أكثر ما يزعجنا، التعامل غير الجيد مع الحالات الإنسانية التي تستدعي التجاوب السريع وعدم التأخير مراعاة لحالات طارئة. التعامل البارد والجاف قد يؤدي إلى زيادة المآسي والأحزان وتفاقمها وبخاصة في حالات الوفيات أو الأخطاء الطبية أو الأمراض المفاجئة وما شابه ذلك من أمور تتطلب تعاملاً فائقاً يخفف كثيراً من وطأة الصدمة على أهل المصاب، حيث يبدون في مثل هذه المواقف في أوضاع لا يُحسدون عليها. المسئولون في مستشفى بريدة المركزي وفي مستشفى الملك فهد التخصصي أبدوا تعاملاً غير مقبول ولا يمت بصلة للتعامل الإنساني المطلوب في حالات يُفترض أن يتقاطر الجميع للوقوف والتخفيف عن أهل الميت، وذلك عندما رفضوا استقبال جثة سيدة وافاها الأجل المحتوم في منزلها لاستكمال الإجراءات الرسمية حيال دفنها. بدأت تفاصيل الحادثة عندما حضر رجال الهلال الأحمر لمنزل الفقيدة بناء على اتصال من ابنها للتأكد من وفاتها، وتم استدعاء مسؤول نقل الجنائز والذي بدوره تواصل مع المستشفيين فرفضا استقبالها بحجة عدم وجود شواغر في ثلاجات الموتى، وانتظر الجميع على أعصابهم أكثر من ثلاث ساعات قضوها بين القلق والحيرة إلى أن جاء الفرج بالتوجيه بنقل الفقيدة إلى ثلاجة مستشفى البكيرية البعيدة عن بريدة مقر أسرة المتوفاة بما يزيد على أربعين كيلاً. هذه ليست المرة الأولى التي تحدث فيها مثل هذه الوقائع في مستشفيات بريدة، فقد رفضت سابقاً طلبات لإدخال مرضى في حالات حرجة جداً غرف العناية المركزة بحجة عدم وجود أسرّة شاغرة ما أدى إلى تدهور أحوالهم الصحية وسط غرف التنويم العادية والمكتظة بالمرضى، وبالتالي مفارقتهم الحياة رحمهم الله جميعاً. في حالة جثمان السيدة المتوفاة - رحمها الله - قد يكون الوضع أقل وطأة من حالة مريض بين الحياة والموت، لكن ثمة تساؤلات كثيرة تتداعى في ذهن المراقب بناء على مؤشرات حاضرة، ومن هذه الدلائل القوية جداً والتي تدين المسؤولين في تلك المستشفيات عدم وجود شواغر سواء في ثلاجات الموتى أو في غرف العناية المركزة، أو في بعض الأحيان في غرف المرضى أو العمليات الجراحية أو المواعيد ونحوها من الخدمات الصحية المختلفة التي يطالب بها المريض. التساؤلات في ذهني بناء على هذه الحالة وغيرها لا تنقطع.. أستدعيها كلما وصلني من المرضى شكاوى، وفي أوقات عندما أقرأ عن بعض تلك الشكاوى في الصحف أو المواقع الإلكترونية، من هذه التساؤلات، ألا يُوجد حل سريع وعاجل لعبارة عدم وجود أماكن شاغرة وبخاصة في المواقع الحساسة مثل غرف العناية المركزة، وثلاجات الموتى؟.. لماذا لا يتم رفع الطاقة الاستيعابية كي تلبي كل الطلبات؟.. لماذا لا توفر الشؤون الصحية بدائل عملية بدل اللجوء لنقل المريض أو المتوفى إلى مستشفيات بعيدة وخارج المدينة، وهو الأمر الذي يُسبب الكثير من المتاعب لذويهم عند التنقل للزيارة أو استكمال إجراءات الدفن ونحوها.. من هذه البدائل تأمين ثلاجات احتياطية ووضعها للطوارىء؟. أعتقد أن هناك خللاً في عمليات التنظيم توجب على الشئون الصحية بالقصيم الاستعجال في تداركه وإصلاحه بدلاً من وضع الناس في مواقف لا يحسدون عليها، ومعلوم أن الدولة - وفقها الله - تضخ أكثر من تسعين ملياراً سنوياً لقطاع الصحة فأين العذر؟.. أجزم بعد هذا بأنه لا يوجد عذر إلا التقصير واللا مبالاة.