في دعوة لبلد أفريقي كان من ضمن البرنامج القيام برحلة داخل الغابات، ولمدة أربع ساعات تنتهي إلى فندق للراحة وتناول الغداء ثم الاستمرار داخل طرق الأجمات غير المعبّدة حتى المغيب، ثم نأوي إلى فندق لتناول العشاء والمبيت. وهكذا إلى أن وصلنا مومباسا- جنوب كينيا. الموضوع ليس برنامج الرحلة ولا متعتها. الموضوع يتعلق بدقة الحراسة، لا من الوحوش ولكن من البشر الذين يحدث أن تقصدوا السياح بأذى أو مكروه. في كل محطة وقوف يتغيّر الحارس الرسمي الذي يتقلد مدفع كلاشنكوف وحزام ذخيرة. وعلمتُ أن هذا "الدعم" ليس ضد الوحوش، فالسيارة مُحصنة بالفولاذ، والوحوش تقف لمشاهدة السيارة ولا تقترب منها، والحاجة إلى الرشاش - إذاً - غير موجودة إلا ضد بنى البشر، قصدي العابثين منهم. قلت في نفسي أثناء الرحلة إن الحراسة لم تعد من الوحوش الضارية، والوحوش لا تحتاج إلى رشاش سريع الطلقات.. ! ألم يقل المتنبي : أمُعفّر الأسد الهزبر بسوطهِ لمن اتخذت الصارم المفتولا ثم قصة الشاعر ببطن خبت . "وقد لاقى الهزبر أخاك بشرا" فنقول إذاً إن الحراسة والكلاشنكوف والمسدسات صُنعت لحراسة البشر من البشر. وهذا ما خلق التوسع الكبير في خدمات الأمن والحراسات. وفي الخارج يستطيع الميسورون استئجار من يحرسهم على مدار الساعة. والخدمة تُسوّق بأسعار عالية جدا، وأيضا متنوعة. فهناك الحراسة العلنية وأُخرى سرّية لا يطّلع العميل على تفاصيلها، وقد نجد في ردهة (لوبي) فندق رجلا شرقيّا أو اسرته جالسين، وما أن تقترب منهم دون علم مُسبق حتى يهجم عليك رجال أشداء، وبطريقة فهم واحتراف، يحاولون إبعادك، وقد يتطلب الأمر عُنفا. اصطدمتْ تلك العادة المتبعة في الغرب بالعرف السائد عندنا. فالشرقي " يهجم " على معارفه ويأخذهم بالأحضان.. ! وقد تُكلفهُ تلك " لوية ذراع " أو " هصر " كتف . لأنه لا يعلم أن " المعزّب " تحت الحراسة السرية المدفوعة الأجر. وعناصر تلك الشركات من المدربين، ولا تُمانع الشركة من توظيف أصحاب سوابق، لأن المسألة كسب وأكل عيش.. ومن العرب من رأى في الحراسة الشخصية اعتبارا وهيبة ومقاما تميزه عن سائر الناس. وآخرون احتاجوا حراسة لشخصيتهم وثانية للأسرة، ولكل ناحية مهارة غير المهارة الأخرى وفلوس وشروط مُقيّمة و" مدروسة ". هل تذكرون حادث الأميرة ديانا ؟ قيل إنها ورفيقها كانا مضرب الأمثال في تعدد أنواع عناصر الحراسات، وحتى الآن لم يعرف أحد ماذا حدث. أخاف المسألة " حاميها حراميها ". وقاكم الشر في سفركم وإقامتكم..