كرسي متحرك، وبطاقة تحمل أقل قدر ممكن من المعلومات.. لسنا بحاجة لما هو أكثر هنا، فليكن: الاسم، الجنس، وتاريخ الميلاد. لكنهم لم يغفلوا عن أن يكون الاسم رباعيا على كل حال، ماذا لو اجتمع شخصان يحملان الاسم الثلاثي ذاته، في الوقت نفسه، بغرفة الطوارئ في مشفى - بعينه - في الرياض؟ قد يحدث ما هو أسوأ، وتختلط الأدوية والحقن والتدخلات الطبية المستعجلة، قد يحاول أحدهم أن يحصل على نصيبٍ مضاعف من المسكنات المنقذة. فليكن نيابة عن الجميع، لن تكشف هذه النكاية ببساطة. حيث لن تؤخذ مطالبات الفرد الآخر بنصيبه - المسروق - من المسكنات، النظام يخبر بأنه قد سبق له أخذ جرعته، ولن يحفل أحد بمطالبات تزيد حدة تحت وطأة الألم العابر في غرفة الطوارئ. قد يستيقظ أحدهم من تخديره صارخا: لكنكم أزلتم قدمي! عليكم اللعنة، أين قدمي؟ بينما لن يفهم الآخر لِمَ كان الشق في صدره لا قدمه؟ ووحدها الفوضى ستعم المكان. فليكن: الاسم رباعيا، الجنس، وتاريخ الميلاد. كان الاسم الرباعي شرطا في نماذج المدارس، ثم أوراق الاختبارات الجامعية، فنماذج التقدم للوظائف، والآن؟ اسمي رباعيا يتصدر كل بريد مرسل عبر الإيميل الرسمي ولأسباب تتعلق بجهة حكومية بعينها. فلمَ تزعجني فكرة أن يحتل هو الآخر مسافة شاسعة في سوار يحاصر يدا تستسلم أخيرا أمام الألم؟ يناديني الطبيب أخيرا باسم عائلتي، وأجيبه: نعم، أنا روان. تتدارك والدتي الموقف، وتؤكد للطبيب الغارق في أوراقه أنها أنا، صاحبة العائلة المذكورة، وأكرر: بل روان. فيضحك دون أن يفهم لهذا الإصرار معنى. وبلى.. أتذكر كيف اشتكت إحدى معلماتي أنني لا أجيبها حين تناديني، وتحججت حينها الصغيرة –بسنواتها العشرة - أن معلمتها لم تأتي بذكر اسمها، بل اسم عائلتها، بينما هي لها اسم تحبه. ثم وبعد سنوات طويلة، سمعت لأول مرة فيروز وهي تعزز لاختيار اسم بعينه: أسامينا.. شو تعبوا أهالينا تلاقوها. بعيدا عن الاسم الرباعي، وقريبا من ألم ينخر عميقا بالجسد.. ما زلت لا أفهم حتى اليوم، وبعد سنوات طويلة ونكسات صحية عديدة، فكرة أن يتداعى الجسد.. أن تنتفض أعضاء متفرقة، تعاطفا مع عضو بعينه، لا لتساعده، بل جانحةً صوب أكثر طرق التعاطف وحشيةً وتطرفا. ذاهبة نحو الحضيض معه، فلتكن رحلة بوجود رفقة. وأنا قلبي حين اشتكى، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.