أبدأ من هناك، وأضرب مثلاً بهيئة التجارة الفيدرالية FTC في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تقدّمت بدعوى يوم 1 يوليو ضد شركة تي موبايل. ملخص الدعوى أن الشركة قد استخدمت وسائل ترويج وهمية فيها نوع من الاحتيال لجمع مبالغ إضافية من عملائها، مقابل إشراكهم بطرق ملتوية في خدمات الرسائل النصية المدعومة، مثل خدمات تحليل الشخصية عبر الأبراج الشهرية (الحمل، الدلو، السرطان..) وخدمات إطلاق النكات، وأخرى مشابهة. وكل خدمة تكلّف 10 دولارات شهريًّا، تُضاف إلى فاتورة العميل من حيث لا يدري يقينًا أن الخدمة طُلبت فعلاً، وهو بكامل قواه الذهنية والاختيارية. القضية ستكون حاسمة، وستعيد شركة الاتصالات غالبًا عشرات الملايين من الدولارات لعملائها المتضررين، كما ستدفع غرامات باهظة للحكومة الأمريكية ثمنًا للف والدوران، وسوء استغلال العميل. أمّا هيئة الاتصالات (في دولة خليجية ما)، فلا تحسن إلاّ الـوقوف في جانب شركات الاتصالات، خاصة تلك المحظية الأولى التي تتمتع بكل المزايا والأعطيات. كيف تفسر الهيئة الموقرة غض طرفها الأنيق عن التقارير المنشورة المتضمنة تلاعبات حدثت في فواتير الهواتف الجوال لشريحة كبيرة من المواطنين في عهد سابق، ويُقال إنه أثرى من ورائها موظف وافد هرب إلى خارج الحدود، وأنه اليوم مطلوب دوليًّا عبر الإنتربول؟ وهنا يتضح الفارق بين هناك وهنا في الدولة الخليجية، إذ من المستحيل أن تتملص تي موبايل هناك من التلاعب الذي حدث، وتلقيه على موظف مواطن أو وافد أو هارب أيًّا كان، فهي المسؤولة في النهاية، والموظف العابث هو جزء من مسؤولياتها وليس العكس. وعليه فالصواب أن تتحمل الشركة الوطنية الخليجية كل التبعات والأضرار الناتجة عن تحميل عملائها فوق ما هو مطلوب منهم. الشيء الآخر هو إصرار الهيئة الموقرة على تحديد سقف أدنى لسعر دقيقة الجوال، ضاربة بعرض الحائط أصول المنافسة في اقتصاد مفتوح، ومحملة المواطن تكاليف إضافية جعلت منه أكثر المتضررين مقارنة بمعظم دول العالم قاطبة، بل وصل الحال إلى ارتفاع متوسط سعر الدقيقة إلى قرابة 5 أضعاف متوسط السعر العالمي حسب إفادات المختصين والاقتصاديين. salem_sahab@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (2) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain