لا يمكن لأي مواطن أمريكي أن يفكر بالترشح لأي موقع هام، خصوصا منصب الرئاسة، إلا إذا حصل على تزكية من اللوبيات المتنفذة، فهي صاحبة القول الفصل، وسبق أن كتبت كثيرا، وقلت إن الولايات المتحدة بلد مؤسساتي عريق. هذا، ولكن ديمقراطيته منتقاة، وربما يحسن التذكير بحقيقة أنه من الممكن أن يفوز المرشح بالرئاسة، رغم أنه لم يفز بأغلبية أصوات الناخبين، وهذا ما حصل، لآخر مرة، عندما فاز الجمهوري، جورج بوش الابن، على الديمقراطي، ال قور، في انتخابات عام 2000!!، وعليكم أن تعلموا أن هناك أحزابا سياسية كثيرة، ولها مرشحون، في كل انتخابات رئاسية، مثل حزب العمال، وحزب الإصلاح، وغيرها، ولكن لا يمكن أن يفوز بالرئاسة إلا مرشح أحد الحزبين الرئيسيين، الجمهوري، والديمقراطي!! هذا ليس انتقاصا من واحدة من أعرق الديمقراطيات، ولكنه الحقيقة التي لا يريد أن يقر بها أحد، وما يقال عن السياسة ينطبق على الإعلام، فالمفكر، نعوم تشومسكي محاصر، ولا يمكن أن يسمح له بالكتابة بأي من الصحف الأمريكية الكبرى، أو حتى الصغرى، كما أنه ممنوع من الظهور في أي وسيلة إعلامية مرئية، ولعلكم تعلمون قدر هذه القامة العلمية، على المستوى العالمي، منذ عقود، ففي أمريكا، تستطيع أن تكون مفكرا عظيما، تتسابق عليك وسائل الإعلام، في حالة واحدة فقط، وهي أن تحمل معك «بصمة الموافقة» من اللوبيات المتنفذة، ولذا لا غرو أن يكون فؤاد عجمي، والذي توفي مؤخرا، نجما بارزا في الإعلام الأمريكي!!، ويكون تشومسكي منبوذا، في مفارقة لا تحصل إلا في بلد الأحلام. السيدة هيلاري كلينتون نجمة سياسية، فهي زوجة واحد من أنجح الرؤساء، وأذكاهم، وقد تمكنت من الفوز بمقعد في مجلس الشيوخ، عن ولاية نيويورك، بعد مغادرتها البيت الأبيض، وكانت تحلم في أن تكون أول امرأة تتسنم منصب الرئاسة، وقد كانت مواجهتها لباراك أوباما، في عام 2008، في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، واحدة من أشرس المعارك الانتخابية في التاريخ الأمريكي الحديث، وقد خسرت في اللحظة الأخيرة، ولكنها عملت وزيرة للخارجية مع أوباما في فترته الأولى، وعينها على كرسي الرئاسة، ويبدو أنها الآن تحت نظر وسائل الإعلام، فقد قسا عليها الإعلام الأمريكي مؤخراً، بعد مقابلتها مع جريدة الجارديان البريطانية، فهي، وزوجها الرئيس السابق أصبحا في عداد الأثرياء، وبدلا من أن تعترف بذلك على أنه حق من حقوقها، كمواطنة أمريكية في أرض الأحلام، حاولت هيلاري التحذلق حول هذا الأمر، وهو ما أغضب الجميع، فهل يا ترى يعتبر هذا بداية متعسرة للحالمة بالسكن في البيت الأبيض، أم أن الإعلام يحاول «تطهيرها»، قبل دخولها الرسمي لمعركة الرئاسة، في 2016، تماما كما فعل ذات الإعلام مع باراك أوباما، قبل خوضه ذات المعركة، في 2008؟!!.