عندما سئل (إمام) لماذا تصلي بالناس التراويح بقصار السور؟ قال لكي أضم أكبر عدد من المصلين! ففي هذه المنطقة حيث يكثر العمال والصناع، يجب التخفيف. واستطرد يقول: كنت في بادئ الأمر أصلي بقراءات من سور طوال، فأخذ عدد المصلين يتناقص، وعندما صليت بقصار السور عاد المسجد إلى الامتلاء؟. وتذكرت ذلك، حيث إنني كنت متضايقا عندما صلى بنا إمام المسجد الكبير في إحدى العواصم العربية صلاة التراويح كلها ببضع آيات من سورة الرحمن! وكان عدد المصلين لا يزيد على صف واحد. وكنت أعتقد أن ذلك كان تهاونا من إمام كان في استطاعته أن يطيل ساعات الوصال بين المصلين والرحمن في ليالي الرحمة الغفران؟ ولكن أدركت أن الاحتفاظ بأكبر عدد من المصلين ربما يكون ــ من وجهة نظر الإمام ــ أفضل من الإطالة في الصلاة؟. والواقع أنه ليس هذا ولا ذاك، وإنما هي عمق الإيمان وقداسة المكان وحسن التلاوة؟. وأكبر من هذا وذاك هو هداية الرحمن لعباده الذين استضافهم في بيت من بيوته الكرام. وأصدق دليل على ذلك ما يشاهد في المسجد الحرام، وفي المسجد النبوي الشريف، مئات الالوف من المصلين خلف إمام يتلو (جزءا) كاملا من القرآن وهم في خشوع وتسامٍ ولا كلل ولا ملل ولا انتظار السلام للانصراف، بل جلهم يطلب المزيد من نفحات الرحمن؟. فهنيئا لمن كتب له الله قيام ليالي، أو حتى ليلة من ليالي هذا الشهر الكريم في تلك الأماكن المقدسة حيث تستجاب الدعوات وتضاعف الحسنات.