×
محافظة المنطقة الشرقية

حرس حدود جازان يحبط العديد من عمليات التهريب الأسبوعين الماضيين

صورة الخبر

هناك مساران لحركة التاريخ؛ مسار إلى الوراء، ومسار إلى الأمام. وبما أن الزمان ذو أبعاد ثلاثة: ماضٍ وحاضر ومستقبل، وأن حركته تسير نحو المستقبل لا الماضي، فإن المسار الأول (السير إلى الوراء) هو مناقضة صريحة لقوانين التاريخ والمنطق (بوصف الزمان مقولة منطقية أيضا). في أوروبا، وقبل عصر التنوير والنهضة العلمية، كان الناس يظنون أن الماضي هو العصر الذهبي وأن السير بعيدا عن الماضي نحو المستقبل هو انحدار نحو الهاوية.. ولذا كانوا يقدسون كل ما هو قديم ويرفضون كل جديد. وما إن جاء علماء وفلاسفة التنوير حتى غيروا النظرة ووجهوا العقول نحو المسار الصحيح؛ فالاكتمال يقع في المستقبل لا الماضي. وهذا سبب في تطورهم. ولو ظلوا موقنين أن الماضي هو العصر الذهبي لما تحركوا إلى الأمام قيد أنملة. الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) هي نموذج على الآيديولوجية الرجعية (أي التي ترجع إلى الوراء). وهو نموذج شائع في ثقافتنا العربية الإسلامية.. فالماضي لا يزال هو الغاية. وقد خلطوا بين الدين والدنيا في هذا الصدد ورأوا أن عصر النبوة ــ بما أنه في الماضي ــ فالماضي أفضل.. وتجاهلوا أن تعاليم الدين ليس لها نقطة في الزمن.. فالمؤمنون موجودون في الماضي والحاضر والمستقبل. في أمور الدنيا وأحوال الاجتماع وشؤون السياسة والتعليم فالكلمة الفصل للجديد والطريف وليس للقديم. هكذا تجربة الحياة، كلما تقدم الإنسان شوطا في الزمان صار أكثر خبرة ودراية. لنتأمل حال داعش. هي تريد استعادة نموذج الخلافة الراشدة وهو نموذج سياسي قديم وليس من ركائز الدين كما بين الكثير من علماء الإسلام.. والعودة إلى ذلك الماضي ستكون متناقضة بشكل مرعب مع أوضاع الحاضر. أمام داعش ــ لو كتب لها البقاء رغم أنها لن تبقى ــ طريقان: الأول أن تعيش في حالة انقطاع عن العصر (تماما كما هو حال الآمش في أمريكا، أو إخوان الماضي) ممن يرفضون الكهرباء والسيارات وكل ما له علاقة بالتقنية العصرية. وهذا سيكون مستحيلا.. صحيح أنه يمكن لجماعة صغيرة أن تنعزل، لكن لا يمكن لدولة أن تقوم على هذا الأساس. الطريق الثاني هو أن تستجيب داعش لمطالب العصر.. وأول شيء هو أن تؤسس علاقات طبيعية مع دول الجوار وبالتالي دول العالم. فهذا ضروري من أجل إنعاش الاقتصاد وتوفير حياة رغيدة ومن أجل تعليم متطور وتكنولوجي.. وإقامة علاقات مع الدول الأخرى سيكون مستحيلا ما لم تغير الأيديولوجية التي تنهض عليها.. فعليها أن تعيد حساباتها وآراءها فيما يتعلق بالمذاهب الدينية والسياسية المختلفة. تلخيصا لما سلف، لكي تبقى داعش «دولة» ــ حسب حلمها ووهمها ــ فهي إما أن تنعزل عن العالم لكي تقيم نظام الخلافة على الطراز القديم.. وهذا مستحيل؛ فلا يمكن لدولة أن تعيش وهي منعزلة عن العالم. وإما أن تنخرط في العالم وتعيش حياة طبيعية، وهنا ستتحول إلى دولة عصرية كالدول التي تراها كافرة ومخالفة للشرع. هذه المعضلة ليس لها حل أمام أيديولوجية رجعية.. فالعصر اليوم لا يحتمل نموذج طالبان أو داعش.