدة 8 أيام، وبدأت تشعر بالغثيان وزيادة في النوم، وأخبرت زوجها بأنها حامل بناء على شعورها، ولكن نصحتها والدتها بأن تحضر اختبار الحمل المنزلي، وفعلت ذلك، وعلمت بعدم حملها، ولكنها لم تخبره بحجة أنه غير دقيق 100%، وقالت إنها ستخبره حين تتأكد بشكل تام من خلال تحليل الدم، وأنها تريد أيضاً أن تشعر بشعور الحامل حتى ولو لأيام قليلة، وقبل أن تذهب للمشفى لعمل التحليل جاءتها الدورة فأخبرته، وعلمت أنه حمل كاذب، ومن بعدها بعام حملت قبل أن تحمل زوجته الثانية». • تلاعب بالمشاعر قال الداعية الإسلامي الشيخ سليمان الطريفي: «الكذب في مثل هذه الحالات حرام ولا يجوز، وحرمته تقع بالتلاعب بمشاعر الزوج وحقوقه، فكذب الزوجة وفي نيتها أنها كذبة بيضاء لإنقاذ زواجها أو تجد في هذه الكذبة سبيلاً لتهدئة الموقف وقتياً حرام؛ لأن للزوج حقاً بأن يكون أباً وله أبناء ويرى ذريته، وهي بهذه الكذبة تتلاعب بمشاعره وحقوقه، وتبني له أحلاماً وطموحات غير موجودة وليست حقيقية، وفي نهاية الأمر ستكشف هذه الكذبة، وعندها سيتعقد الأمر وستنجم عن هذه الكذبة كارثة، فأنا أرى أن مثل هذه الأكاذيب تعقد الأمور وتلقي بها في الهلاك، وأن الوضوح والصراحة في هذه الحالات أفضل شيء، وعلى الزوج أن يختار ما يريد فعله وهو على بينة من أمره وغير مضلل». • الممحاة بداية الحياة الزوجية فيما قالت أمل فروانة، الأخصائية الاجتماعية بمستشفى الملك خالد بالعيون: «الحمل الكاذب لإنقاذ الزواج لا يعدّ حلاً، وعلى الزوجين أن يتحدثا مع بعضهما البعض، ويتوصلا لحلول، وإذا لم يستطيعا فعليهما المحاولة للوصول لحل بواسطة الأهل أو الأقارب أو الأصدقاء لأخذ القرار الصائب، وإذا لم يتواصلوا فهناك العديد من عيادات الاستشارات الزوجية لتحسين العلاقة ومناقشة وحل المشاكل، فنحن في عام 2014، وأصبح التوصل لحلول مع الزوجين أسهل من قبل؛ وذلك لتطور الفكر ووسائل التواصل وتطور المجتمع ذاته، وأرى أن المجتمع ليس له دور في أن يجعل المرأة كاذبة، وأن الضغوطات التي تواجهها المرأة ليست مبرراً لها لأن تكذب، خاصة في شأن أمر حيوي مثل هذا، بأن تنقذ زواجها بحمل كاذب؛ لأن الحقيقة ستظهر آجلاً أم عاجلاً، وستكون هذه الكذبة عقدة جديدة في حياتهما».