جدة سعود المولد دعم الجيش العراقي وقوات المعارضة السورية.. ولا قوات برية قال وزير الخارجية، الأمير سعود الفيصل، إنه ليس هناك حدود لأي جهود يمكن أن تقدمها المملكة في مواجهة الإرهاب «إلا إمكانياتها»، وذكَّر بأن المملكة كانت دائماً مبادِرة بالدعوة إلى الوقوف أمام الإرهابيين والتصدي لهم. وأوضح وزير الخارجية، خلال مؤتمر صحفي في جدة أمس بحضور نظيره الأمريكي جون كيري عقب اجتماعٍ إقليمي لمكافحة التطرف، أنه لم يسمع من الأطراف المجتمعة أي تحفظ فيما يتعلق بالدور المطلوب منها لأن دول المنطقة مصممة على مواجهة البلاء الذي حل بها، مضيفاً «نرى اتفاقاً لا اختلافاً». واجتمع 12 من وزراء الخارجية برئاسة الأمير سعود الفيصل في جدة أمس لبحث آليات مكافحة التطرف والإرهاب وخصوصاً تنظيم «داعش» الذي احتل مساحات واسعة من الأراضي في سوريا والعراق وأعلن إلغاء الحدود بين البلدين مستغلاً أزمة سياسية عراقية وصراعاً سورياً ممتداً. وقال الفيصل إن «هذا الاجتماع يأتي في ظل تعاظم خطر الإرهاب في المنطقة وتزايد عدد التنظيمات الإرهابية التي تقف وراءه». ونبَّه إلى التأكيد خلال اجتماع أمس على أهمية الحفاظ على سيادة الدول ووحدتها واستقلالها وسلامتها الإقليمية، واصفاً الاجتماع بأنه «كان فرصة جيدة لبحث ظاهرة الإرهاب من مختلف جوانبها والغوص في جذورها ومسبباتها والحرص على الخروج برؤية موحدة لمكافحتها عسكرياً وأمنياً واستخباراتياً واقتصادياً وسياسياً وفكرياً». وحذر وزير الخارجية من أن الخطر بدأ ينتشر في المنطقة بكل شراسة و»هو ما لطالما حذر منه خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز ومنذ أمدٍ طويل»، مشيراً إلى كلمة خادم الحرمين في مطلع أغسطس الماضي حينما قال (إن من المعيب والعار أن هؤلاء الإرهابيين يفعلون ذلك باسم الدين، فيقتلون النفس التي حرم الله قتلها، ويمثلون بها، ويتباهون بنشرها، كل ذلك باسم الدين، والدين منهم براء، فشوهوا صورة الإسلام بنقائه وصفائه وإنسانيته). وأشار أيضاً إلى دعوة الملك عبدالله في حينه قادة وعلماء الأمة الإسلامية إلى أداء واجبهم في وجه التطرف والكراهية والإرهاب وتعبيره في الوقت ذاته عن خيبة الأمل من التزام المجتمع الدولي الصمت تجاه ما يحدث في المنطقة بأسرها. وذكَّر الفيصل في الإطار نفسه بالرسالة التي وجهها خادم الحرمين إلى قادة العالم عند استقباله عدداً من سفرائهم في الـ 29 من أغسطس الماضي وتشديده خلالها على أهمية محاربة آفة الإرهاب الخبيثة بالقوة والعقل والسرعة وتحذيره من أن إهمالها سيفضي إلى انتشارها في أوروبا وأمريكا في غضون أشهر قليلة. وقال وزير الخارجية إن «اجتماع أمس أكد أهمية التعامل مع الإرهاب من منظور استراتيجي شامل لا يقتصر فقط على دولة واحدة بل يمتد إلى التعامل مع الإرهاب الذي يضرب بأطنابه في دول ليبيا ولبنان وسوريا والعراق واليمن التي أصبحت ملاذا لهذه التنظيمات وشبكاتها وخصوصا فيما يتعلق بتدفق السلاح والعتاد إليها وفيما بينها، ولعل أكبر مثال على ذلك قيام تنظيم داعش الإرهابي بإلغاء الحدود بين العراق وسوريا والتحرك بكل حرية إلى الأراضي السورية بقواته وعتاده كملاذ آمن عند اشتداد القصف عليه في العراق». ولفت الفيصل إلى عنصر آخر تم بحثه أمس و»هو أهمية الوضوح في الخطط والسياسات وتقاسم المسؤوليات علاوةً على الجدية والاستمرارية في التحرك المطلوب للقضاء على التنظيمات الإرهابية»، محذراً من أن «التقاعس أو التردد لن يساعدا في اقتلاع هذه الظاهرة من جذورها بل ربما يشجعا على عودتها وبشراسة ولنا في تجربة السنوات الماضية أكبر مثال». وتابع «غني عن القول إن أي تحرك أمني ضد الإرهاب، ولكي يؤتي نتائجه المطلوبة، لابد وأن يصاحبه تحرك جاد نحو محاربة الفكر الضال المؤدي إليه وقطع التمويل عن الإرهابيين سواءً بالمال أو السلاح بما في ذلك مراقبة السلاح المتدفق من بعض الدول التي لا هم لها سوى زعزعة أمن واستقرار المنطقة والتدخل السافر في شؤونها وبعثرة أوراقها». وذكر الفيصل أن اجتماع أمس بحث أيضاً الأوضاع السياسية المضطربة في الدول التي يتمركز فيها الإرهاب و»هو الأمر الذي بات يتطلب تكثيف الجهود السياسية لدعم معالجة أوضاعها وعلى نحو يحقق اللحمة بين أبنائها بمختلف مكوناتهم المذهبية والعرقية وعلى مبدأ المساواة فيما بينهم في الحقوق والوجبات»، مشيداً بخطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمس الأول وبما حمله من مضامين وجدية في مكافحة الإرهاب بما في ذلك تأكيده على ملاحقة الإرهابيين أينما وُجِدُوا. ورداً على سؤال حول تدريب الجيش السوري الحر داخل الأراضي السعودية، قال وزير الخارجية «يوجد أماكن تدريب للجيش الحر في كل دول المنطقة المجاورة ولم أسمع أن السعودية كانت معقلاً لتدريبهم». من جهته، رأى جون كيري أن عقد اجتماع جدة الوزاري في يوم 11 سبتمبر «أمراً جيداً». وتعرضت الولايات المتحدة الأمريكية في 11 سبتمبر لهجمات استهدفت مرافق وأماكن حيوية، ويحيي الأمريكيون هذه الذكرى سنوياً. وقال كيري «اليوم جيد لعقد الاجتماع لأنه يوافق الـ 11 من سبتمبر بعد 13 سنة من الآثار والعواقب والكراهية، التي ماتزال حية في نفوس عديد من الأمريكيين». واعتبر وزير الخارجية الأمريكي، خلال المؤتمر الصحفي، أن «الاجتماع لم يكن ليحدث في وقت أفضل من هذا الوقت»، وأوضح «كل دولة ممثلة هنا، وعلى وجه الخصوص العراق التي ستكون جزءا مهما من جهد تدمير قوات داعش، هي شريك استراتيجي، وكل الدول المشاركة التزمت بلعب دور في هذه المهمة». وتوجه بحديثه إلى الأمير سعود الفيصل قائلاً «نحن شاكرون لسمو الأمير على تسهيل دعوة العراق مباشرةً بعد تشكيل الحكومة الجديدة، وهذا مؤشر للاعتراف بإيجاد تحول حقيقي في العراق». واعتبر كيري أن «التخلص من داعش هو تخلص من التشويه المشين الذي يحاول داعش أن ينشره حول العالم ليقول أن ما يقوم به هو تفسيره للإسلام، وهو ما لا يتفق مع الإسلام وتسامحه»، مشدداً على أن هذا التنظيم هو «منظمة إرهابية يقتل كل من يختلف معه». وعن ردة فعل روسيا وتصريحاتها عن وجوب إصدار قرار أممي يجيز التدخل في سوريا، أشار كيري إلى أن حكومة العراق هي من طلب من الولايات المتحدة ومن جيرانها مساعدتها و»بموجب القانون الدولي عندما يتم غزو بلد معين وتطلب هذه الدولة المساعدة من العالم فإنه يتوجب على العالم تقديم المساعدة لها»، حسب قوله. ورأى أن «من السخرية أن تثير روسيا موضوع العودة إلى مجلس الأمن» مذكِّراً بما يحدث في أوكرانيا ومبدياً تفاجؤه من إشارة روسيا إلى مجلس الأمن. وقال وزير الخارجية الأمريكي إن العراق لديه جيش وأن بعض قواته بحاجة إلى دعم وتدريب في هذا الإطار، مشيراً إلى أن خطة الرئيس باراك أوباما تعتمد على عدم وجود جنود أجانب على الأرض. وتابع «هناك المعارضة السورية والقوات العراقية، هي لديها القدرة التي بحاجة إلى إعادة تدريب وهذا سيكون كافياً».