مكسيكو سيتي: كارلا زابلودوفسكي يواجه برنامج إصلاح التعليم الذي تبنى عليه توقعات كبيرة في المكسيك، والموجه للتخلص من المعلمين أصحاب الأداء المتدني، كما يضع معايير تعيين مهنية ويضعف اتحاد المعلمين القوي، عقبة الأسلوب المجرب والناجح للغاية في تلك البلاد؛ والممثل في مظاهرات الشوارع الضخمة، التي أدخلت العاصمة في حالة من الفوضى. حشدت مجموعة راديكالية من المعلمين الآلاف من أعضائها في مكسيكو سيتي الأسبوع الماضي، حيث طاردوا المشرعين في مكاتبهم واحتلوا الميدان الرئيس التاريخي في المدينة، ليحولوا دون إمكانية الوصول إلى الفنادق والمطار الدولي ويهددوا بشل المدينة المكتظة بالأساس تماما خلال الأيام المقبلة. وتشير هذه التعبئة، بحسب محللين، إلى مدى الصعوبة التي يحتمل أن يواجهها الرئيس إنريكي بينيا نييتو في التغلب على هذا التغيير وغيره من التغييرات الأخرى، التي قد دفع بها منذ توليه منصبه في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ومن بينها إصلاح في مجالي الطاقة والاتصالات عن بعد تم اعتباره ضروريا لإحياء الاقتصاد. بالفعل، أغفل المشرعون، الذين تجاوزوا المخططات الأساسية لبرنامج التعليم في ديسمبر ويتفاوضون على تشريعات إضافية مطلوبة لتنفيذه، أحد أهم نصوص مشروع القانون؛ مطلبا تقييميا يهدف إلى وقف الممارسة المعتادة (في هذا البلد)؛ الممثلة في شراء وبيع وظائف التدريس، إلى جانب وضع آليات لإقالة المعلمين ضعيفي الأداء. يقول سيرغيو أغوايو، محلل سياسي بكلية المكسيك: «ما حدث خطير جدا. مدينة مختطفة وإصلاح مفكك». لقد ركز بينيا نييتو على نظام التعليم الحكومي لأنه ومحللين آخرين قد طالبوا بأن يكون عنصرا أساسيا في الانتقال بالمزيد من الناس إلى الطبقة المتوسطة. تأتي المكسيك في المرتبة الأخيرة في درجات الاختبارات المعيارية بين الدول في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. المعلمون يشترون أو يبيعون أو يرثون المناصب؛ كما لو كانت أملاكا موروثة للأسرة. إن إقالة المعلمين ضعيفي الأداء يعد أمرا مستحيلا في واقع الأمر، حتى مع توجيه اتهامات لهم بالاعتداء الجنسي أو البدني. غير أن هذا العام بدأ مصحوبا بأمل في أن ثمة تغييرا ما قادم؛ حيث وافقت الأطراف السياسية الرئيسة على العمل معا من أجل تمرير الإصلاح. في فبراير (شباط) الماضي، تمت إقالة الزعيمة المبجلة القوية لاتحاد المعلمين الرئيس، إلبا إستير غورديو، من منصبها وحبسها بتهمة الاختلاس، وهي تهمة نادرا ما توجه لشخصيات مؤثرة هنا. لكن في أبريل (نيسان) الماضي، بدأ فصيل صغير ولكن مسلح من الاتحاد في الضغط مجددا من خلال مظاهرات عنيفة في ولاية غيريرو، بما في ذلك إغلاق الطريق السريع الذي يصل مركز أكابولكو السياحي بمكسيكو سيتي. بعدها، شل المتظاهرون الحركة في أجزاء من ولايتي أواكساكا وميتشواكان، في الجنوب والغرب. وفي الأسبوع الماضي، نزلوا بمكسيكو سيتي، حيث حولوا الميدان الرئيس إلى مخيم، ليفرضوا تغيير مسار ماراثون مكسيكو سيتي، المقرر إقامته يوم الأحد. وسدوا المبنيين التابعين لغرفتي الكونغرس (المكسيكي)، مجبرين الهيئة التشريعية على الانعقاد في مركز مؤتمرات. تقول إدنا خايمي، مديرة «مكسيكو إفالوا»، وهي مجموعة أبحاث سياسية عامة: «رئيس الدولة ووزير التعليم لا يشنان حربا من أجل الإصلاح. إنهما يقترحانه ويتركانه منفردا». وقالت خايمي إنها تؤمن بأن الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات يخشون من إشعال النزاع من خلال المواجهة المباشرة. وفي يوم الجمعة، دافع بينيا نييتو عن المقترح، قائلا إن المعلمين الذين عارضوا التغييرات قد أساءوا فهمها. وقال: «سوف يمنحهم إصلاح التعليم فرصا لا يملكونها اليوم. الإصلاح يفيد معلمي المكسيك لأنه مصمم لمنحهم استقرارا وظيفيا وقواعد واضحة وضمانا للترقي في إطار نظام التعليم الوطني». لقد انصب معظم العداء من جانب المعلمين على التقييمات. فالقانون الجديد من شأنه أن يجعلها إلزامية كل أربع سنوات. من الممكن أن يحاول المعلمون الذين فشلوا في اجتياز تقييم ما، مجددا بعد عام، ولاحقا بعد عام تال. وبعد إخفاقهم ثلاث مرات، سيتم نقل المعلمين المثبتين إلى مناصب إدارية، فيما قد تتم إقالة المعلمين الجدد. يقول فلوريبرتو أليخو، 50 عاما، وهو معلم أتى من ولاية أواكساكا يوم الاثنين: «هذا التقييم عبارة عن ستار للبدء في إقالة أقراننا». ويشير أليخو إلى أن الإصلاح المقترح يمثل خطورة بالنسبة لأقدمية المعلمين. يقول أليخو: «إصلاح التعليم، المليء بالحيل، في الطريق نحو خصخصة التعليم». ويشير إلى أن التغيير يهدف إلى إقالة كثير من المعلمين، ولأنه يصعب على أولياء الأمور مهمة العثور على مدارس حكومية يعمل بها فريق عمل كامل، فبالتالي يجبرهم هذا على إرسال أبنائهم إلى مدارس خاصة». في الأسبوع الماضي، ألغى الكونغرس ذلك الشرط من مشروع القانون، مشيرا إلى أنه ستتم مناقشته في موعد لاحق. يقول سيرغيو كارديناس، وهو خبير تعليم في مركز البحوث والدراسات الاقتصادية، وهو مركز بحثي معروف في نيومكسيكو: «إذا ما تم حذف هذا المحتوى من القانون بهدف تجنب الصدام، فسيكون الإصلاح غير حاسم عمليا ولن يأتي بأي تأثير». في يوم الجمعة، تدخل المدينة في حالة أقرب إلى الشلل التام. فأحيانا ما يستغرق التنقل حول المدينة، في بعض الأماكن، من ضعف إلى ثلاثة أمثال الفترة المعتادة. وقامت «إيرومكسيكو»، شركة الطيران الرئيسة بالدولة، بالتنازل عن تحصيل رسوم تعديل الرحلات من المسافرين الذين فاتتهم رحلاتهم الجوية، فيما عرضت المحطات التلفزيونية طرقا بديلة للوصول إلى المطار وإلى الضواحي الأخرى. يقول المحلل السياسي أغوايو: «هذا هو تعبير دولة تغرق في حالة من العنف. لا توجد أية قدرة على فرض قواعد ديمقراطية». * خدمة «نيويورك تايمز»