رمضان وأيامه ولياليه قبل نصف قرن لم يكن مثل حاله اليوم، النقلة التي حدثت طوال الحقب الماضية طمست كثيرا من الظواهر المتوارثة ليس في المظهر فحسب بل في الجوهر والمخبر، فالحياة الصعبة والطبيعة الجافة وقتذاك تقابلها اليوم حياة مترفة وسهلة. يقول العم حمد إبراهيم الدليقان (87عاما): عشنا في الزمن الماضي دون أجهزة تكييف، موجات الحر تمر بنا فنعالجها بالغطس في برك الماء كي تخف حدة الحرارة واليوم نعيش في نعم كثيرة، حيث أجهزة التكييف تملأ المنازل والسيارات. في الماضي لم تكن هناك تنوع في الأطعمة وكان الناس يكتفون بالتمر والماء واليوم أصبح الناس يتنافسون على ألذ المأكولات وأفضل المشروبات . يضيف الدليقان: كنا نأكل في رمضان بعض الوجبات التي نصنعها بأيدينا مثل الدخن وهي أكلة مفضلة تصنع من الحبوب وكنا نأكل السويق وهو نوع من الشعير يطبخ على النار. السويق والغجارة أما العم عبدالله الناصر النعيم (70سنة) فيعلق بالقول إن السويق يطبخ على النار ويطحن ليكون وسطا بين الناعم والخشن وفي الماضي نشرب (الغجارة) الذي يقوم اليوم مقام العصائر وهو نوع من النبات يستخرج منه العصير، وسألنا العم النعيم عن الألعاب التي يمارسها الناس في رمضان فقال: من الألعاب المشهورة لعبة (الكعابة) وهي التي تؤخذ من أجسام الأغنام بعد ذبحها، وهناك أيضا الملاحق وهي لعبة ينقسم فيها اللاعبون إلى فريقين كل فريق يلاحق الآخر حتى يسقطه، وهناك لعبة اسمها (البعة) والبعة قطعة خشبية محدبة الطرفين وقد انقرضت اللعبة اليوم وحلت بدلا عنها الألعاب الألكترونية التي سيطرت على المنازل. عشاء الوالدين من العادات الرمضانية (عيد الحقاق) وقد انقرضت ولكنها بدأت في العودة في قرية العوشزية (18 كيلو شرق عنيزة) وفي حي أم شان وسط عنيزة، ويقول العم عبدالله بن محمد الشبل (60 سنة) إن الكثير من العادات القديمة في رمضان انقرضت مثل عشاء الوالدين وهي التي يعملها الناس مبرة لوالديهم، حيث يطبخون وجبة العشاء من الأكلة الشعبية المعروفة محليا (بالجريش) ويتم توزيع الوجبة على الجيران والأقارب وهي وسيلة للتواصل بين الجيران وأهل الحي.