كنت خارج المملكة عندما توفاه الله.. فدعوت له بما تيسر.. والفقيد عزيز من أبناء الوطن ممن مارسوا جزءا من حياتهم الدراسية في مكة المكرمة.. وانطلق بثقة ولي الأمر ليكون مديرا لجامعة الملك سعود في الرياض.. ثم تقلد وزارات توالت.. إلى أن استمر وزيرا للدولة.. وإنما رئيسا لأهم لجان مجلس الوزراء.. فكان العنصر الفعال.. والخفي ــ في ذات الوقت ــ لعديد من الدراسات والميزانيات والأعمال الهامة. وجميعه انحصر في الثقة التي اكتسبها من خلال عفته ونزاهته المشهودة. كلفه ولي الأمر ــ في ذات مرة ــ لوزارة البلديات في أيام الحج لغياب وزيرها الشيخ إبراهيم العنقري ــ يرحمه الله ــ خارج المملكه لظروف صحية مؤقتة ــ عندئذ ــ واتصلت به لأمر عاجل وهام يتعلق بوزارة المالية ومشروع تشغيل المجازر.. وكنت في حالة يحيطها الحماس وقليل من الغضب لتجمد الاعتمادات.. التي قد ينتج عنها رمي مئات الألوف من الذبائح في الشوارع.. فاتصلت به ــ يرحمه الله ــ مع علمي بقدراته المؤثرة في وزارة المالية من خلال اللجنة التي يرأسها.. إضافة لمسؤوليته كوزير مكلف للبلديات.. وعندما لاحظ اندفاعي.. بادرني بصوت هادىء يحدثني من خلاله عن قصة لـ « تكروني» مرت عليه أحداثها عندما كان يدرس في مكة المكرمة.. واستمعت إليه دون أن أفهم علاقة القصة بموضوع توقف اعتمادات المجازر البديلة ! وكنا في اليوم السادس من ذي الحجه.. وإنما شعرت برغبته في تهدئة الحماس أكثر من وعده لإنهاء الموضوع.. رغم أنه استوعبها ليؤدي مايلزمه فيها بهدوئه المحمود.. وهكذا كان شيخنا عبد العزيز الخويطر ــ يرحمه الله ــ.. شخصية فذة يغطيها الهدوء والثقة في النفس.. ويكسيها حب الوطن والخدمة بنزاهة وعفة.. وبما يرضي الله.. هو ابن بار لهذا الوطن المعطاء.. سار في دروبه عبر السنوات العجاف قبل أعوام الثمار الكثيرة.. ولم تؤثر فيه تلك أو ذاك .. ففي كل الأحوال والأزمان والمواقف.. استمر مخلصا لوطنه.. مؤمنا بمبادىء المحبة والخير ومواصلا عطاءه ــ دون تقاعس أو تراجع ــ في العلن وفي السر .. لوطن فيه حب للجميع.. وفيه خير أرض الله. رحم ويرحم الله العزيز «عبد العزيز الخويطر» وأسكنه ويسكنه ــ بمشيئته ــ فسيح جناته.