* الجمهور يبحث عن سبب * شكا مسؤول أول لأحد المهرجانات العربية أن الجمهور قلما يقبل على التظاهرات الخاصة وأفلام التكريم والبرامج التي تعرض أفلاما غير حديثة. قال: «جرّبنا كل شيء، لكن القاعات تبقى خاوية عندما يكون الفيلم جزءا من تكريم شخصية معينة»، وأضاف: «الوضع ذاته بالنسبة لمعظم التظاهرات الجانبية، تلك التي تكون نوعا من الاسترجاع أو عروضا خاصّة. الجمهور عندنا يتقيد بما هو جديد فقط». هذا مؤسف خصوصا عندما نلاحظ في المهرجانات الكبيرة كلها شغف الجمهور بالقديم والجديد على حد سواء. بالأفلام القديمة وبالتظاهرات التكريمية كما بأفلام المسابقة التي تعرض أحدث الأعمال. لماذا هذا التفاوت؟ هل يكمن في أن الجمهور العربي لا يريد أن يعلم؟ أم في أنهم في الغرب ما زالوا يحبون البحث في الجذور؟ أم هي غلطة المهرجانات العربية التي لا تعرف كيف تسوق لبضاعتها؟ جرّب الأسباب الكامنة في هذه الأسئلة بكاملها: نعم الجمهور العربي الذي يؤم المهرجانات لا يكترث كثيرا، وبأغلبه، إلى الأفلام القديمة. ونعم الجمهور الغربي على علاقة وطيدة أكثر وأفضل مع أصل السينما وجذورها، ثم نعم، لا تعرف المهرجانات العربية كيف تثير اهتمام الجمهور المحلي بالعروض خارج إطار الأفلام الجديدة. أولا، هناك طبيعة الأمور وهي هنا تفرض في أن معظم المشاهدين سيواظبون على تفضيل الأفلام الحديثة على سواها. هذا ليس في مهرجاناتنا فحسب، بل في المهرجانات العالمية بأسرها. لكن هذا لا ينفي أن نسبة كبيرة (تكفي لملء الصالة) من الجمهور الغربي تقصد الأفلام القديمة أو العروض الاستثنائية والتظاهرات الجانبية حين إقامتها في مقابل عدد محدود من هواة السينما والعاملين فيها. ما يدفع هؤلاء حبهم الرائع للسينما على نحو عام وثقافتهم التي يدركون من خلالها أن الشغف بسينما اليوم يجب أن لا يكون على حساب سينما الأمس. وليس الأمر نوستالجيا في معظمه، بل هو تأكيد على ثقافة الفيلم ودورها في صياغة الهواية السينمائية التي يتمتع بها هؤلاء. ولا أعتقد أن المشكلة تكمن في إقامة مثل هذه التظاهرات الخاصة في مهرجاناتنا، بل كيفية إقامتها. في بعض المهرجانات العربية يتم تعليب التظاهرة بما تحتاجه من أفلام ثم وضعها أمام الجمهور والطلب منها أن تمشي. لك أن تتخيل واحدة من الألعاب القديمة التي كانت تتطلب تحريك مفتاح إلى جانبها وحين يمتلئ تترك اللعبة على الأرض فإذا بها تتحرك حسب المقصود لها ثم تتوقف بعد حين وعليك أن تدير المفتاح مرّة أخرى. هذا ينفع لتلك اللعبة لكن التظاهرة السينمائية تريد شيئا مختلفا.