أمَاكِن تَجمُّع النَّاس عَبر التَّاريخ تَتدرّج مِن مَكانٍ إلَى مَكان، وتَتحوّل مِن زَمانٍ إلَى زَمان، فمَثلاً، كَان النَّاس يَجتمعون في بدَاية البَشريّة حَول الخُضرة والمَاء، ثُمَّ تَدرّج الوَضع، فصَاروا يَلتقون في المُنتديات، وكُلّنا نَعرف -في أيَّام الجَاهليّة- أنَّ مُنتدَى دَار النَّدوة يُشكّل نُقطة لالتقَاء النَّاس، وهَكذا تَطوّر الوَضع، ثُمَّ جَاء الإسلَام؛ فأصبَح النَّاس يَلتقون في المَسجد عَقِب كُلّ صَلَاة، ويَتوَاعدون عَلى صَلاة الجُمعة؛ ليُسلّم بَعضهم عَلى بَعض..! وقَد كَان اللِّقَاء في المَسجد مُهمًّا ومُنظّماً، بحَيثُ إذَا غَاب الفَرد سَأل النَّاس عَنه، ولازلتُ أتذكَّر أنَّنا في طفُولتنا في حَارة المَصانع -في المَدينة المُنيرة- كُنّا إذَا لَم نَحضر لصَلاة الجَمَاعَة؛ سَألَنا البَعض الذي يُصلّي في المَسجد: لمَاذا لَم نُرَاكم وَقت الصَّلاة؟ أو كَما كَانوا يَقولونها بالعاميّة: "يَا بُويا مَا شُفناك في المَسجد اليَوم.. فِينك؟ سَلَامَات؟ عَسَى مَا شَرّ؟! الآن -سُبحان الله- بَعد أن جَاء "تويتر"، أصبَح هو مُلتقى الدُّنيا وجَامِع النَّاس، وأتذكَّر مَرَّة أنَّني غِبتُ عَن "تويتر" لمُدّة يَومين، فاتّصل بي الصَّديق النَّبيل والكَاتِب الجَليل "عبدالعزيز الخِضر" قَائلاً: سَلَامات يَا "أبوسفيان".. لِيش غَايب عَن "تويتر"..؟! بَعد كُل هَذا أقول: إنَّ "تويتر" أصبَح إحَدى وَسَائل صِلة الرّحم، إن لَم يَكن أبرزها، فنَحنُ نَلتقي مَع الوجُوه التّويترية في اليَوم مرّتين أو ثَلاثاً، وكُلّ حَسب تَغريدته، وإذَا افتَقدنا أحداً سَألنا عَنه وقُلنَا لَه: "ليش مَا نشُوفك في تويتر"؟ وهكَذا أصبَحنا نعدُّ الغَائبين، ونُغرّد مَع الحَاضرين..! حَسناً.. مَاذا بَقي؟! بَقي القَول: أيُّها القَوم -كَما تُلاحظون- وَسَائل التّواصُل والتّقارُب والالتقَاء تَتبدّل وتَتغيّر، ولَكن الثَّابت هو الوَصل وصِلَة الرَّحم، وهَذه سُنّة الحيَاة، فقَد كُنّا قَبل 30 أو 40 سَنة نَستخدم رسَائل البريد، ونَنتَظر سَاعي البَريد ليُهديها لَنَا، والآن عَبر "تويتر" و"الوَاتس أب" نَتواصَل ونَتلَاقَى في غيَاب الرُّقبَاء والعُذّال والشّامتين..!!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (20) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain